كثير من المعلمات والمعلمين يتفقون بسخاء صحتهم و جهدهم و مالهم على عملهم دون انتظار أي مقابل من احد ، واحد هذه الامثلة المعلمة المتميزة عبير سويلم في المدرسة السابعة في وسط الرياض والتي كان لديها فكرة رائعة سعت الى تنفيذها رغم أنه ليس مطلوب منها ذلك ولأنها لم تكتف بالتنفيذ بل عملت على تنفيذها بشكل متميز من خلال دفع مبالغ كبيرة من حسابها الخاص لتوفر لفكرتها كافة عوامل النجاح. ومع كل هذا الجهد لم تسع المعلمة الى التعريف بجهدها ومشروعها اعلاميا ولم تسوق لنفسها و لكن اتصال احدى المشرفات التي زارت المدرسة و رأت هذا العمل الجميل وطلبت التعريف به لانها رأت فيه مشروعاً رائعاً من الضروري المساهمة في نشره وزودتنا بهاتف المعلمة و التي اوضحت قائلة لم تكن فكرتي و ليدة التو واللحظة بل كانت نتاج مدة من الزمن عشتها في أروقة التعليم بدءا بدراستي كطالبة و انتهاء بموقعي كمعلمة، و تعايشي مع قيادات مركزية فلم أشأ أن أسير على نفس المنوال مع طالباتي لذا فمن خلال قربي منهن وجدت أن الكلمات الحانية تبني، والكلمات لها تأثير في مشاعرنا وفي تشكيل مسار حياتنا فهي ليست قاصرة على توليد العواطف و المشاعر فحسب بل قادرة أيضاً على حفز الأفعال و رفع المعنويات للأفضل أوخفضها للأسوأ. فكانت كلماتي هي الباب الذي عبرت منه إلى قلوبهن وعقولهن حتى أمحي الصورة القديمة للعلاقة بين المعلمة والطالبة، وهي المعلمة التي تؤدي دورها النمطي عن طريق السرد و التلقين وكأن الطالبة مجرد آلة توجه عن طريق آلة تحكم تسمع ولا يحق لها أن تتكلم أو تناقش فوجدت أن من واجبي كمربية أن ابدأ بأسلوب الحوار و إعطاء مساحة لها للتعبير عن نفسها بكل شفافية و وضوح فأول خطوة قمت بها أن وزعت عليهن استبياناً طلبت منهن إبداء رأيهن بدون خوف أو تردد و هذا اراه من أبسط حقوقهن مع مراعاة حدود الأدب و اللباقة لأن من يزرع الود يجني الحب. بعد ذلك تعددت الطرق والوسائل في التعليم والتعبير من صنع شخصيات كرتونية للتعبير عن آرائهن وتعريفهن بموضوع الاقتراع وانتخاب عريفات للفصل فتعلمن أنه عندما يعشن في جو من الثقة و الراحة يتعلمن التقدير و يعرفن التشجيع. و تضيف: الغرض من هذه الفكرة إثبات الوجود (إذا لم تزد شيئا على الدنيا، كنت زائداً عليها)، وخلق بيئة ايجابية، صحية، أساسها إعطاء الطالبة جرعة من الثقة التي تجعلها ترتفع من طالبة عادية إلى طالبة واثقة من نفسها لأن الثقة حق مشروع لكل إنسان مثل الحرية و التعليم.أن تقول رأيها بدون "فلتره". والهدف الرابع إعداد جيل مفكر،مبدع، واعي، يعرف واجباته و حقوقه. واكتشاف المواهب الإبداعية الكامنة لدى الطالبة و استثمارها وبناء شخصية متوازنة،مثقفة. مهتمة، خطيبة، نشيطة، متحدثة وباحثة. وطرح الأفكار و تقبل الرأي و الرأي الأخر. و الإشراك في صناعة القرار. وتعريف الطالبة بنظام الاقتراع، و طرح المشكلة و حلها. وتشجيعها على التحدث أمام الآخرين، وتعليمها معنى الديمقراطية و احترام الوقت. والهدف العاشر بث روح الحماس بين الطالبات، لأن الحماس من الحالات المعدية التي تضطر الطالبة الغير نشيطة أن تشحن بطاريتها من الطالبة المتحمسة فتنتقل لها نفس الطاقة. و تعريف الطالبة أنه لا يمكنك ارتقاء سلم النجاح و يدك في جيبك و أن الكلمة التي تحدد نجاحك في الحياة تتكون من ستة حروف (أستطيع)، (أن أفعل)، (أن أنجز)، (أن أقرأ).... الخ وقد تم افتتاح المجلس العام الدارسي الماضي يعني قبل اكثر من عام و تحديدا في يوم 1428314واشارت المعلمة عبير الى ان المجلس ناقش عدداً من المواضيع الهامة والتي تغرس في نفوس الطالبات الوعي والسعة الافق وفنون وآداب الحوار ومن ابرز هذه الموضوعات التي طرحت في المجلس تعريف الطالبات بمعنى الديمقراطية. والحوار وأدبه. ومعنى الاقتراع. وماذا يعني لها للوطن؟ وما مفهوم الانتماء، وكيف أكن لوطن الولاء و أنا لا أحمل جنسيته ولكن عشت فيه. ومفهوم الحرية، وما حدودها. والمباني المدرسية. وظاهرة رمي الكتب بعد الامتحان. وتكوين مجلس الطالبات و الفريق المساند عن طريق الاقتراع. كما ان لدينا مساحات للتعبير و لكن ليس بالحديث و لكن عن طريق الكتابة او الرسم و ذلك من خلال وضع لوحة تعبر الطالبة عن نفسها عن الطريق الرسم أو الكتابة. ورفضت الاستاذة عبير عن الحديث عن الصعوبات ومن خلال النقاش ذكرت ان كثرة الحصص وعدم تخصيص حصص للطالبات من ضمن الجدول الدراسي لمجلس الشورى كمادة أساسية، حيث يتسنى تفعيله بالشكل الصحيح و إيجاد ورش عمل تخدم الطالبة من خلاله. وعدم وعي الأهالي بدور المجلس. و استطردت عبير قائلة بما أن فكرة المجلس هي (فكرتي) و بمجهودي الشخصي وبدون أي دعم مادي من أحد، أتمنى أن لا تكون امالي مثل طيور البطريق التي تمشي بغباء ولا يكمن أن تطير. ونحن أمة "اقرأ". فأتمنى أن يرتقي مستوى التعليم إلى أعلى المستويات من خلال عدم تجاهل أفكارنا والإيمان بها ودعمنا معنوياً. وتهيئة الأجواء العملية المناسبة حتى نكفي ابناءنا عناء السفر للخارج للدراسة. أتمنى أن نقضي على موضوع البرمجة والحفظ لأنه ليس المهم أن نقدم أعمال الطالبات بطريقة مثالية المهم أن نفسح لهن الطريق ليقدمن ما لديهن. أريد أن أقدم طالبة سعودية تشارك في جميع الميادين الخارجية بطلاقة،وثقة، وبطريقة صحيحة وليست شكلية. لماذا دائما نقت ونرحب بطالبة عادية الأداء، متوسطة الذكاء. فصقل الموهبة والتدريب هو الرهان الأبرز في ميدان التربية. ودعت عبيرإلى إيجاد قاعات ومعامل ومسرح وحاسب يخدم الأنشطة. و تابعت: ان هذا المشروع حقق نتائج متعددة منها القضاء على الظواهر السلبية في المدرسة. وقد تعودت الطالبة على البحث عن المعلومة واستوعبت أن المعرفة لا تأتي إلى باب المنزل ولكنها تحتاج إلى جهد وتعب ومد جسور التواصل بين المعلمة والطالبة، وإعطاء الطالبة مهارة التواصل مع المجتمع بالإضافة إلى الدراسة، لأن الإنسان الذي يجيد التعامل مع الناس يختلف عن الذي يحمل شهادة و فكر فقط. فقد يوجد عالم مبدع في معمله و لكنه لا يستطيع أن يتواصل مع المجتمع؛ فبالحوار يتم إنشاء جيل مبدع، مفكر، محاور، مهتم. الى جانب محاولة القضاء على الغيرة العملية و الإيمان بمبدأ "أحب لأخيك ما تحب لنفسك" و أخيرا أود أن أضيف، أن طالبات اليوم بحاجة إلى "المعلمة النموذج"، فمهنة التعليم هي التي تخرج جميع المهن. وإن أفضل ما يقدمه الآباء و المعلمين لأبنائهم هو الأساس المتين و الأجنحة التي تساعدهم على التحليق. و أن المباني و السيارات الفارهة لا يمكن أن تعبر عنا إن لم نكن في مستواها فكرا ووعيا. وقد رفضت المعلمة عبير الحديث عن اجمالي تكاليف هذا المشروع كما انه سبق لها ان عملت على تجهيز فصلها الدراسي بشكل متميز ورفضت الحديث عن النواحي المادية لانها ترى أنها لم تقدم هذا من اجل ان تحصل على أي مقابل باستثناء تطوير امكانات الطالبات. و اعربت في ختام حديثها عن شكرها لمديرة المدرسة الاستاذة موضي المحفوظ و للمشرفة التربوية الاستاذة لمياء آل الشيخ التي سعت الى اخباركم بهذه التجربة. و اخيرا ليس على طريق النجاح إشارات تحدد السرعة القصوى.