نبذت الشرائع السماوية العنف بكافة أشكاله داخل نطاق الأسرة أو في محيط المجتمع سواء كان ضد الأطفال أو الكبار.. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف ومالا يعطي على سواه.. كما كفل الإسلام للطفل حقه في التربية والتعليم والعناية به صحياً ونفسياً واجتماعياً وقد شدد الإسلام على قاتلي أطفالهم وتوعدهم الله بالخلود في النار قال تعالى: { قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهاً بغير علم} "041- الأنعام" بهذه الكلمات بدأت حرم صاحب السمو الأمير منصور بن فهد بن عبد المحسن بن جلوي آل سعود صاحبة السمو الأميرة حورية الرويسان ندوة خيرية نظمها المستشفى السعودي الألماني بالرياض بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد الأطفال تحت شعار "لا للصمت " والتي رعتها سموها وحضرها عدد كبير من الرجال والسيدات كما اعتبرت سموها ظاهرة الإساءة للأطفال أسوأ واخطر جريمة تهدد المجتمع وتهدم تماسكه نتيجة ما تسببه من أمراض نفسية واضطرابات سلوكية تمحو شخصية الطفل الذي يشكل أمهات وآباء المستقبل القريب... و قالت سموها في ختام كلمتها " يا أيها الوالدين ازرعوا خيرا لتحصدوا خيراً وقدموا للمجتمع طفلاً سليماً نفسياً قادر على الحب والعطاء.. وليكن شعارنا أن نقف معاً لوقف العنف الممارس على أطفالنا.." وشكرت ختام حديثها كل من ساهم في إنجاح الندوة.. تناولت فعاليات الندة عدة جوانب من بينها ما طرحه الدكتور عوض أبو زيد ممثل منظمة الصحة العالمية الذي قدم نبذة مختصرة حول اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها منظمة الصحة العالمية وميثاق الأممالمتحدة الذي يعترف بالكرامة المتأصلة لجميع أفراد الأسرة متيحاً حد قوله لكافة الشعوب التمتع بحقوقهم الأساسية وبكرامة الفرد وقدره.. كما أشار في كلمته إلى بعض الأمثلة على انتهاك حقوق الطفل معتبراً انتشار ظاهرة تعاطي وبيع التبغ للصغار في الدول النامية أكبر شاهد على ممارسة العنف ضد الطفولة البريئة وذكر أن ما يقومون فيه بالدول الغربية من حملة لحماية الأطفال نحن كمسلمين أولى بها لأن القرآن قد نص عليها قبل عهد طويل من حملتهم المعنية وأكد على أن العنف الممارس على الأطفال لا يضر بالصغار وحدهم وإنما يطال كل فئات ومستقبل المجتمع.. وأضاف قائلاً "إذا عومل الطفل بعنف في المدرسة وفي البيت فإننا سننشئ مجرمين.." و أهاب في ختام كلمته بكل المربين وخاصة داخل المدارس إلى ضرورة معاملة الطفل بلطف ومرونة وثقة والبعد تماماً عن أسلوب القمع و التخويف... عقب ذلك تحدثت الدكتورة فوزية أخضر مدير عام التربية الخاصة للبنات في ورقة عمل مميزة طرحت خلالها الفئة التي اعتبرتها منسية وهي فئة ذوي الاحتياجات الخاصة مؤكدة أنها الفئة الأكثر تعرضاً للعنف وخاصة التحرش الجنسي مستشهدة بالدراسات والإحصائيات وبعض القصص الواقعية التي تحكي مآسي تلك الفئة مع المجتمع والمؤسسات داعية إلى ضرورة طرح قضايانا بشفافية من أجل الوصول إلى الحلول كما سردت بإيجاز بعض المراحل التي يمر بها الضحية وعدد من صور إيذاء الإعلام والمجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة.... عقب ذلك ألقت عميدة جامعة الملك سعود الدكتورة الجازي الشبيكي كلمة استعرضت فيها بعض الشواهد من القرآن والسنة الدالة على حفظ حقوق الطفل حتى قبل ميلاده وأشار إلى بعض الأسباب لتعرض الطفل للعنف والتي يأتي في مقدمتها التفكك الأسري وأثنت على جهود جمعية النهضة الخيرية في حماية الطفل من الإيذاء من خلال دراسات وبرامج تقوم بها الجمعية المعنية.. واستشهدت بالإحصائيات التي أشارت إلى أن أكبر نسبة من العنف الواقع على الطفل هي من الأمهات بنسبة 47%وأغلب الضحايا تقل أعمارهم عن السنتين بنسبة 66% وختمت الدكتورة الشبيكي محاضرتها بعدد من التوصيات مهيبة بالحاضرات عدم التستر عن أية حالات للعنف ضد الأطفال.. بعدها طرح المحامي والمستشار القانوني الأستاذ أحمد بن إبراهيم المحيميد ورقة عمل عن حماية الطفل في الأنظمة السعودية أكد من خلالها القصور الواقع في مسألة تطبيق العقوبات في حق المعتدي.. كما سرد بعض الأدلة في حرص المملكة على حماية الطفل من قبل ولادته مستشهداً ذلك في منع الإجهاض ومنع الإعلانات التجارية الخاصة بالحليب الصناعي كبديل لحليب الأم الطبيعي وكذلك تشجيع الدولة للأسر البديلة لكل من فقد أو حرم من أسرته... ثم تحدث المستشار الاجتماعي الأستاذ الدكتور خالد المنيف عن " العنف اللين" مستشهداً بالإحصائيات الدالة على ممارسته من الرجال بنسبة 58% ومن النساء بنسبة 59% معتبراً ضحاياه لا بواكي لهم على حد تعبيره طارحاً النماذج الواقعية على وقوع هذا النوع من العنف والتي تتمثل بالألفاظ السلبية مؤكدا أنها تمارس من المقربين الأمر الذي يسبب الإساءة المعنوية للآخرين.. كما حذر الدكتور المنيف من خطورة المقارنة التي يمارسها بعض المربين بهدف دفع الأبناء للمنافسة والنجاح موضحاً أنها طريقة خطيرة وعقيمة للتحفيز طارحاً النماذج الواقعية للممارسات الخاطئة في التربية... بعد ذلك أثنى الدكتور ناصر التويم أستاذ الإدارة والتنمية والمسؤولية الاجتماعية بكلية إدارة الأعمال بجامعة الملك سعود ورئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإدارة على مقال الكاتبة والأخصائية الاجتماعية الناشطة في حقوق المرأة والطفل الأستاذة ريما الرويسان المنشور بإحدى الصحف المحلية تحت عنوان "أنقذوا أطفالنا "والذي ذكرت فيه حقوق الطفل المسكوت عنها وخاصة حمايته من العنف المدرسي.. كما اعتبر الدكتور ناصر أن عنف الأطفال أكبر واخطر مما يتصوره أي إنسان مشيراً إلى النماذج الواقعية على وقوع الإيذاء على الصغار والتي نشرتها الصحف مؤخراً مؤكداً أن تلك القضايا في ازدياد واضعاً اللوم على الجهات المعنية التي تتبع ثقافة ما أسماه "تهوين الأمور".. واستطرد قائلاً " إن حقوق الطفل يجب أن تحتل نفس الأهمية التي تحتلها اليوم قضية "حقوق الإنسان "بل إن الأطفال بحكم أن لا حول لهم ولا قوة إلا بالله يجب أن ينالوا اهتماماً أكبر نظراً لأنهم يحتاجون إلى رعاية ومعاملة خاصة وحماية لا يحتاجها الكبار..." وأنهى ورقته بعدد من التوصيات... بعد ذلك طرحت الأستاذة ريما الرويسان كلمة بعنوان "العذاب في عيون بريئة" قالت فيها "كان العنف ضد الأطفال يصنف من ضمن "التابو" الذي يندرج تحت قائمة طويلة من المحظورات التي يحرم سابقاً الخوض فيها فلم تعد الطفولة بريئة بل انتهكت وذرفت ونزفت وأهدرت دماؤها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، فالعنف داخل الأسرة يلفه الصمت بسبب سيطرة الأب وهيمنته على الأسرة وعدم توفر وسائل الحماية والأمان، فالأسرة في نظر الطفل هي البيت الآمن ولكن للأسف أصبحت معتقلات يمارس فيها التعذيب على يد أعز الناس عليهم ! لم تعد الطفولة بريئة بل اغتصبت أجسادهم الصغيرة وحطمت وهشمت عظامهم وأحرقت جلودهم... وعلى يد من ؟ من الجاني؟ انه الأب أو أحد أفراد الأسرة.." ثم دعت كل فرد من أفراد المجتمع لعدم السكوت عن هذه الممارسات اللا إنسانية. وحملت أصحاب القرار المسؤولية في تأخير البت في قضايا العنف مما يذهب التأخير معه بأرواح الضحايا وأشارت إلى ضرورة تثقيف وتوعية الأطفال في تعزيز ثقافة الطفل الجنسية والتي تحذره من الذين قد يستغلوا جهله في ممارسات خاطئة وضرورة أن يميز الطفل بين اللمسة المجرمة واللمسة الحنونة وناشدت في ختام كلمتها العالم بكافة جهاته بمساعدة الأطفال وعدم التستر على ذويهم وتوفير الحماية اللازمة لهم.. ضيوف الندوة حضر الندوة عدد كبير من السيدات والرجال كان في مقدمتهم صاحب السمو الأمير منصور بن فهد بن عبد المحسن بن جلوي آل سعود وصاحب السمو الأمير نايف بن فهد بن عبد المحسن بن جلوي آل سعود والشيخ فهد الرويسان و الاستاذ محمد الرويسان وعدد من أصحاب السمو والدكتور ناصر التويم وعدد من الأكاديميين والأكاديميات.. وقد اختتمت الندوة فعالياتها بلوحة فنية بعنوان "لا للعنف" قدمتها مجموعة من أطفال رياض الخزامى من ذوي الاحتياجات الخاصة ورافق النشاط معرض للشركات الداعمة.