لا أدري لماذا ينشغل البعض بإجراء المقارنات بين ما جاء به نظامنا الإسلامي وشريعتنا، وبين ما تنادي به الأنظمة والمواثيق الدولية، وإعادة وتكرار ماهو معروف كلما أثيرت ونوقشت مسألة حقوق الإنسان، خصوصاً ما يتعلق بحقوق المرأة وشؤون الأسرة؟؟ ويبدأ استرجاع واستعراض النصوص والأحكام التي تحفظ للمرأة حقوقها، وتعلي من مكانتها ودورها في الأسرة، دون إلقاء الضوء على واقع تطبيقها. ولا يقتصر الأمر على المقارنة، واستخراج النصوص المؤيدة مع تجاهل الحقائق وواقع الحال، بل يصور ما يثار على انه مؤامرة تهدف إلى هدم الأسرة المسلمة وإضعاف دور المرأة، وإشاعة الرذيلة، ولابد من الحذر من تلك الدعوات والتصدي لها. إن من يقف محللاً نفسياً لمثل تلك المواقف والأطروحات المكرورة - وقد يكون هذا جواباً على تساؤلي - يرى فيها محاولات للتحرر من الشعور بالنقص والعجز فكما يقال "الجائع يكثر من ذكر الطعام. وكذلك العطشان في حديثه عن الماء.."، وإلا ما معنى هذا التشنج والحساسية المفرطة وهذه الوصاية والمزايدات التي تضر بالدين وتشريعاته وتربك وعي العامة؟. فالإسلام بعظمته وسمو تعاليمه، ليس بحاجة إلى من يدافع عنه ويزكيه بالكلام والمرافعات، بل بتصعيد الفكر و العمل، واستيعاب المتغيرات، ومعالجة الأسباب الحقيقية التي تهدد أمن الأسرة وأفرادها، ومواجهة كل أشكال الضرر الواقع على المرأة، و الطفل ووضع المزيد من الأنظمة التي تحميهما. من المهم ان يعرف كل من المرأة والرجل بحقوقهما وواجباتهما الشرعية، على أن يتم في الوقع نفسه نقد وكشف الواقع الذي تعيشه شريحة كبيرة من نسائنا وأسرنا - والقصص التي نسمعها ونقرأها كل يوم شاهد على ذلك - بموضوعية، ودون خوف أو حرج أو نفاق، والتركيز على ما حدث من اعتداء على مبادئ الدين، وتعد على أحكامه، مع مقارنة انعزال المرأة، وسلبيتها في وقتنا الحاضر بحضورها ومشاركتها الإيجابية في العهد الإسلامي الأول. إن محاولات البحث عما يغطي نقصنا وتقاعسنا تبرز في مجالات كثيرة، فمنذ بدأ التسابق على الاقتباس مما تنقله لنا الكتب المترجمة والقنوات الفضائية والمؤتمرات.. في مجال الإبداع والحوار والتحفيز ومهارات الاتصال والجودة وأساليب تطوير العمل. وغيرها.. بدأت تعلو الأصوات اللائمة على الجري وراء الغرب وتناسي المنهج ا لإسلامي الأصيل الذي يحث على تلك المعاني والقيم، وأنا أتساءل كغيري عن ثمرة تلك القيم في سلوكنا ومدى تطبيقها في حياتنا؟ ولماذا تناسيناها طوال هذه العصور ثم أتينا الآن لنبرز أسبقيتنا فيها بعد أن حولها الغرب إلى علوم ومعارف لها أطر ومناهج؟؟ وكما قال أحد الكتاب "كم هو مخجل أن تكون متأخراً في تأكيد أسبقيتك".