على الرغم من التجاوب المتواصل الذي يقدمه نخبة من رجال الأعمال الوطنيين تجاه تنمية العمل الخيري والنشاط الاجتماعي في بلادنا، إلا أن النظرة التقليدية تجاه تنمية تلك النشاطات لاتزال دون المستوى المأمول، ولاتزال تراوح مكانها دون تلك الصورة النمطية القديمة وهي بناء مسجد أو كفالة يتيم فقط ! دون أن يتسع نطاق تلك الأعمال ليشمل جميع أوجه التنمية الاجتماعية والثقافية في هذا المجتمع الشاب. وبالذات برامج التنمية المستدامة تلك البرامج التى تكفل حياة كريمة لنا ولأجيالنا القادمة. وسائل الإعلام... يقع جزء كبير من المسؤولية على وسائل الإعلام المختلفة التى لاتقدم سوى بعض التغطيات الإعلامية وعلى استحياء لعدد محدود من المبادرات الخلاقة في التنمية المستدامة والتى يكون وراءها القطاع الخاص، ان اللوم لا يقع فقط على وسائل الإعلام المختلفة بسبب تقصيرها في تنمية هذا الحس الوطني وتسليط الضوء عليه بشكل أكبر وعرض التجارب الناجحة وتقديم الخبرات الدولية في هذا المجال الحيوي، فهي جزء من تركيبة هذا المجتمع وهي تحاول نقل الواقع الحقيقى إلى المتلقي، بل إن الحاجة الأهم هي إلى تأطير رؤية إعلامية تواكب هذة التحولات المتسارعة، الأمر الذي أصبح ضرورة تفرضها ضرورات المرحلة وتقدم المجتمع والجنوح نحو قيادة الأعمال للحياة المدنية. الخطاب الديني ثم ان المسؤولية تقع في جانبها الآخر على علمائنا الأفاضل فهم أجدر القادرين على تغيير نظرة المجتمع تجاه هذه الأعمال الجليلة من خلال الفتاوى الشرعية ومن خلال منبر الجمعة، والتوضيح أن الصدقة الجارية وغيرها يمكن أن تتجاوز مفاهيمنا التقليدية بشكل أوسع، وقد تكون الانطلاقة من خلال تبني بعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية أفكاراً غير تقليدية في تنمية الحس الاجتماعي الأمر الذي سوف يفتح الباب على مصراعيه للكثير من المبادرات والأفكار الجديدة، وديننا الإسلامي الحنيف يحث في مبادئه الأولى على بناء المجتمع وتكاتفه، ويجعل مصارف الزكاة ثمانية أبواب متنوعة وهلم جرا. التعليم أولاً وأخيراً ولكن عناصر بناء الصورة الكاملة للعمل التطوعي والاجتماعي لا تكتمل إلا بدعم المؤسسة التعليمية، وخصوصاً حينما يتم غرس هذه المفاهيم من خلال رسائل وتوجهات التعليم العام، فتلك أمور ومبادى لابد أن تغرس مبكرًا في عقول النشء، فالمسؤولية الاجتماعية ليست مجرد التزام دولة تجاه مواطنيها فقط؛ بل تتجاوز ذلك المفهوم الضيق إلى مسؤولية الفرد تجاه مجتمعه وتجاه الأجيال القادمة، بواسطة الاستغلال الرشيد للموارد الحالية وتنميتها للمستقبل وبناء منظومة متكاملة للعمل التطوعي الاجتماعي تبدأ حلقتها الأولى من غرف الدراسة ولا تنتهي في البرامج اللاصفية ! إن تنمية حس النشاطات الاجتماعية في المنظومة التعليمية يحتاج إلى تدشين برامج إثرائية متوازية ومتوازنة، يتم تكثيفها خلال مرحلة الدراسة الجامعية من خلال إضافة متطلبات دراسية تعتمد على خدمة المجتمع وعلى إنهاء عدد ساعات محدده في خدمة المجتمع المحيط، الأمر الذي ينعكس على تنمية مهارات الفرد وتعميق الحس الوطني في المجتمع بشكل لايصدق. أركان المسؤولية إن بناء ثقافة العمل الاجتماعي تحتاج تضافر جهود العديد من المؤسسات الوطنية وإن اكتمال أركان مثلث (التعليم/الدين/الإعلام) سوف يساهم بتنمية روح العمل الاجتماعي وجعله جزءاً لايتجزء من روح المواطنة المسؤولة، ويجعل الفرد عنصر إضافة وتطوير في مجتمعه المحلي، مما يعود بالنفع في النهاية إلى الفرد بذاته وعائلته. إننا مطالبون بأن نبدأ بأنفسنا وأن نربيها على محبة العمل الاجتماعي والحرص عليه، وأن ننقل هذا التوجه إلى مجتمعنا المحلي ثم إلى مجتمعات أكبر، هنا نستطيع أن نقول ان روح المبادرة الاجتماعية تحولت من مجرد شعارات جوفاء إلى حقيقة واضحة للعيان، وهنا يمكن الإجابة على عنوان المقال بالقول ان تنمية مفاهيم المسؤولية الاجتماعية هي مسؤولية الفرد أولاً وقبل كل شي. * شركة الجزيرة للصناعات الدوائية عضو فريق المسؤولية الاجتماعية بمؤسسة سلطان الخيرية