تطوير شراكات إستراتيجية للتنمية المستدامة تنطلق من الاحتياجات الأسرية تأصيل المسؤولية المجتمعية من جهة والصدقات والتبرعات من جهة أخرى أهمية بناء الشراكة بين الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص المسئولية الاجتماعية تساهم في بناء الثقة والولاء لضمان مستقبل أفضل وتطور متواصل
تختتم اليوم فعاليات ملتقى قيادات العمل التطوعي ومديري المسؤولية المجتمعية في الشركات والتي تحتضنه جدة تحت عنوان "المسؤولية المجتمعية.. شراكة وتكامل" وسط حضور أكثر من 150 قيادي وقيادية في القطاعين التطوعي والخاص بفندق حياة بارك جدة. حيث تناقش الجلسة الأولى اليوم (الخميس) عدة محاور يقدمها الأستاذ عمر بن محمد حلبي خبير التخطيط والتنمية وتستعرض آليات التعامل والشراكة بين المؤسسات المعنية بالمسؤولية المجتمعية والمؤسسات الخيرية والتطوعية إلى جانب تناول محور تفهم متطلبات المؤسسات المعنية بالمسؤولية المجتمعية واستعراض تنظيمات التعامل بين المؤسسات المجتمعية والمؤسسات الخيرية، كما يشهد الملتقى استعراض تطبيقات في المسؤولية المجتمعية، وورشة عمل حول إعداد التقارير في المسؤولية المجتمعية يقدمها كلٌ من الأستاذ صالح الحموري والدكتور موفق زيادات، ويختتم الملتقى بندوة يقدمها الدكتور سامي تيسير سلمان بعنوان "الواقع العملي للمسؤولية المجتمعية". الشراكات بين القطاعين الخيري والخاص وكانت فعاليات الملتقى قد شهدت أمس (الأربعاء) استعراض محور الشراكات ومفهومها وأهدافها وأبعادها وكيفية إيجادها حيث تحدث خلالها الأستاذ عمر بن محمد حلبي خبير التخطيط والتنمية حول الميزات التكاملية للجمعيات الخيرية للمسؤولية المجتمعية ومن أبرزها المعرفة الدقيقة للشرائح المستفيدة، وإيصال الخدمات إلى المستفيدين، وإدارة عمليات تقديم الخدمات، وزيادة إسهام الشركات والمؤسسات الصغيرة في المسؤولية المجتمعية، وتوفير غطاء داعم لمصداقية الشركات، وتوفير شبكة من العلاقات الحكومية وغير الحكومية المحلية والعالمية. كما أبرز الحلبي مرتكزات إعادة بناء العمل الاجتماعي حيث استعرض أهمية تطوير شراكات إستراتيجية للتنمية المستدامة تنطلق من الاحتياجات الأسرية داخل الأحياء بغرض تحقيق برامج تنموية على المستوى المحلي، والعمل على تطوير رؤية إستراتيجية لكل مستوى بحيث يدعم المستوى الذي يليه، واستعرض تطور تعزيز البنية الاجتماعية على مستوى شركاء الإستراتيجية. واستعرض مراحل تطوير مشروع الشراكة الاستراتيجي بدءً بحصر وتصنيف المؤسسات الخيرية في المملكة، ثم أبراز الإمكانات المتوافرة لدى المؤسسات الخيرية في دعم المسؤولية المجتمعية لدى الشركات، وقياس مدى التوافق بين المؤسسات الخيرية ومجالات المسؤولية المجتمعية، ثم تحديد أبرز المجالات المشتركة بين المؤسسات الخيرية والمسؤولية المجتمعية. الصدقات والتبرعات والمسؤولية المجتمعية ثم تحدث فضيلة الشيخ محمد بن صالح المنجد بعنوان "الفرق بين المسؤولية المجتمعية للمؤسسات من جهة والصدقات والتبرعات من جهة أخرى" حيث أوضح في حديثه بأنه منذ اجتياح المذهب الرأسمالي العالم وتهافُت الدول على الخضوع لمفرداته وآلياته العالم يعاني من أزمة أخلاقية وإنسانية كبيرة؛ وذلك أن هذا المذهب يُرسِّخ مفاهيم الفردية، والنفعية، ونسبية الأخلاق، وما يُسمى التنافسية، وما يُعرف باقتصاديات السوق التي لا تفهم إلا لغة الأرقام والربح المادي العاجل فقط، مشيراً إلى أن من الثقافة المادية، والنزعة الفردية، والحرية المطلقة مع الجفاف الروحي والانحلال الأخلاقي تعد من آثار سيادة الحضارة الغربية المادية على العالم. وأضاف بأن الغرب بدأ في التنازل عن بعض المبادئ المادية وأفسح المجال لبعض الطقوس الروحية لتخفيف حدة السعار المادي الذي حوَّل الحياة إلى غابة بشعة، فسمحت العلمانية المادية في الغرب للكنيسة باستعادة بعض من دورها في الوعظ وتوجيه الناس إلى ما يشعرهم بشيء من السعادة والطمأنينة عن طريق نفع الغير، مبيناً بأن هذا يتضح شيئاً مما خسره العالم بانحطاط المسلمين فالإسلام يقي المجتمع المسلم والبشرية جميعا من هذه الويلات بنظامه العقائدي والأخلاقي المتميز. وبيّن الشيخ المنجد بأن الحافز الأول للمؤسسات في الغرب على القيام بمسئولياتها المجتمعية هو انتشار وسائل الإعلام وقدرتها على بث الأخبار المحرجة على عكس ما جاء في الإسلام وهو مراقبة الله تعالى والتي تغني عن كل ذلك كما قال تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ)، وفوق كل ذلك إيمان المؤمن بمعان ليس لها في الغرب وجود كالبركة والتوفيق والمعافاة وما شابهها مما يرجوه المؤمن ببذله في سبيل الله تعالى. وأضاف الشيخ المنجد بأن تقييم الشركات والمؤسسات الإنتاجية لا يعتمد بشكل كلي على جودة السلع وضخامة الربحية وقوة رأس المال؛ بل يعتمد بجانب هذه العوامل على شيء آخر هام أخذ مكانه بقوة لاسيما في السنوات العشر الأخيرة، وهو "المسئولية المجتمعية للشركات" مشيراً إلى أنه أصبح دور الشركات الخاصة محورياً في عملية التنمية؛ وتنمية الجوانب الاجتماعية والصحية والتعليمية والبيئية، وبهذا المفهوم الواسع لمسئولية الشركات والمؤسسات يضاف لها هذا البعد الهام من أبعاد النشاط المؤسسي، وأوضح أن العمل التطوعي في المنطقة ليس كما هو في الغرب، إذ إن الغربيين يعتبرون العمل التطوعي إلزاماً على كل فرد، لكن في دولنا العربية ما زال كثير من الناس لا يمارسون العمل التطوعي كما يجب، على رغم أن لدينا طاقات بشرية لم تستثمر ولم توجه لافتاً إلى الحاجة الماسة إلى تضافر الجهود للوصول إلى رقم مقبول في المسؤولية الاجتماعية. وتناول الشيخ محمد المنجد سبق المسلمين إلى تحمل المسئولية الاجتماعية حيث أن التاريخ الإسلامي يدل على أصالة ذلك وروحه المتجذرة حيث أن المسلمون يؤمنون بأن المال هو مال الله، فأنفقوه فيما يرضيه، كما كرس الإسلام في نفوس أتباعه حب الخير للناس والحرص على ما ينفعهم ؛ ويتمثل ذلك عمليا في أمور كثيرة، وعدد فضيلته ثمرات تحمل المسئولية الاجتماعية ومن أبرزها حسن الثواب في الدنيا والآخرة، وتقليل تكاليف التشغيل، وزيادة جودة المنتج، وإخلاص العملاء وحبهم، وزيادة المبيعات، زيادة الأرباح، مبيناً بأن كفاية المجتمع ورعاية مصالحه؛ مسئولية مشتركة تتضافر فيها الجهود وتتعضد فيها الإمكانات؛ فلا يستطيع أحد أن يقوم بها وحده ولو حتى الدولة نفسها رغم اتساع مواردها؛ فهو إذًا مسئولية مشتركة يجب على كل المؤسسات أن تقوم بها فهي جزء من وظيفتها في المجتمع. الإعلام والصورة الذهنية وشهد الملتقى ورشة عمل حول المسؤولية المجتمعية للمؤسسات والصورة الذهنية وإدارة السمعة، ودور الإعلام في المسؤولية المجتمعية قدمها الأستاذ صالح بن سليم الحموري المدرب في مجال العمل الإداري والتطوير المؤسسي حيث استعرض خلال حديثه أن الإعلام التنموي يعتبر أداة تغرس مفهوم التنمية، وترفع مستوى الوعي، وتطور اتجاهات المجتمع والحكومة عند مناقشة القضايا التنموية في الاتجاه الصحيح، مبيناً بأن السنوات الأخيرة شهدت تحولات ناجمة عن توجه إصلاحي داخلي وواقع تكنولوجي عالمي في مجال الاتصالات والإعلام. وتناول الحموري أهمية وسائل الإعلام في خدمة المسؤولية المجتمعية للمؤسسات حيث أن الكثير من برامج المسؤولية المجتمعية تبقى غير معروفة ولا يصل خبرها إلى المواطن بسبب عدم إلمام وسائل الإعلام بها، إضافة لتبادل التهم بين المؤسسات الإعلامية ومؤسسات القطاع الخاص وإلقاء المسؤولية كل على الآخر لعدم نشر أخبار تلك البرامج والأنشطة، وعدم انتشار ثقافة المسؤولية الاجتماعية للمواطن العادي. وانتقدت الورشة ضعف اهتمام وسائل الإعلام ببرامج المسؤولية المجتمعية التي تقوم بها مؤسسات القطاع العام والخاص، وضعف مستوى التعاون بين المؤسسات والمسؤولين مع مراسلي الصحف في الإدلاء بالمعلومات والبيانات المتعلقة بدورهم في خدمة المجتمع من خلال برامج المسؤولية الاجتماعية التي يقومون بها، انخفاض مستوى إدراك وسائل الإعلام لأهمية المسؤولية الاجتماعية ودورها المهم والمؤثر والنافع للمجتمع، وإغفال مؤسسات القطاع الخاص إشراك وسائل الإعلام في المناسبات المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية. واستعرض الحموري خلال الورشة متطلبات تطوير دور الإعلام بدءً بغرس ثقافة العطاء والتأكيد على مبدأ المسئولية الاجتماعية على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، والترويج للإعلام بوصفه شريكاً أساسياً للتنمية المجتمعية المستدامة، تفعيل الدور النقابي في الدفاع عن حرية التعبير بشكل أكثر قوة، وأهمية تعزيز قدرات الإعلاميين من خلال التدريب على مختلف الجوانب العلمية والعملية، ووضع نظام للاعتماد للارتفاع بمستوى المعايير المهنية، وتوفير أسعار خاصة لإعلانات الخدمة العامة، وتشجيع لا مركزية التغطية الصحفية، بحيث لا تركز على العاصمة فحسب، وضرورة التخطيط الإعلامي في مراحل مبكرة، وإعداد الاستراتيجيات الإعلامية العملية لكافة المجالات المتعلقة بالمجتمع كالكوارث والأزمات، واستخدام التقنيات الحديثة في إلقاء الضوء على جهود وإنجازات الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني، ودعم وتشجيع الصحافة المحلية و زيادة الفرص المتاحة للإعلام والمجتمع المدني للحصول على التمويل والمساعدة التقنية، وتبادل المعلومات بين الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمؤسسات التنفيذية المختلفة، وتنظيم سلسلة من الحملات الإعلامية الإقليمية لتشجيع فئات المجتمع على المشاركة في الأنشطة التطوعية عند مواجهة الأزمات. وشددت الورشة في ختامها على أهمية وسائل الإعلام في خدمة المسؤولية المجتمعية للمؤسسات الأمر الذي يتطلب بناء الشراكة بين الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص. التطبيقات المثلى في المسؤولية المجتمعية وشهد الملتقى ندوة بعنوان "التطبيقات المثلى" قدمها الدكتور خالد جاسم بومطيع رئيس جمعية البحرين للجودة استعرض في بدايتها أهمية المسئولية الاجتماعية في تعزيز دور المؤسسة التنافسي على الجذب والمحافظة على الزبائن والموظفين المتميزين، وأشار إلى أهمية الاستثمار في مجال المسئولية الاجتماعية والذي يعزز مكانة المؤسسة، وتناول د. بومطيع دور المسئولية الاجتماعية في بناء الثقة والولاء لضمان مستقبل أفضل وتطور متواصل. واستعرض د. بومطيع أهمية التطبيقات المثلى للوصول إلى المنفعة القصوى عبر اختيار أفضل الطرق أو ا التطبيقات للحصول التميز، مشيراً بأن ذلك يتم عبر التقييم، والتوثيق، والنشر، وتحقيق الفائدة المطلوبة، مبيناً بأن وضع المعلومات في متناول الباحثين يدفع عملية التحليل والبحث للوصول إلى مقترحات تطويرية جديدة تستفيد منها المؤسسة والمؤسسات الأخرى والمجتمع بشكل عام. وأوضح د. بومطيع بأن العديد من المؤسسات العالمية تضم المسئولية الاجتماعية في خططها الإستراتيجية من أجل إظهار الاهتمام بالعنصر البشري والبيئة مازال تحت المناقشة لمعرفة أنه نتيجة اهتمام ذاتي أو له دوافع أخرى. تنمية العمل التطوعي والمسؤولية الاجتماعية من جانبه أوضح المدير التنفيذي للملتقى الدكتور طارق بن زياد المشهراوي بأن الملتقى يهدف للارتقاء العلمي والمعرفي والمهني لدى منسوبي القطاعات التطوعية فضلاً عن ترسيخ القيم والقناعات حول العمل التطوعي، وأن الملتقى يأتي تأكيداً لما يشهده العالم من تطور في نظرته للعمل الاجتماعي بشكل إيجابي، مشيراً إلى أن الحكومات والدول أيقنت أن سعيها للتطور والسبق العالم لا يتحقق إلا بتنمية العمل التطوعي والمسؤولية الاجتماعية لدى أفراد ومؤسسات المجتمع. وأضاف د. المشهراوي بأن العمل التطوعي أصبح في عالمنا المعاصر منهجاً يتطلب قدرات ومهارات يتعين على قياداته اكتسابها والإلمام بتطبيقاتها العملية والعمل على تطويرها، مشيراً إلى أن ثقافة التطوع تبوأت مكانة عليا بين مكونات ثقافات الدول والشعوب وأضحى من المسلمات أنها جزء لا يتجزأ من ثقافة المجتمعات المتطورة بما تمثله من منظومة القيم والمبادئ والأخلاقيات والمعايير والرموز والممارسات التي تحث على المبادرة والعمل الإيجابي الذي يعود بالنفع على المجتمع. يذكر أن الملتقى يحظى بحضور قيادات المؤسسات والجمعيات الخيرية والتطوعية، وكبار الموظفين في الوزارات والدوائر الحكومية ذات العلاقة بالعمل التطوعي، ومراكز الدراسات والأبحاث في العمل الإنساني والتطوعي، وكبار الشخصيات والباحثين في المجال التطوعي، والشركات والمؤسسات المهتمة بالمسؤولية المجتمعية، ويحظى الملتقى بمشاركة نخبة من المدربين والمتخصصين في مجال المسؤولية المجتمعية.