ضمن مناشط مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض، أقامت المكتبة بعد مغرب ليلة البارحة الثلاثاء ملتقى ثقافيا بعنوان: (تحاربهم في القراء) للدكتور عبد الله بن محمد الغذامي، ضمن أولى ندوات ملتقى المشروع العلمي الوطني الثقافي لتجديد الصلة بالكتاب، وذلك بقاعة المكتبة ، بمركز الملك عبد العزيز التاريخي، حيث قدم الأمسية وأدار دفة أسئلتها ومداخلاتها د.عبدالمحسن بن سالم العقيلي، عضو الفريق العلمي للمشروع. شرع د. عبدالله منوها بأن الوقت المبكر ليلا من أنسب الأوقات المناسبة لتقديم مناشط ثقافية.. كما تحدث عن تجربته في القراءة، من خلال محورين، الأول من خلال السيرة اليومية، منطلقا من دور والده النواة والكيان الذي جعل د.عبدالله مصاحبا للكتاب من خلال التربية التي تدفعه يوميا باتجاه القراءة، من خلال أساليب متنوعة بين الحين والآخر أبرز ما يتكرر فيها مطالبة محمد الغذامي من ابنه عبدالله بالقراءة عليه وصولا إلى أصدقاء القراءة ومنها إلى حلقات الدرس. وصل بعد ذلك د. الغذامي إلى مرحلة تعد مبكرة، ولكنها خطوة ثانية. مستعرضا أربعة مصادر ساهمت في تجربته المبكرة مع القراءة والتي كان لها دور بارزاالمكتبات والاستعارة، الإهداء، التفوق وجوائز المدارس التي كانت تهدي المتفوقين الكتب، الكتاب المستعمل وما لعبه من دور كبير في تجربته، وصولا إلى المصدر الرابع:شراء الكتب. مضى د. الغذامي مستحضرا من كل مصدر العديد من المواقف الجادة تارة والطريفة تارة أخرى، والتي تصب في هذه التجربة والتي جاء منها أن د. عبدالله باع البسكليت الذي لا يزال يحتفي بامتلاكه ليشتري بها كتبا مستعملة من إحدى مكتبات عنيزة. تناول بعد ذلك فارس التجربة المحور الثاني من المحاضرة من خلال السيرة الذهنية، منطلقا في هذا النوع من التجربة، عبر سيرة القراءة الذهنية متناولا من خلال هذه السيرة:القراءة السريعة، القراءة المهنية التي تعتبر من مهنيات الناقد وأدواته تجاه الحراك الثقافي، أما النوع الثالث فالقراءة الوظيفية، والرابعة: القراءة الفكرية التأملية، والتي يبنى عليها مصير المعرفة ومآلها. ووقف بعد ذلك المحاضر مفتشا نابشا في ذاته مع القراءة وفهمه في كل نوع من هذه الأنواع.. عبر البعد النفسي في كل مرحلة وقراءة من خلال المتعة العاطفية والنفسية... وصولا إلى المتعة العقلية التي شكلت لدى د. عبدالله حالات تستوقفه بين الحين والآخر وما يشارك هذه القراءات من مشاعر نفسية وردود ثقافية عقلية من خلال الوقوف مع عدد من الكتب التي فجرت في تجربة الغذامي الكثير من الحالات النفسية والعقلية.. وما واكب هذه التجربة في القراءة من ضرائب صحية نفسية وأخرى اجتماعية سجلت درجة (صفر) في أحسن أحوال درجات الحرارة الاجتماعية لدى د. الغذامي بسبب الكتب التي تبني عالما موازيا ذهنيا فكريا. كما أكد د. الغذامي على أن يعيش الإنسان أحد العالمين (فقط) بكل شروطه.. عطفا على أدوار القراءة بين فوائدها وأضرارها باعتبار القراءة قوة كبرى لن يزيح كيانها ما استجد في عالم التقنية وما شكلته ثقافة الصورة من مساحة تحاول فيها منافسة قراءة الكتاب الورقي على وجه التحديد..لتظل القراءة حاضرة في كل قناة عصرية أيا كان شكلها وقالبها ووسيلتها. اختتم بعد ذلك د. الغذامي تجربته في القراءة بأن يصدق كل قارئ لغة جسده ومزاجه لا لغة العقل التي تفرض عليه آلية لا جدوى منها.. مشيرا إلى عدم قناعاته بما تردده مقولات من يصنف العرب بأنهم أمة لا تقرأ عطفا على مؤشرات كثيرة تؤكد على مستوى متنام من القراءة منبها إلى أهمية الوعي في إطلاق الحكم على القراءة من خلال الحكم على نوعية المقروء ومؤكدا على ضرورة الاهتمام بعامل الوقت واحترام الزمن متى ما أراد الإنسان أن يكون قارئا. تلا تجربة د. عبدالله العديد من الأسئلة والمداخلات التي جاءت تستوضح من تجارب الغذامي العديد من الزوايا التي كان من أبرزها: أوقات القراءة، كمها، احترام وقت القراءة، ومستوى القراءة في العالم العربي، قراءة الطفل مقارنة بالعالم من حولنا، الجنس وعلاقته بالقراءة، الممنوع في القراءة، علاقة الكتابة بالقراءة، الجهد في الكتابة والجهد في القراءة، الانتقائية في القراءة، القراءة بين التوجيه والحرية والوصاية... وغيرها مما ينصب في محيط تجربة د.الغذامي في عوالم القراءة. أما عن د. عبدالله الغذامي اليوم عبر تجربته مع القراءة فقد تحدث ل (ثقافة اليوم) قائلا: لقد تحولت من خلال هذه التجربة إلى نظام.. نظام يومي وفصلي ووجدت نفسي لا استطيع أن أنجز ما يمكن إنجازه إلا من خلال هذا النظام، الذي تحول في حياتي اليومية إلى برمجة يومية، انتميت إليها منذ زمن، وتجنبت من أجلها المناصب وأي انشغال آخر... فهذا اختياري.. وهذا أنا.