تعليم جازان يطلق جائزة الأداء التعليمي والإداري المتميز "متوهجون" في دورتها الثانية    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يضم مسجد خيف الحزامي بالمدينة المنورة لتطويره    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير المملكة المتحدة    فرع التجارة بجازان ينفذ جولات تفتيشية على الأسواق لمتابعة توفير السلع الرمضانية    استشهاد فلسطيني في غزة واعتقال 30 بالضفة    حملة "صم بصحة" تسجل ملياري خطوة بمشاركة 223 ألف شخص خلال 5 أيام    هطول أمطار في 8 مناطق والقصيم الأعلى كمية    التجارة: إيقاف الخدمات المرتبطة بنظامي السجل والأسماء التجارية لمدة 7 أيام    دعم المنشآت بالمدينة ينظم "لقاءات ريادية"    الفيفا يعلن موعد ومكان اقامة كأس العرب    الذهب ينخفض مع تعافي الدولار من أدني مستوى وارتفاع عائدات سندات الخزانة    أبرز ثلاثة علماء رياضيات عرب لا يزال العلم الحديث يذكرهم حتى اليوم    القيادة تهنيء رئيس جمهورية غانا بمناسبة ذكرى اليوم الوطني لبلاده    هجوم إسرائيلي على فيلم وثائقي فاز بجائزة الأوسكار صنعه فلسطينيون و اسرائيليين    انطلاق مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية في نسخته الثانية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين    وزارة التعليم و"موهبة".. تعلنان عن اكتشاف 29 ألف موهوب في المملكة    سمو أمير منطقة تبوك يستقبل عضو مجلس الشورى احمد الحجيلي    تحذيرات أممية من شح الغذاء في القطاع.. وجنوب إفريقيا: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحاً للإبادة الجماعية    الاحتلال يقضم أراضي الضفة.. وفلسطين تطالب بتدخل دولي    محافظ الطائف يشارك فرع وزارة الصحة حفل الإفطار الرمضاني    أفراح البراهيم والعايش بزفاف محمد    حرم فؤاد الطويل في ذمة الله    الأسمري ينال الدكتوراه    17.6 مليار ريال إنفاق أسبوع.. والأطعمة تتصدر    تحفيز المستثمرين وفرص العمل والابتكار..الفالح: «تسويق الاستثمار» سيعزز الاستدامة والازدهار    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    في الجولة ال 24 من دوري روشن.. الاتحاد في اختبار القادسية.. وديربي العاصمة يجمع النصر والشباب    ابنها الحقيقي ظهر بمسلسل رمضاني.. فنانة تفاجئ جمهورها    تفاصيل مهرجان أفلام السعودية ب"غبقة الإعلاميين"    في ذهاب ثمن نهائي يوروبا ليغ.. مانشستر يونايتد في ضيافة سوسيداد.. وتوتنهام يواجه ألكمار    نائب أمير منطقة مكة يشارك الجهات و رجال الامن طعام الإفطار ‏في المسجد الحرام    جمعية التنمية الأهلية بأبها تطلق برنامجي "أفق الرمضاني" و"بساتين القيم"    همزة الوصل بين مختلف الجهات المعنية بخدمة ضيوف الرحمن.. مركز عمليات المسجد الحرام.. عين الأمن والتنظيم في رمضان    بالشراكة مع "صلة".. تركي آل الشيخ وTKO يعلنان عن إطلاق منظمة جديدة للملاكمة    8 فحوصات مجانية بمراكز الرعاية الصحية.. تجمع مكة الصحي يفعل حملة «صم بصحة»    طبيبة تستخرج هاتفًا من معدة سجين    فوز برشلونة وليفربول وبايرن ميونخ في ذهاب الدور ثمن النهائي في دوري أبطال أوروبا    الاتفاق يتعثر أمام دهوك العراقي في ذهاب نصف نهائي أبطال الخليج    أمين الجامعة العربية: السلام خيار العرب الإستراتيجي    مشروع "ورث مصحفًا" يستهدف ضيوف الرحمن بمكة بثمان وعشرين لغة    2.8% انخفاض استهلاك الفرد للبنزين    "تعليم الطائف":غداً إيداع أكثر من 4 ملايين ريال في حسابات مديري المدارس    «سلمان للإغاثة» يوزّع 48 سماعة أذن للطلاب ذوي الإعاقة السمعية في محافظة المهرة    أمير حائل يشهد حفل تكريم الفائزين بمسابقة جزاع بن محمد الرضيمان    ترمب وكارتلات المخدرات المكسيكية في معركة طويلة الأمد    لغة الفن السعودي تجسد روحانية رمضان    محافظ جدة يُشارك أبناءَه الأيتام مأدبة الإفطار    الصين تصعّد سباق التسلح لمواجهة التفوق الأمريكي في آسيا    أوروبا تبحث تعزيز قدراتها الدفاعية بعد تعليق الدعم الأمريكي لأوكرانيا    40 جولة لتعطير وتطييب المسجد النبوي    كيف نتناول الأدوية في رمضان؟    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن الإفطار في الميدان    وزير الدفاع ونظيره السلوفاكي يناقشان المستجدات الدولية    أمير جازان يستقبل منسوبي الأمارة المهنئين بشهر رمضان    التسامح.. سمة سعودية !    4 ملايين فحص لنقل الدم بالمناطق    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    محافظ الطائف يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية بالمحافظة الإفطار الرمضاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"المكابدة" "أم الاختراع"

دائما أقول لمن حولي ان جمال الحياة لايمكن أن يتحقق بالاستقرار الذي يؤدي إلى الكسل ولا بالاضطراب الذي يصنع القلق، فهناك مسألة "المكابدة" (وخلقنا الانسان في كبد) التي تختلف نسبيا من شخص إلى آخر وأن هناك درجات يشعر فيها الانسان بالمعاناة الشديدة لكنه يشعر بسعادة غامرة وهو يعيش تلك المعاناة ويتغلب عليها ليرتقي بعد ذلك في سلم "المكابدة" أو ينخفض حسب مايراه القارئ (فالارتقاء عندي هو في تجاوز الصعوبات داخل سلم المكابدة الفطرية المكتوبة على الانسان). أربط "المكابدة" بتشكل الطموح عند الانسان وتنامي دوافع العمل لديه والسعي الدائم إلى النجاح. دون وجود درجة من درجات "المكابدة" لاتتشكل لدى الانسان كل هذه الدوافع، وأذكر هنا أن أول العادت السبع هي "المبادرة" والانسان المبادر غالبا ما "يتحسس المكابدة" ويعمل وفق حسه الانساني الذي يفترض أن يقوم به، لذلك هو "مبادر" من أجل دفع ما ومن حوله إلى الافضل. المبادرة ليست مسألة جينية بل تربوية والمكابدة هي المنهج التربوي الذي يصنع المبادرة عند كل إنسان. ولعلي أربط "المكابدة" كذلك بخلافة الأرض، فقد خلقنا الله من أجل عمارة الأرض، و"عمارة الأرض" لايمكن أن تتحقق إلا بدرجات المكابدة المختلفة، وإلا ما الذي يدفع الانسان للعمل من أجل عمارة الأرض إذا كان ليس بحاجة إلى ذلك. البعض يرى في المكابدة معاناة وشقاء ويسأل نفسه لماذا كتب عليه هذه المعاناة والشقاء، رغم أنه لايوجد "لذة دون ألم" أي انه لا يمكن الشعور بلذة الحياة دون هذه المعاناة. وبشكل عام يمكن ربط "المكابدة" بالحاجة، وكلنا كنا نقول ونحن صغار وحتى بعد أن كبرنا ومازلنا نقول "الحاجة أم الاختراع" وفي اعتقادي أنه لم يكن ليكون هناك أي اختراع دون "مكابدة" فعندما اخترع الانسان الأول "العجلة" (الدولاب) كان نتيجة لمكابدة ومعاناة عاشها في نقل الاشياء فظهرت العجلة وكذلك النار التي أصبحت جزءا إنسانيا رغم أنها كانت ضمن الظواهر الطبيعية التي تحدث حوله فدجنها وشعر بالحاجة لها نتيجة للبرد والحاجة للتدفئة في المقام الأول ثم أكتشف بعد ذلك منافعها الأخرى.
أنا أقول ان "المكابدة أم الاختراع" وأقول انه عندما يصل الانسان إلى حافة الاستقرار الكامل الذي يصنع الدعة والكسل "تتكلس" المكابدة وتتراجع المبادرة ويصبح الانسان مجرد "كائن مستهلك" وهناك عينات كثيرة تعيش بيننا لا هم لها إلا الاستمتاع بالحياة من وجهة نظرهم طبعا، لأنه وكما قلنا لا لذة دون ألم، وأن الانسان لا بد أن يشعر بالالم والمكابدة مهما كانت درجات استقراره فطالما أنه كائن حي فقد كتبت عليه المكابدة. على أنني أشعر ببعض الاستغراب أحيانا مما يحدث حولي فدرجة المعاناة التي يعيشها الشباب في مجتمعنا هذه الأيام لم توقظهم بعد ولم تشعرهم بأن عليهم أن يكونوا مبدعين لتجاوز الصعوبات التي يعيشونها حاليا. انني أسأل نفسي ألف مرة "لماذا تشكلت لدى كثير من شبابنا حالة الاستسلام"؟ وأنا هنا لا أعمم لكني أتحدث عن ظاهرة واضحة. وسؤالي الأكبر هو "هل يشعر شبابنا بالمكابدة أم أن هناك من يشعر بها بدلا عنهم"؟ استمرار لثقافة الوصاية التي مارسها الجيل السعودي الوسيط على ابنائهم. في اعتقادي أن مشكلة الجيل الشاب الحالي هو أنه وجد من يعاني بدلا عنه حتى في القبول في الجامعة، الأب والأم من يشعر بالألم وهما اللذان يشعران باللذة عندما يقبل ابنهما أو ابنتهما في الجامعة وحتى عندما يتخرجا من الجامعة. الشخص المعني هنا مغيب تقريبا، حتى أننا لا نجد من الشباب من يصارع من أجل تحقيق الذات إلا ما ندر، فقد وجد من يصارع من أجله ومن يفكر في مستقبله ومن يخطط له ومن يصرف عليه، فلماذا يشغل باله ولماذا يزعج نفسه. شبابنا وصل إلى حالة الاستقرار الكسول الذي يفرغ الانسان من قيمته في هذه الحياة.
ومع ذلك فأنا هنا لا استطيع تحميل الجيل الشاب كل المسؤولية فقد تربى هكذا ووجد نفسه منذ الصغر مسلوب الارادة فحوله من يفكر عنه ومن يعمل المستحيل كي ينجح في المدرسة ويحقق الدرجات الكاملة ولم يواجه من يقول له "انت مسؤول عن مستقبلك" أو "ورينا مراجلك" (ولا اعلم ماذا كان يقال للمرأة في الماضي لكن دون شك كانت المرأة افضل حالا من اليوم وأنا هنا أقيس الأمر على أمي، أطال الله عمرها، التي عاشت طوال حياتها عصامية). اعتقد أن المشكلة هي مشكلة الجيل الوسيط الذي عاش بداية المعاناة وتطور مع تطور البلد ونما مع نموها الاقتصادي، فعمل على أن لايعيش ابناؤه المعاناة التي عاشها وحاول أن يجنبه "المكابدة" الفطرية، فظهر لنا جيل "مؤسلب" يعرف الكثير (بحكم الانترنت والاتصال الكوني) وينجز القليل لأنه تربى على أن هناك من سينجز ويعمل من أجله. قتلت في هذا الجيل "المكابدة" التي تحث على الابداع فغابت الحاجة وغاب الاختراع، ولا سبيل للتعديل الآن إلا من خلال بناء نظام تربوي يعيد تشكيل "ذهنية" العمل لدى الشباب، فما يقوله القطاع الخاص في حق الشاب والشابة السعودية هو "صحيح" ومن خلال تجربة "تدريبية" واقعية تبين أن أكبر مشكلة يعاني منها الشباب السعودي هي "الالتزام"، فكيف بربكم يمكن لإنسان أن يلتزم و"يكابد" وهو لم يعش المكابدة بدرجاتها الصعبة التي تحث على العمل وتحقيق الذات.
أقول ان الجيل السعودي الشاب مظلوم بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى فنحن نحمله المسؤولية التي لم نعلمه إياها، ونطلب منه أن يبدع ونحن لم نصنع لديه محفزات الابداع ونقول عنه انه "جيل كسول" ونحن من ربيناه على الكسل وقمنا بكل ما كان يجب هو أن يقوم به. ما نحتاجه الآن هو أن نفكر بجد كيف يمكن أن نعيد تأهيل هذا الجيل، وكيف يمكن أن نزج به في معاناة الحياة التي تجعله يعمر الأرض ويبنيها كما أمره الله ولكن بالتدرج. هذا الجيل بحاجة إلى ما يشبه العلاج الطبيعي البطيء لكن المدروس المخطط له من أجل تحقيق نتائج بعينها، والنتائج التي يفترض أن نحققها هي بناء جيل من القادة الذين يتحملون المسؤولية ويعون دورهم في بناء هذا الوطن ليس من أجلهم فقط بل من أجل الأجيال القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.