هناك من يسعى للتحايل على الوعي الاستثماري للمواطنين والاحتيال عليهم من خلال مداعبة حلم الثراء السريع الواهم لديهم، وهو الدافع الرئيسي لما يلاحظ من إقبال على ما يعرف بشركات توظيف الأموال غير النظامية، والذي وجد بيئة خصبة في بلادنا على الرغم من افتقاد ذلك للنهج الأساسي ومعايير العمل الاستثماري الصحيح وافتقاده أيضاً للناحية النظامية . وتشير الإحصائيات إلى أن ما يقرب من سبعة مليارات هو حجم رأس مال عدد من المؤسسات التي عملت في توظيف الأموال إضافة إلى الأفراد الذين عملوا على هذا النهج من خلال أسلوب كسب الثقة في بداية التعاملات وتوثيق مواعيد طويلة ليتسنى جذب أكثر عدد من الضحايا والذين أغلبهم للأسف هم من صغار المستثمرين قليلي المدخرات الذين يكتشفون في لحظة ما أن أموالهم باتت خارج سيطرتهم وأنهم أصبحوا أسرى لوعود ومماطلات طويلة الأمد وسراب ينتهي على حقيقة مفزعة: "لقد ذهبت أموالك أدراج الرياح" !! واختفى المحتالون بأموال المخدوعين والبسطاء!! . ولعل من المهم التعامل مع مثل هذه الظاهرة من خلال مسارين الأول ضرورة العمل على إنهاء وتسوية المساهمات المجمدة في مشاريع توظيف الأموال وإعادة أموال المساهمين وتصفية تلك المشاريع وفق آلية سريعة لاسيما وأن معظم المساهمين فيها متضررون ويبحثون عن رأس المال، كما أنه من المهم تطبيق الأنظمة الجزائية الكفيلة بكبح جماح مثل هذه الأساليب الاحتيالية . الأمر الآخر هو أهمية وجود قنوات استثمارية واسعة وتعمل وفق أسس نظامية وإجرائية دقيقة تتيح للمواطنين استثمار أموالهم بطريقة آمنة، ولعل الصناديق الاستثمارية في البنوك جزء من هذه القنوات، ومن الأهمية بمكان تطوير سبل عملها والنظر في قيمة العائد منها، فمعظم الذين يلجؤون إلى مؤسسات توظيف الأموال غير النظامية يرون أن صناديق البنوك لا تقدم ما يمكن أن يكون جاذباً لهم، كما أن قنوات الاستثمار يجب أن تكون أكثر توسعاً وألا تقتصر على الصناديق فقط وإنما يمكن ابتكار مشاريع استثمارية كبرى تستفيد من توجه الناس إلى الاستثمار . كما أن إيجاد شركات استثمارية تعنى برأس المال الصغير أمر يمكن أن يكون ناجحاً إذا ما تم وفق دراسات وأنظمة تكفل لها النزاهة والعمل في وضح النهار وأمام الجميع بدلاً من شركات وهمية تنتهج الاستغلال والتحايل شجع على تناميها غياب القنوات الاستثمارية الحقيقية . ولعل من المهم ان تصل رسالة إلي المواطنين أو المستثمرين بانه يجب أن تكون هناك قناعة ووعي لدى الناس بأن القناعة مهمة وأن تقسيم الأرزاق بيد الله تعالى مع بذل الجهد والسبب ، ويجب أن لا ننجرف وراء الأرباح الخيالية وغير المنطقية لأن الطمع في هذه الحالات هو الذي يؤدي إلي الخسائر وضياع الأموال وهو الذي يساعد هؤلاء المحتالين للعب بعواطف وحاجة الناس. كما أن هناك رسالة مهمة يجب ان تصل إلي أولئك المرابحين على استغلال البسطاء وحاجتهم بان يتقوا الله في ما صنعوا وأن يعرفوا أن ما حصلوا عليه حرام ولن يتهنوا به لا في دنيا ولا في الآخرة لا لهم ولا أولادهم وأن هناك رقيباً عليهم. وفي الختام .. فإن البحث عن الربح لا يعنى المخاطرة والمجازفة في مساهمات وهمية ومشاريع ليس لها وجود، والوعي في كثير من أساليب الترويج لتلك المشاريع الوهمية يجب أن يكون أعلى من أي وقت مضى الذي نأمل أن يتحقق جزء منه من خلال الحملة التوعوية الخاصة ضد التحايل في توظيف الأموال والتي نعيشها هذه الأيام تحت شعار (حتى لا تفقدها) والتي تقام بناءً على توجيه سمو أمير منطقة الرياض وسمو نائبه ، كما أن على الجهات المختصة سرعة التحرك حين ظهور أي من تلك الدعوات الوهمية أمر ضروري لحماية كثير من الذين قد يكونون ضحايا لتلك الأساليب الاحتيالية . @ عضو مجلس الإدارة رئيس لجنة الأوراق المالية بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض