كلنا نعاني من ظاهرة رسائل بريد المتطفلين (Spam) التي تقتحم البريد الإلكتروني باحثة عن ضحية جديدة كل يوم. ولكن هذه المشكلة تحولت بكل أسف إلى "هواية" عربية عند جمعيات ومؤسسات ومواقع عربية بعينها بحيث تصلني مثلكم عشرات وأحيانا مئات الرسائل الإلكترونية المتدفقة من كل حدب وصوب عربي بعناوين عنتريات أو صناعة الأوهام أو إثارة فتن كانت نائمة. أما سبب استهداف بريدي ومثلي كثيرون فيعود إلى أن شخصا (سامحه الله) او مجموعة أشخاص (عفا الله عنهم) من الطيبين الناشطين انترنتيا تطوعوا ذات سنة في فورة حماس لقضايا الأمة العربية التي تتوالد كل يوم فحشروا عنواني الإلكتروني في قوائم انتشرت عبر منتديات الانترنت فالتقطها مع خيار الخلق كثيرون غيرهم فأصبحت مهمة تصفح محتويات البريد الإلكتروني لمثلي من الضحايا عبئا وهمّا يوميا فوق هموم لا تنقطع. ربما لم يعلم من ظنّ انه محسن دال على الخير حينما جمع العناوين الإلكترونية ونشرها أي سنة استنها وهو يساهم في ترويج رسائل وأفكار ليست كلها في مصلحة (الأمة) التي أراد رفعتها فأخطأ الطريق إذ أن كثيرا من نشاطات مجموعات البريد الإلكتروني العربية هي في أحسن أحوالها تزيد الهموم وبعضها وقود زيادة الخلف والاختلاف بين شعوب عربية لا تلتئم جراحها. وبحكم استخدامي لبرنامج بريد الكتروني متطور يخلصني بشكل تلقائي من قرابة ثلث هذا البريد الدعائي الوارد، إلا أن البرنامج بكل أسف - لا ينجح في كل الأحوال خاصة مع دخول بعض العرب العاربة والمستعربة في مجال الترويج الإلكتروني لمنتجاتهم أو حتى لمواقعهم ومنتدياتهم وقضاياهم بذات الضجة وتلك القعقة العربية. إحدى المجموعات البريدية تديرها جمعية او مجموعة اسمها "الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب (واتا)" احترت في تصنيف رسائلها لنبل أهدافها الظاهرة ولكن صخبها وإثارة موضوعاتها تمثل برأيي ظاهرة تستحق أكثر من دراسة نفسية واجتماعية. والحكاية مع إزعاج بريد جمعية اللغويين العرب (واتا) تتجاوز مجرد الشكوى إلى الطرافة فمثلا كان موضوع آخر رسالة وصلتني منهم عن "اتيكيت البريد الإلكتروني"!!. ومع ترويجهم لقواعد الاتيكيت الإلكتروني إلا أنهم يمطرون بريدي كل يوم برسائل تصل بالعشرات حاملة مضامين مثيرة ومشاريع وخطط تتعدى طاقة الأفراد مثلي إلى هموم دول حكومات وأمم ناهيك عن رسائل ضخمة العناوين تحمل مقترحات صناعة تاريخ وجغرافيا وتغيير أطلس العالم. وحتى لا أخذل الزملاء أعضاء هذه الجمعية "اللغوية" وعددهم قرابة 15ألف فيسرني أن انوه بالجمعية ونشاطاتها شرط حذف بريدي من قوائمهم الى الأبد. وللمستغربين أقول إن الجمعية تدير نشاطا الكترونيا تحت مسمى (وكالة واتا للأنباء) وتشرف على "منتدى الوحدة العربية" ولدى بعض أعضائها نشاطات وقدرات فوضعوا منتدى باسم "قوانين برلمان العقل العربي"؟. وهذه لمحة عن (خلطة) المراكز الافتراضية التي تديرها الجمعية اللغوية الكترونيا مثل: مركز دراسات حقوق الإنسان، والدراسات الإسرائيلية، والدفاع عن الإسلام، و دراسات المغرب العربي، والدراسات الآسيوية والإفريقية والشرقية والأوروبية والأمريكية نعم هذا صحيح. وهناك مراكز أخرى تديرها (واتا) للدراسات المستقبلية للمنطقة العربية، ومركز الدراسات السياسية والدولية والاستراتيجية. وتدير الجمعية أيضا مركزا للدراسات والأبحاث والاستشارات والخدمات القانونية، ومركزا لأبحاث البيئوية هل أكمل لا زال هناك أكثر وأعجب. أرأيتم قلة حيلتي أمام همة هذه المجموعة العربية... لذا أرجو أن تشفع لي هذه الرسالة عند قبائل (واتا) لاستبعاد بريدي من قوائمهم فلدي أعمال اعتاش منها وأسرة تحتاج إلى وقت معيلها؟؟ مسارات قال ومضى: كيف تتقدّم امّة لا تشيّد إلا (مصانع الأوهام) وكيف ترتقي حضارة وأبناؤها غارقون (في رواية الأحلام).