سلسلة أسبوعية تطرحها (؟ الاقتصادي) كل يوم أحد إن حجم الاستثمارات السعودية في العقار يصل إلى تريليون ونصف تريليون ريال، وهذا يثير سؤالا عن حجم رأسمالنا الفكري العقاري.. ربما انتقلنا بأفكارنا من الدكاكين (الولد الصالح) إلى الأبراج، لكن مازال المنتج العقاري وتسويقه نمطيا ومحدودا، كذلك عائد التريليون على الناس ومستوى المعيشة غير واضح! هناك حاجة إلى مضاعفة رأسمالنا الفكري، والتحول من البيع العقاري إلى المبادرات العقارية. حان الوقت لطرح العديد من المبادرات العقارية، بداية من الاستثمار في المساهمات العقارية المتعثرة إلى تنويع المنتج العقاري، وتوظيف استثمارات العقار التجاري لإحداث مردود حضاري ومجتمعي تستحقه المملكة بما تحوزه من ثروات، وفى مقدمة هذه الثروات هذا الجيل الجديد من السعوديين والسعوديات المتعلمين والمتعلمات. وقبل الاسترسال في مبادرات الأعمال، أتوقف مع القارئ والمستثمر عند مفهوم المبادرة، وخصائصها التسويقية، ومعاييرها المالية والمحاسبية.. وهو الجزء الممتع في هذا المقال. أولا نستطيع ضبط منظورنا للمبادرة العقارية لنراها عملية متكاملة العناصر من إنتاج وتسويق وإدارة إستراتيجية تؤدي إلى طرح منتج عقاري وخدمات مختلفة جذريا عن تلك المعروفة في السوق، وتحقق بعض الشروط التالية: @ إشباع حاجة لدى المشترين لم يسبق إشباعها من قبل. @ إشباع حاجة قائمة، لكن بفعالية تزيد 5مرات عما عرفه المشترون من قبل. @ تخفيض تكاليف الإنتاج بنسبة لا تقل عن 30في المائة عما هو سائد لدى المنافسين. @ تحقيق أرقام مبيعات تفوق المتوقع مرتين على الأقل في الطرح الأول أو أربعة أضعاف المتوقع في الطرح الثاني. والمبادرة العقارية لها خصائصها التسويقية التي تثير خيال العقاريين، وهى: @ التسويق الاستباقي:الإدراك المبكر لحاجات السوق الناشئة (قبل المنافسين) @ القيمة المضافة: تقديم منفعة حقيقية للعميل. @ الندرة: التفرد والوقوف بعيدا عن المنافسين. @ القابلبة للامتداد: إمكانية تطبيقها على سلسلة ممتدة من المنتجات والخدمات العقارية. @ القابلية للتصعيد: القابلية للاستثمار فى التغيير وفى القدرات المطلوبة غدا.. وليس اليوم. كما تجدر الإشارة إلى معايير الاستثمار الثلاثة في المبادرات العقارية: @ أن يكون بمقدور المبادرة تحقيق ريادة فنية أو قيادة السوق. @ الاستثمار فى المسئولية الاجتماعية Corporate Social Responsibility (CSR) @ تحقق عائدا على المبيعات بنسبة 30في المائة وعلى الاستثمار بنسبة 40في المائة. والاستثمار في المسئولية الاجتماعية (CSR) تجاه فئات المجتمع تتوفر له جميع العناصر التي تتوافر لغيره من الاستثمارات، والأرقام تشير إلى ارتفاع الاستثمار في أسهم الشركات التي تندرج تحت هذا الاستثمار، والأهم من ذلك هو معدل النمو لهذه الأسهم، فقد تضاعفت قيمة هذه الأسهم وذلك لما أوردته كتب عدة تؤكد هذا المفهوم وتوثقه بالأرقام والحقائق أحدها بعنوان المستثمر الأخلاقي "Ethical Investorس. وآخر بعنوان أرباح تخضع للمبادئ"Profits with Principlesس. إن المساهمات الاجتماعية للمؤسسات لها تأثير معنوي ومادي ينعكس على وجود المؤسسة ومستقبلها، كما تسهم هذه المبادرات في دعم العلاقات التجارية، وتحسين صورة أو سمعة المؤسسة، مما يؤدي إلى زيادة الإقبال عليها، وزيادة الدخل والأرباح. والمبادرات العقارية تطرحها إحدى الشركات القائدة فى توقيتات متعاقبة استجابة لمتغيرات السوق، والتحديات التى تطرحها الشركات الصاعدة. كما تجدر الإشارة إلى أن إطلاق وتدشين المبادرة العقارية يمر بخطوات واضحة، وتتوفر له ما يمكن أن نسميه بخارطة طريق، تحدد لنا استراتيجيات النجاح، وهى: @ تحليل للمتغيرات وحاجات السوق الناشئة وغير المعبر عنها. @ تصميم عدد من سيناريوهات المستقبل لتحديد أكثرها ربحية. @ تقدير النشاطات التى ستمكننا من النجاح، وإحراز ميزة تنافسية مستدامة. @ اختيار الأشخاص الأكفاء، ووضع الأشخاص المناسبين فى المكان المناسب. @ البحث فى أفضل التطبيقات ومواصلة تحسينها كل يوم. نقترب من نهاية المقال، وأنا أدخر الأفضل دوما للنهاية، لذلك خصصنا الجزء الأخير للبحث فى سلسلة من المبادرات العقارية تبدأ بالمساهمات العقارية، والنظر إلى المساهمات المتعثرة من منظور الفرصة لا الأزمة، للحصول على ميزة الفرص الكبيرة التى تتاح وتنشأ فى فترات التعثر!، وإطلاق عديد من المبادرات للاستثمار فى المشروعات المتعثرة. قليل من الخيال وكثير من الصدق مع النفس، هذا كل ما نحتاجه للحصول على حلول استثمارية وتمويلية للمساهمات المتعثرة، ولأربعين مليار ريال فى مهب الريح. هذا همنا الأول، والنافذة الأولى من نوافذ نفتحها لمبادرات عقارية جديدة، وسلسلة من البحوث تلقي الضوء على مناطق الريادة والابتكار فى العقار، لتعظيم رأسمالنا الفكرى، كى ما يكون مالنا أكبر من خيالنا!. @ مستشار الابتكار المؤسسي ومؤلف كتاب "صناعة الابتكار"