تتوالى ظهور علامات تشدني للمشاركة في موضوع حوادث المرور خلال السنوات الماضية آملاً ان تضيف وتثري بل وتضع النقاط فوق الحروف. وبدأت بالتحري وجمع المقالات والأبحاث لأستخدمها في مقالتي وأقارن بين الدول المتقدمة وبيننا. وقد دعيت لمحاضرة استخدم فيها المحاضر لفظ "كفى" بحزم "وموضوعية سألت نفسي لماذا وصلنا لمرحلة "كفى".. وكيف عجزنا عن ان نجد سبلا اشد للمتابعة والمنع من تلك المكلفة مادياً وبشرياً وغير المجدية!. هل فقدنا السيطرة على المشكلة؟ وهل استفحل الأمر. اليست هناك مراحل اساسية وأولية - بل وأولية - بل وبديهية - فقدت من قاموسنا التعليمي والذي كان لزاماً علينا جميعاً تطبيقها بل وفرضها في مدارسنا ومنازلنا وفي وسائل الاعلام المختلفة وفي المجتمع ككل كجزء من حياتنا اليومية؟ أليس "التعليم في الصغر كالنقش في الحجر"؟. وأقول: اذا لم يكن هناك تدخل لوضع حد لهذا المرض العضال الذي انتشر في مجتمعنا على جميع المستويات فإن المشكلة لن تتغير وتستمر الى الأسوأ لأن الألم سيكون اكبر.. ولن تكون آخر الأحزان بل سيكون هناك آخرون ممن سيلقون حتفهم على يد المستهترين وخاصة الشباب الذين قدمت لهم عوائلهم - المستهترة - الأداة لجريمتهم.. وسمحت لهم الأنظمة ولكل من هب ودب بالحصول على رخصة قيادة بسهولة ويسر، متغاضين في كثير من الأوقات عن السن المحددة والقانونية للحصول على رخصة القيادة.. او حتى تجاهلت قيادتهم بدون رخصة أساساً. ان قيادة السيارة بسرعة فائقة سواءً من قبل سائق طائش - دون السن القانونية - وغير مدرك لمخاطر القيادة او حتى من قبل سائق ماهر - لا تقل خطورة عن رصاصة قاتلة موجهة الى حياة انسان. كنت اتمنى ان تعطي وتتعامل وتبذل بل وتساهم كل القطاعات الحكومية والخاصة نحو مكافحة "مرض حوادث المرور" والذي انتشر وتفشى في مجتمعنا الحبيب بجميع طبقاته.. كذلك تمنيت لو ان جميع المواطنين شيباً وشباناً وكذلك الجاليات الأجنبية والإدارات الحكومية الذين اشتركوا ويشتركون يومياً في خلق واتساع المشكلة بسلبياتهم وعدم اتباعهم لأبسط قواعد المرور كمشاركة فعالة كل في محيطه الصغير وليسمح لي القراء بعرض صورة عن آثار وتبعات "مرض حوادث المرور" والتي تتلخص في النقاط التالية: @ فقدت المملكة في عام 2007م 6300قتيل حسب احصائية ادارة المرور بوزارة الداخلية وهي فقط اعداد القتلى الى مدخل ابواب المستشفيات. @ فقدت المملكة خلال السنوات الخمس الماضية 21900قتيلاً من جراء حوادث المرور. @ الاعداد المذكورة اعلاه لا تمثل اعداد الذين يموتون خلال 30يوماً داخل المستشفى وهي المدة المعترف بها من قبل منظمة الصحة العالمية لحوادث المرور. وحسب تعريف الصحة العالمية اتم الدكتور قاسم عثمان القصبي الدراسة التي اجريت على مصابي حوادث المرور بمدينة الرياض خارج وداخل مستشفى الشميسي سابقاً وتوصل بان اعداد القتلى داخل المستشفى وصلت الى نسبة 36% من جملة القتلى لا اعتقد ان المستشفيات المنتشرة بمختلف مناطق المملكة تتوفر لديها نفس امكانيات التجهيز والاطباء والاستعدادات مثل مستشفى الشميسي بالرياض لذا سوف اختار رقماً تقريبياً قد يصل الى 60% فقط بذلك يرتفع عدد قتلى حوادث المرور الى 10080قتيلاً. @ تقدر نسبة اشغال اسرة المستشفيات بالثلث (33.3%) من جراء الإصابة في حوادث المرور. @ عدم التفعيل والاستفادة من دراسات وتوصيات اعمال اللجنة الوطنية لسلامة المرور بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والتي صرح بها مدير مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وصرف عليها مبلغ 13مليون ريال. @ اغلبية الخسارة البشرية تقع مابين 18- 40سنة وهي السنين المنتجة وان أعلى نسبة من الحوادث هي خارج المدن.ويحق لنا جميعا التساؤل: هل يمكن للمملكة ان تتحمل عبء كل هذه الخسائر البشرية والمالية؟ ولعلي أتساءل عن الأسباب: هل هو الاستهتار؟ هذا المرض الذي فرض نفسه على كل فرد من أفراد المجتمع ونراه في كل لحظة من حياتنا اليومية أثناء قيادتنا. هل هي السلبية التامة وعدم الاهتمام بالمشكلة من الجميع إلا حين المساس بأحد أفراد العائلة أو الأصدقاء، حينها نبدأ برفع أصواتنا مطالبين بسرعة إيجاد حلول.. هل هو عدم تفعيل أنظمة ولوائح صدرت من قبل إدارة المرور والهيئات الأخرى.. وإذا تم ذلك كان بطريقة عشوائية ولمدة قصيرة بل إن بعضها لم يفعل أصلا مثل: 1- حزام الأمان: بدأت المطالبة به من أول أعمال اللجنة الوطنية وفعّل فقط لفترة قصيرة وأثمر تفعيله في تلك الفترة فقط. 2- جلوس الأطفال دون سن العاشرة بالمقعد الخلفي واستخدام حزام الأمان. 3- البصق - رمي المهملات من العربة الى الشارع. 4- برامج واعلانات التوعية والتحذير من المخاطر قليلة ولا تفي بالغرض وإن وجدت يصعب قراءتها، حيث انها توجد في مناطق دون أخرى وبلغة واحدة. 5- مخالفة استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة 100ريال فقط، بينما مخالفة السرعة وقطع اشارة المرور 300ريال، وهذا حسب تقدير ادارة المرور وفي رأيي ان التقدير ليس منطقيا بمقارنته بما يطبق في المملكة المتحدة. تمكنت من الاطلاع على عدة مقالات نشرت في عدة صحف ومصادر أخرى يطرح فيها الجميع المشكلة بكل شفافية مطالبين باتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من هذه الظاهرة الخطيرة، ولكن لا نرى تفعيلا ولا تطبيقا للقوانين، فلا ردود فعل ولا احترام لأنظمة المرور ولا عقاب إلا على السرعة على الطرق السريعة وأحيانا داخل المدن - عشوائيا - وأخيرا بأحدث الوسائل وهي الشرطة السرية، ولكن لا يزال الاستهتار في الطرق يزداد يوما بعد يوم فلا عقاب ولا علاج (فمن أمن العقاب أساء الأدب). تشكو الدول العربية بل وتتصدر قائمة دول العالم المتضررة من هول حوادث المرور وارتفاع أعداد القتلى والاصابات بجانب الخسارة المالية الفادحة. لذا اقول: ولا شك ان الكثيرين يتفقون معي - بضرورة وجود - وتفعيل نظام كالذي نراه مطبقا في دول العالم الغربي والذي بدأت بعض دول الخليج تحذو نحو تطبيقه وتفعيله فعلى سبيل المثال يتم الآن تطبيق نظام النقاط السوداء في الامارات العربية في حين يتم سحب رخصة القيادة إما مؤقتا او نهائيا - حسب الجرم المقترف من السائق - في مملكة البحرين. لماذا لا نقف في طوابير داخل بلدنا في حين نقف بكل أدب في الطوابير بالدول الأخرى ولو حاول أحد ان يخالف القاعدة الكل يذكره ثم ينهره اذا استمر في تجاهله للأمر ويظل الدرس عالقا بذاكرته ويمتنع بتطبيق المخالفة مستقبلا، ومثل آخر نخالف يوميا بمدن وطرق المملكة، ولكن الأمر يختلف تماما عندما نسافر الى مملكة البحرين عبر جسر الملك فهد او حين الدخول الى منطقة شركة أرامكو السعودية فنحترم قواعد المرور ربما خوفا من العقاب والحرمان بالتمتع بالزيارة وحين عودتنا للمملكة او خروجنا من منطقة أرامكو نبدأ في ارتكاب المخالفات مرة أخرى، مرة أخرى يجب مساءلة أنفسنا هل جسر الملك فهد لديه المقدرة على تغيير اخلاقياتنا وبالتالي تصرفاتنا في الذهاب والإياب وبوابة منطقة أرامكو في الدخول والخروج من منطقة ارامكو. إن المملكة المتحدة (بريطانيا) يصل عدد قتلاها الى 3000سنويا وعدد سكانها يتعدى الستين مليوناً، في حين تفقد السعودية 10000قتيل سنويا وعدد سكانها لا يتجاوز 23مليون نسمة لماذا؟ فلننظر الى ما تم بالمملكة المتحدة للحد من حوادث المرور؟ أولا: شروط الحصول على رخصة القيادة: هي الأساس وكل الأساس ولا أحد يستطيع المساس بقواعدها او تخطيها او تجاهلها ولنرى مدى اهمية احترامها وصعوبة الحصول عليها، وبالتالي فعاليتها وتأثيرها على حوادث المرور وتبعيتها الدولة شرعت وقننت إنشاء مدارس تعليم قيادة السيارات وتتوفر بكل المدن وهي المسؤولة الأولى والأخيرة عن تعليم الراغبين فن وأخلاق وأنظمة القيادة، وقد تختلف مدة تعليم مواطن عن آخر، وحينما يرى المدرب ان المواطن ليس فقط تعلم قيادة العربة، بل أتقن مهارات القيادة وعرف كل الأنظمة بدقة وكيفية التعامل مع المخاطر ومراعاته واحترامه لحقوق المواطنين الآخرين، اذا تم تخطيه كل هذه المراحل بنجاح حسب حسن أدائه وتقدير مدرسه، ومن ثم يؤهل المواطن للامتحانات التالية: 1- امتحان تحريري في كتاب لا يقل عن 200صفحة او أكثر ويشمل عددا لا يقل عن 60سؤالا واذا تم اجتياز هذا الامتحان بنجاح ينتقل الى الامتحان التالي. 2- امتحان تلفازي ويشمل امتحان صعب اذا نجح المواطن ينتقل الى المرحلة الأخيرة. 3- الامتحان التطبيقي وهو يشمل تطبيق الأساليب بفعالية أثناء قيادته للسيارة في الطرق العامة. اعرف كثيرا من الزملاء الذين حصلوا على الرخصة من امريكا او من دول أخرى وتقدموا للحصول على الرخصة الانجليزيةوبعد خوضهم عدة دروس خصوصية في القيادة لم يتمكنون من اجتياز امتحان رخصة القيادة إلا بعد عدة مرات لعدم انضمامهم في برنامج التدريب بأكمله، وهذا يبرهن على ما ذكرته سابقا ان التعليم في الصغر كالنقش في الحجر.. ثانيا: وضع وتفعيل الأنظمة والأمثلة كثيرة وقد اخترت منها: 1- استخدام الجوال أثناء القيادة 1000- 2500جنيه وثلاث نقاط. 2- عدم التوقف او عدم الابلاغ عن حادثة 5000جنيه - 5- 10نقاط والسجن 6اشهر. 3- قيادة العربة بتهور واستهتار 5000حنيه 3- 9نقاط. 4- قيادة العربة بدون تأمين 5000جنيه - 6- 8نقاط. 5- القيادة الخطرة - سحب الرخصة والسجن سنتان، لا حدود للمخالفة المادية. 6- القيادة الخطرة وقتل الآخرين - سحب الرخصة والسجن 14عاما لا حدود للمخالفة المادية. 7- قيادة العربة بعد سحب الرخصة - 5000جنيه 6نقاط والسجن 6أشهر. 8- السرعة وقطع اشارة المرور 1000جنيه 3نقاط. 9- تم سحب الرخبة حين حصول صاحبها على 12نقطة خلال مدة ثلاث سنوات. 10- عدم السماح للمواطن بالقيادة لمدة سنة كاملة بعد سحب الرخصة. 11- عدم القيام لمدة 3- 10سنوات في حالة سحب الرخصة للمرة الثانية. ويتم التطبيق الفعلي لهذه الأنظمة على الجميع ويشمل الصغير والكبير حتى الوزراء وأفراد العائلة الملكية! في حين يعتبر الحصول على رخصة القيادة السعودية من أسهل الأمور بجانب عدم تطبيق العقاب. التوصيات لعل بعد ما سبق نرفع رجاءنا إلى المسؤولين آملين ان تلقى هذه الظاهرة الخطرة - والمتفشية - الاهتمام ويوجه باتخاذ أفضل القرارات السديدة والصالحة لوطننا الحبيب. آخذاً بعين الاعتبار بعض المقترحات المتواضعة التي أسطرها هنا ومنها: 1- تكوين لجنة تنسيق عليا خاصة بحوادث المرور يكون مرجعها وزير الداخلية مباشرة لإعطائها الصبغة القانونية والقوية وتمثل فيها الوزارات التالية: أ) وزارة الداخلية (إدارة المرور). ب) وزارة الصحة (قسم الحوادث وطب الطوارئ والتأهيل). ت) جمعية الهلال الأحمر السعودي. ث) مدينة الملك عبدالعزيز (اللجنة الوطنية لسلامة المرور). ج) وزارة الشؤون البلدية والقروية. ح) وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات. خ) أي جهات أخرى ذات مسؤولية تامة بالموضوع. 2- الفسح لمدارس خاصة مقننة لتعليم قيادة السيارات بالعمل بعد وضع الشروط الخاصة بها لتكون بديلاً للمدارس الحالية وتبدأ عملها فوراً. 3) يسمح للمدارس الموجودة إما بالانضمام إلى المدارس الجديدة أو اغلاقها. 4- استبدال جميع الرخص السابقة خلال خمس سنوات شريطة تدريبهم لتجديد رخصهم. 5- تطبيق وتفعيل أنظمة ولوائح المرور. 6- الاستفادة من أبحاث اللجنة الوطنية لسلامة المرور بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية النظرية منها أو التطبيقية. 7- إيجاد بديل لأسلوب الشرطة السرية من خلال اختيار أشخاص ذوي ثقة واهتمام بالموضوع ليقوموا بنفس العمل ولابد ان يكون هناك برامج ثقافية عن مهامهم. 8- برامج توعية مستمرة بمختلف وسائل الإعلام طوال العام وليست مدة أسبوع واحد كما هو مطبق حالياً ولا توعية لمدة 51أسبوعاً. لا شك ان علينا واجباً وطنياً لذا على الشركات الخاصة واعني على سبيل المثال البنوك، شركات الاتصالات، الألبان وغيرهم المساهمة في مجالات التوعية المقروءة والمسموعة والمرئية. 9- اظهار المخطئين من المواطنين وغيرهم إعلامياً وتكليفهم بالقيام بأعمال خيرية للمجتمع. 10- إصدار كتاب مخصص لقواعد وأنظمة المرور بالممملكة من الإدارة العامة للمرور يعتمد استخدامه في مدارس التدريب الجديدة ويشارك في وضع محتوياته مع إدارة المرور مسؤولين مختصين من اللجنة الوطنية لسلامة المرور وزارة الصحة وجمعية الهلال الأحمر السعودي وأكاديميون من كليات الطب مختصين في هذا المجال. 11- يتكون امتحان الحصول على رخصة القيادة من ثلاثة أجزاء. يتم اعداد الامتحان بعد دراسة أسلوب امتحان الرخصة الإنجليزية: أ) امتحان تحريري مكون من عدد محدد من الأسئلة. ب) امتحان تلفازي لمدة 10- 15دقيقة. ت) امتحان تطبيقي مع مسؤول إدارة الرخص والذي يجب اعداده ليكون المثل الأعلى كأي أكاديمي مختص في هذا المجال.