قبل أيام نشر خبر صحفي صغير في صحيفة الوطن عن إضافة المغني رابح صقر أغنية للشاعر منصور الشادي ضمن ألبومه الأخير، رغم ان هذه الأغنية المغناة حسب الخبر هي بالأساس للشاعر خالد المريخي وسبق ان رددها كقصيدة في العديد من أمسياته، خبر مثير بالفعل (مر كالمعتاد مرور الكرام)، أعادني هذا الخبر لنفس الحادثة وبقسوة اكبر قبل عامين عندما تم الكشف عن فضيحة إعلامية إبداعية كبيرة، تتمثل بكون الأغنية الخاصة بالشاعر منصور الشادي في البوم المطربة أحلام الأخير، هي لشاعر آخر وسبق ان غناها المطرب الغائب يزيد الخالد قبل عشر سنوات وهي موثقة للشاعر في وزارة الثقافة والإعلام وبطبيعة الحال تم إخفاء الأمر بعد ذلك بطريقة لا نعلم تفاصيلها..!! هذه السرقات في مجال الإبداع الغنائي جسدها بطريقة كوميدية وراقية الزعيم عادل إمام في فيلمه الرائع الأخير (مرجان احمد مرجان) حيث يتناول الفيلم صولات وجولات عادل إمام صاحب المؤهل المتوسط وصاحب الثقافة الضحلة والغني جدا، والذي يحاول بماله أن يصبح شاعراً ومثقفاً ومرهفاً، وبالفعل أصبح يشرب (السحلب) كالمثقفين واستطاع ان يشتري ديواناً شعرياً راقياً بعنوان (أبيع نفسي) بمبلغ خمسمائة جنيه فقط وبالمال استطاع أيضا ان يشتري أصعب النقاد ويصبح المثقف والمبدع بالمال فقط وينال الجوائز الأدبية الكبرى!! أبيع نفسي ديوان عادل إمام الأديب المزيف، حالة موجودة لدينا وبكثرة للأسف خصوصا في الجوانب الإبداعية المتعددة، لان سلطة المال تقتل سلطة الإبداع، فكم من مرجان احمد مرجان بيننا ونعرفهم حق المعرفة، والطريف أنهم يكابرون ويصدقون (زيف مشاعرهم)!! قبل أيام هاتفني شاعر معروف بالكلمة المرهفة وسبق أن تغنى له عدد من كبار المطربين وعلى رأسهم الراحل طلال مداح، صدمني هذا الشاعر انه يبحث عن من يشتري قصائد غنائية كتبها مؤخرا، والصدمة الكبرى انه يعيش حالة نفسية سيئة كون الحوالات المالية الكبيرة قد توقفت عنه مؤخرا،بسبب توقف من كان يشتري قصائده عن الشعر وتحوله (للالتزام)، وصدمني أكثر عندما طلب مني أرقام هواتف بعض النجوم من الشعر الذين نعرفهم، لان بعضهم طلب منه بعض القصائد، وكأن الأمر بيع بطاطس او طماطم!! استفهامات متعددة تحوم حولنا ونحن نتابع كاتبات رواية يدخلن دهاليز هذا الفن بروايات ضخمة وتستغرب هذا الظهور المفاجئ لهن رغم بساطة تجربتهن، حتى ان إحداهن كان منتهى طموحها نشر قصيدة مكسرة وركيكة في صفحة القراء،ولكن إعادتك لمشاهد من فيلم مرجان احمد مرجان قد يبعد عنك هذا الاستغراب والاندهاش!! شاعر كبير ومعروف وملحن مبدع في الوقت نفسه ولكن لا يصرح بكونه ملحناً، يستغرب هذا الشاعر أن يتمادى الفنان المشهور الذي يتغنى بأشعاره والحانه في أحاديثه الصحفية عن الإبداعات التي ابتكرها في الحانه، رغم انها ليست له، وبألم يكرر الشاعر والملحن، انه يحزن كون هذا المطرب المشهور يكذب ويصدق نفسه!! كم حالة إبداعية تم سرقها بلغة المال، كم مبدع مزيف يعيش حولنا، كم أحاسيس ومشاعر قتلتها لغة المال، كم من مسئول او مدير سرق إبداعات موظفيه والعاملين تحت مظلته تحت ضغط الحاجة للوظيفة والمال والترقية طبعا، وهنا ومن وجهة نظري ليس صحيحا ان المال (لا يستطيع) شراء كل شيء ،واكبر هذه المشتريات الأحاسيس والمشاعر!!!