أمضى الدكتور علي الغفيص محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني والوفد المرافق له أسبوعاً من اللقاءات المكثفة والعميقة مع المعنيين بهذا الميدان في فرنسا.. وعلى رأسهم وزير التربية السيد كزافييه داركوس أحد الوجوه المحترمة في الحكومة الفرنسية.. وقد حضر اللقاء سعادة السفير السعودي بباريس الدكتور محمد بن اسماعيل آل الشيخ. وفي تصريح ل"الرياض" قال الدكتور ابراهيم بن محمد الشافي مدير عام التطوير والتدريب بالمؤسسة انه تم التباحث بين الجانبين السعودي والفرنسي حول الأمور ذات الاهتمام المشترك وبما يساعد على تفعيل الاتفاقية الموقعة بين البلدين في مجالات التدريب التقني والمهني.. وجرى البحث مع الجانب الفرنسي في تشغيل معاهد تقنية عليا مشتركة مع الشركات والمعاهد التقنية الفرنسية داخل المملكة بما يحقق هدف المؤسسة بتزويد السوق السعودي بالأيدي العاملة الوطنية الماهرة والقادرة على تشغيل وإدارة وصيانة المنجزات الوطنية والبنية التحتية للمملكة وبما يساعد على توطين التقنية الفرنسية حيث جرى البحث حول وضع الخطوط النهائية لإنشاء معاهد تدريب مشتركة في مجال صيانة وتشغيل محطات وخطوط تحلية ومعالجة المياه، وصيانة المعدات والسكك الحديدية. ومعهد آخر لصيانة الأجهزة والمعدات ذات التقنية المتقدمة.. كما جرى البحث بين الطرفين في الأمور المتعلقة بابتعاث مديري المؤسسة للجامعات والمعاهد التقنية العليا الفرنسية حيث أكد الوزير الفرنسي العمل على تسهيل قبول وحضور المدربين السعوديين للتدريب في فرنسا في المجالات التي تحتاجها المؤسسة.. كما تم الاتفاق بين الجانبين على وضع برنامج تنفيذي للاستفادة من الخبرة الفرنسية في مجالات الفحص المهني وتطوير التدريب التقني للبنات وفي مجال التوجيه والإرشاد المهني وفي مجال تعزيز دور المنشآت الصغيرة. وأضاف ان الجدير بالذكر ان هذه الزيارة تأتي بهدف وضع البرنامج التنفيذي لتفعيل الاتفاقية التي تم توقيعها بين المؤسسة ووزارة التربية الوطنية الفرنسية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين وفخامة الرئيس الفرنسي أثناء زيارة الأخير للمملكة في شهر محرم الماضي. ويبدو تصريح الدكتور الشافي ل "الرياض" شافياً ولكن المؤكد ان هذه الزيارة تشكل فعلاً منعطفاً تاريخياً في العلاقة بين البلدين حيث انتقلت العلاقة من الجانب الدبلوماسي ووجهات النظر المشتركة وغيرها من التعابير التي تمثل العلاقات التاريخية بين البلدين إلى الإطار الحضاري بمفهومه التقني والمهني والمعرفي. فقبل سنين عديدة كان الفرنسيون على يقين بأن الشريك الوحيد والحقيقي في المشرق العربي هو الشريك العراقي في العهد الذي سبق الغزو.. لأنهم كما قالوا كانوا يتعاملون مع العراقيين مباشرة من القمة إلى أسفل الهرم.. في حين كان الخليج يومها ممثلاً بوجوه لا علاقة لها بتلك البلدان. أما اليوم فإن فرنسا على يقين بأنها تقيم علاقة مع السعوديين أنفسهم مباشرة.. بدءاً بالقيادة الحكيمة وانتهاءً بالأطراف البعيدة في كل الميادين. وقبل معالي الغفيص وزيارته التاريخية كانت هناك زيارة تاريخية أيضاً لمعالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري ووفود الجامعات السعودية الكبرى والتقائهم بنظرائهم الفرنسيين دون وسطاء أو مترجمين. كل هذا يقود إلى القول بأن بعض الأحلام قابلة للتحقيق حين نمتلك اللغة العلمية المنفتحة.. اللغة الواثقة والمطمئنة، اللغة الخارجة عن الأوهام، حين نمتلك هذه اللغة تتحقق لنا امكانية التعامل بندية راقية ومنتجة مع الآخرين أياً كانت لغتهم..