القصائد ذات البحر الطويل تقل هذه الايام ويقل نفس شعرائها وذلك بسبب صعوبة الاتقان لها ولبحرها وكذلك الوزن الذي يحتاج الى شاعر متمعن وذي سمع رنان يعرف جرس البيت ويعرف وزنه عند القائه وقد اعتاد شعراء اليوم على القصائد القصيرة ذات البحر الخفيف مع اختلاف الوقفات وهذا ليس عيباً في الشعراء انما نرجع الى عدم التعود وكذلك قبول الجمهور المستمع لهذا النوع من الشعر وعندما نرجع قليلاً لهذه البحور من الشعر بالفعل نرى انها تحتاج نفساً طويلاً واتقاناً وهي قليلة حتى في السابق ويعتقد البعض ان بدع مثل هذا النوع من الشعر على انه تعجيز للغير من الشعراء ولكن الصحيح ان من يمتهن لهذا النوع يجد فيه استوفاء للمعنى واكتمالاً لمقصد القصيدة ومن اعذب ما وجدته ما احتواه كتاب (طلبة منها) للاستاذ (محمد الهزاع) من قصائد ذات بحور طويلة وتفعيلة صعبة مثل (فاعلن - فاعلن - مستفعلن - مستفعلن - فاعلن - مستفعل) وهي قصيدة للشاعر القديم عبدالله بن علي بن دويرج في قصيدة طويلة منها: آه يامن ضربني في يده كف على خدتي عسراوي مأستحقيت به غير الموده صابر بالخطا راعيها كل ما شافني غافل نطحني فوقه المقطع الكيناوي والتفت لي بنجل مدعجات وغرة ربها حاليها كن صفت مجاديله عريش كروش بنت اشقر الصقلاوي سامك ذيلها والعرف سكرانه وعج الرمك غاشيها ياأتلع الجيد ما ترحم ولا انتب ياقليل المروه تاوي مادريت ان عيني من فراقك دمعها بالخفا محفيها كل مازل هود الليل اجاوب في طويل الجذيب العاوي وانت لي حاجة عندك ولا تاخذ ثمنها ولا تهديها هناك قصيدة للشاعر سليمان بن ناصر بن شريم رحمه الله على البحر الطويل ونفس شاعر متمكن وقال ما يقال شعر على مثل هذه البحور الشعرية التي نفتقدها اليوم وقل ما نسمع بها الى شفاه شعرائنا الاعزاء في هذا العصر الذي تزاخم فيه الشعراء وهبط الشعر وقل تضمين المعنى فيه قصيدة ابن شريم يقول فيها: ياهل الفاطر اللي فوقها من كل دشن جديد غالي سلموا لي عليه الى لفيتوا صاحبي ياهل المامونه عاش من ناشني من عشرته هملول صيف حقوق يالي ربعت منه وديان الضماير واستتمت وهي مصيونه عين شيهانة تطلب علفها وكرها في رفيع الجالي مابذرت الجميل الا وانا يوم بذره عارف ما عونه ياوجودي على ما فات لي هيهات يوم ان الشراب ازلالي يوم عيني على طرد المها وملاقفه بالهوى مفتونه للشاعر عبدالله بن علي بن دويرج مجاراة لهذه القصيدة لا تقل عنها جمالاً ولا معنى ولا قوة شعرية وهي في نفس البحر الطويل حيث يقول في بعض ابياتها: ياسلامي على اللي نيته ومناه ينقض على الفتالي عد ما هب النسيم وغرد الراعبي بلحونه ياسليمان نقضت الجروح الخافيه منك واعزالي صرت مثل الحيا للقلب علته لياما استقن غصونه تذكر اللي كما خطوى الفريد اللي تبين على الختالي فيه من مبسم الآدمي وسلبة عاتقه والعيون عيونه ما قويت العزا والصبر يوم انك عرضت الغزال قبالي ويش عذري من الله كان خليته وانا بندقي مشحونه درت مسلوبه من فوق متني كنها شوكه السيالي ملحها قاحل القصدير ما يخطي الضريبه وهي مضمونه نحن لا نقلل من قدرة شعراء اليوم في امتهان البحور الصعبة من الشعر ولكنه الواقع الذي فرضه عليهم من قلة المتلقي وقبوله لها لعدم تعود بعض جيل اليوم على البحور الطويلة من الشعر ونحترم رأي كل من يرى غير الذي نراه.