تعاني بعض الكليات في جامعة الملك سعود من ضيق في المكان أدّى إلى قلة قاعات المحاضرات وقلة المكاتب المخصّصة لأعضاء هيئة التدريس. ويلاحظ أن المباني في الجامعة لم تتماشَ مع الأعداد الهائلة من الطلاب والطالبات التي تزيد في كل عام. وبدلا من زيادة المباني المخصصة لكل كلية بسبب تنامى الطلاب وتعدد الأنشطة والمنجزات الأكاديمية احتشدت بعض المباني في بعضها وخاصة في بعض كليات العلوم الإنسانية، فمبنى كلية الآداب - في مقر الجامعة الرئيسي في الدرعية - مثلا صار مبنى لثلاث كليات. وإذا كانت بعض الكليات والأقسام حلّت هذه المشكلة عن طريق تمديد اليوم الدراسي ليستمر إلى فترة متأخرة من المساء لإتاحة الفرصة لتبادل القاعات التي تكون مشغولة - في الغالب - طوال اليوم، إلا أن مشكلة مكاتب أعضاء هيئة التدريس من الجنسين لم تجد الحل. فبعض أعضاء هيئة التدريس الجدد ليس لهم سوى الممرات والأسياب للالتقاء بطلابهم ولملمة أوراقهم، ولكنهم على الأقل موعودون بمكاتب في المستقبل فيما لو خلت بعض المكاتب من قاطنيها أو أضيفت مبانٍ جديدة لا أحد يعلم متى تنفّذ. أما عضوات هيئة التدريس في بعض الكليّات فليس أمامهن سوى التكدّس في مكتب واحد والتشارك وربما التنازع على جهاز كمبيوتر واحد وخط هاتف واحد. هذا النقص في الأماكن ليس مقصورًا على القاعات والمكاتب فحسب، بل هناك نقص في المختبرات العلمية في الكليات الصحية مثلا، ونقص في المعامل وأماكن تخزين المعدات والأجهزة الطبية والتقنية الدقيقة. ومن يتأمل أرض الجامعة في الدرعية يجد أن المكان فسيح يسع كليات أخرى ويستوعب مقرّات إضافية جديدة، ولعل بوادر هذا الأمل يمكن ملاحظتها في المباني المخصصة لكليات البنات في الطرف الشرقي من الحرم الجامعي، ولكن ماذا عن كليّات البنين التي لاتزال كما هي منذ سنوات؟ من المؤكد أن القائمين على التخطيط وإدارة المشاريع في الجامعة لديهم برامج للخروج من هذه الأزمة باستحداث مبانٍ جديدة وتوسيع أخرى واستثمار الأماكن غير المستغلة، لأن طبيعة المكان وحجمه وسماته تؤثر في الكادر البشري الذي يتعامل معها؛ فالمكان غير الملائم يحدّ من العطاء ويؤطره في حدود ضيّقة، وفي الوقت نفسه فإن المكان المناسب يدعم العطاء ويعززه ويخلق جوًّا من التفاعل الإيجابي مع المحيط. وهذا التفاعل ينعكس على العمل الأكاديمي الذي تسعى الجامعة إلى تفعيله وتشجيع منسوبيها للمشاركة فيه