يتابع الأستاذ العفيصان في رده الأخير على ملاحظات الأستاذ محمد العوفي عن أمراء المدينةالمنورة. 8): علق الكاتب على نص (فيلكس مانجان) بأنه ليس صريحاً، فما أروعك أيها الكاتب!! أعندما يقول فيلكس (ص 328) (.. أرسل سعود لإبراهيم بن عفيصان حاكم الأحساء أن يذهب للإشراف على المدينةالمنورة..) أفلا تعتبر هذا نصاً صريحاً على الإمارة؟!!. فما النصوص الصريحة إذا من وجهة نظرك؟ نصوص!!. ثم يخطر في بال الكاتب مرة أخرى كلمة (غير صريح) فيصف بها نص مؤلف لمع الشهاب (ص194) (.. فسار سعود نحو المدينة وطوسون باشه حينئذ في ينبع فرتب فيها إبراهيم بن عفيصان مع 8آلاف مقاتل..) فالمعروف أن مؤلف لمع الشهاب من المعاصرين للأحداث وكان قريبا منها، وقد انتهى من تأليف كتابه في عام 1233ه. فما الصراحة في رأيك؟!. 9): ومن الشبه التي لهث وراءها الكاتب، استدلاله على إمارة ابن مضيان (غير الصحيحة) انه وصف في احدى الوثائق المحلية (بالأمير هكذا فقط)، وحاول الكاتب أن يحرفها على هواه فقال: بما انه يسكن المدينة وبنى فيها قصراً فهو أميرها. وللرد على هذه الشبهة أقول: هذه الكلمة لا تعني مفهومها الإداري بقدر ماهي كلمة تقال لكبير القوم أو شيخ العشيرة وابن مضيان كذلك، فلو كان ابن مضيان أو غيره رجلا عاديا ثم وصف بأنه أمير لفهمنا انه أصبح أميرا فاكتسب اللقب، بينما الرجل كان كبير قومه ومن الوارد أن يقال في حقه أمير . أما قولك: انه بنى قصرا في المدينة فليست حجة إطلاقا، أولاً: مسعود بن مضيان ليس هو باني القصر، إنما بانيه هما بادي وبداي آل مضيان بأمر من الإمام عبدالعزيز بن محمد رحمه الله عندما كان أتباع الدولة السعودية الأولى يحاصرون المدينة لبسط سيطرة الدولة عليها.(عثمان بن بشر ج1ص288). ثانيا: القصر خارج المدينة في ناحية البساتين (العوالي) ولايصلح أن يكون مقرا للحكم والإمارة. وهذه الشبهة تبين عجز الكاتب ومن يقف وراءه عن الإتيان بوثيقة واحدة تصف ابن مضيان بأنه أمير المدينةالمنورة صراحة . فحمل النصوص مالم تحتمل، وقولها ما لم تقل. 10): أما فيما يتعلق بقول الكاتب إن فائز الحربي لم يذكر في كتابه ان مسعود بن مضيان كان في القلعة، فها أنذا أنقل إليك نصه كاملاً (الفصول ط2، ج1ص369): (.. يبدو أن كثيرا من أتباع القوات النجدية قد تركوا المدينة أثناء المناوشات لما رأوا شراسة القتال ومدى قوة عدوهم ولم يصمد في قلعة المدينة إلا نفر قليل من أهل الصدق والشجاعة الموالين للنجديين ومنهم الشيخ مسعود ابن مضيان وأتباعه..). 11): ناهيك عن النصوص المبتورة المنتقاة بعناية من قبل الكاتب التي أوردها في تعليقه على حادثة الحصار في القلعة متجاهلاً أسباباً كثيرة لسقوط المدينة في قبضة العثمانيين واستسلام القلعة معتمداً على روايات عثمان بن بشر والفاخري وابن عيسى؟ فكان يكفيه نص عثمان بن بشر؛ بدل هذا التكرار، لأن هؤلاء ينقلون عنه أصلاً. أ): فقد جاء عند ابن بشر أن الباشا قد استعان بالقبائل المحيطة بالمدينة على محاربة القوات السعودية المرابطة في المدينة والجزء المبتور من نص ابن بشر ج1ص 328هو التالي: (.. فقدم عليهم بن نابرت المذكور بعساكر كثيرة من مصر جهزها معه محمد علي صاحب مصر فضبطوا الينبع وتبعهم بقية عربان جهينه واستالوا على ينبع النخل ثم على وادي الصفراء وبلدان بوادي حرب ثم ساروا قاصدين المدينة وسار معهم بوادي حرب فنزلوا على المدينة منتصف شهر شوال وحصروها اشد الحصار ونصبوا عليها المدافع..). ب): ورحم الله مسعود بن مضيان يقول بوركهارت ص199- 200الذي تعولون عليه - ولا أعول أنا شخصياً عليه (.. هاجم الأتراك هذا البيت وقتلوا أولاد المضيان وأصحابه واقتادوه مغلولا إلى ينبع. وعند مروره في بدر تمكن من الهرب واللجوء إلى الجبال حيث بعض بدو بني حرب الذين سلموه فيما بعد للأتراك مقابل المال..) . ج): ومع ذلك وقف المدافعون عن القلعة بقيادة أمير المدينة إبراهيم بن عفيصان بكل شجاعة وبسالة أمام هذا الجيش ومن معه، يقول محمد علي في (وثيقة رقم (91) عبدالرحيم عبدالرحمن: من وثائق الدولة السعودية في عهد محمد علي ،ص304): (.. وحاصر في تلك الحوالي المتحصنين في داخل القلعة من الخارج البالغ عددهم أربعة آلاف جندي، وضيق عليهم الخناق كما ينبغي ،بإطلاق المدافع، وإلقاء القنابل عليهم، كما حرر الباشا المومى إليه عبدكم تفصيل هذه الكيفية .. وحيث أن هؤلاء المحصورين، في داخل القلعة ثبتوا ثباتا في الدفاع، زاعمين أن مدلول النظم المجيد (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) في حق أمثالهم من المبطلين واعتقدوا أن هذا الدفاع يكون لهم ذخرا أخرويا..). ويغني عن ذلك كله قول محمد البسام (صاحب الدرر) مع انه من المعارضين للدولة السعودية الأولى: (.. والله ما تغلب عليهم صاحب مصر من خوف منهم أو جبن، بل بخيانة من العربان، ورضا من ساكني البلدان..). "مناشدة": وإنني هنا من منبر (الرياض) الحر ارفع رسالة إلى المؤسسات المسؤولة عن حفظ تاريخ بلدنا وصونه من التلاعب أن تتدخل لرد هذه المزاعم ولتأمين التاريخ العزيز على قلوبنا من أن تمتد إليه (أيدي المساء) التي تجوب شوارعه الخالية، وتسطو على وقائعه في غفلة لن تحمد عقباها، بسحب هذه الكتب من المكتبات، وتصحيحها مع لفت نظر مؤلفيها إلى تحري الحقيقة وعدم التلاعب بتاريخ وطننا العظيم، فلو كان الخطأ أو التلاعب في تاريخ قبيلة لقامت الدنيا ولم تقعد، لكنه تاريخ بلدنا تعاد كتابته على حسب أهواء الكاتب وأمثاله ولا منافح ولا مدافع.. وليس أدل على ذلك من صدور كتاب عن كيان ثقافي تاريخي بحجم (دارة الملك عبدالعزيز) يؤرخ ل(تاريخ معالم المدينةالمنورة ص389) دون أن يقف أو حتى يشير إلى أمراء الدولة السعودية الأولى في المدينة، وكأن المدينةالمنورة لم تكن تابعة لتلك الدولة.. فكيف تمر أو تمرر أشياء كهذه، أم أن الدارة لم تعد تتحقق من دقة ما يرد إليها من مؤلفات، وتكتفي بقذفه إلى المطابع دون رقيب أو حسيب؟!