تسعدنا الصحف المحلية بالأخبار الطبية والعلمية التي نرى أهميتها وضرورة نشرها لنشر الثقافة العلمية في المجتمع، غير ان بعض الأخبار يأتي مبالغ فيه بعض الشيء إما لأسباب ظاهرة وإما مخفية والمعنى في قلب الشاعر، وأنا لست ضد الإشادة بالعمل الجيد الذي يمكن أن يحسن خدمة طبية أو خدمات عامة تفيد المجتمع، وقد شدني الخبر المنشور في جريدة الرياض يوم السبت الموافق 1429/3/21ه - 2008/3/29م بعنوان (باحث سعودي يوجد معايير جديدة). وهنا لي نقطتان أولاهما: فيما يتعلق بالعنوان (إيجاد معايير جديدة) فبحكم عملي في مستشفى الملك فيصل فإننا نتعامل بصفة دائمة مع مرضى أطفال وبالغين، ممن يستخدمون مادة (الوارفين) بصورة يومية، والمعايير التي ذكرت في الخبر معمول بها منذ عام 1994م على مستوى العالم، وهناك بحث نشر في المجلة الاسكندنافية للبحوث العلمية عام 1994م بهذا الشأن وقد أوصى البحث آنذاك بعدم ايقاف مادة الوارفين قبل خلع الأسنان خاصة لمرضى القلب الذين أجريت لهم عملية استبدال صمام في القلب، وبعد ذلك توالت البحوث العلمية. وفي عام 1998م نشرت المجلة البريطانية لجراحة الفم والفكين عدة بحوث متتالية توصي بعدم ايقاف دواء الوارفين لأي مريض قبل اجراء عملية خلع الأسنان، وفي البداية كان مستوى التحليل المقبول INR=3 والآن بعض المراكز قد تقبل إلى INR=3.5 وهذا يعني ان المعايير موجودة ومعمول بها عالميا منذ حوالي 13سنة، وقد ورد في الخبر (لذا عكف العلماء الباحثون على مستوى العالم في الآونة الأخيرة). ثانيتهما: هي أن صياغة الخبر فيها انقاص من حق المستشفيات الكبرى التي تستقبل الأغلبية العظمى من المرضى الذين يتعاطون مادة الوارفين باستمرار، فمثلا نحن في قسم الأسنان في مستشفى الملك فيصل ومنذ منتصف التسعينات وبالتعاون مع عيادة تخثر الدم تبنينا هذه المعايير استنادا لما نشر في المجلات العلمية العالمية، وحاليا نقوم بمعالجة الأطفال والبالغين بدون ايقاف الوارفين فهذا المعيار معمول به ومعروف ونحن بصورة مستمرة نقوم بمراجعة معايير طبية كثيرة لها علاقة بصحة المرضى وسلامتهم، وانا اعتقد ان معظم المستشفيات الكبرى تقوم بذلك.. ولم يوضح الخبر اين أجريت الدراسة ومن هم اطباء القلب او تخثر الدم الذين شاركوا فيها؟! أيضا ورد في الخبر انشاء قاعدة معلومات والمعروف ان مركز الأبحاث في مستشفى الملك فيصل التخصصي يملك (السجل الوطني لتسجيل حالات أمراض القلب) وهناك آلاف من المرضى الذين تم تسجيل حالاتهم، ويسمح البرنامج نفسه بادخال جميع المعلومات التي تتعلق بالمريض بما في الأدوية المستخدمة. وما اردت ايضاحه ان السجل الوطني موجود منذ أكثر من عشر سنوات. وبقي أن أوضح ان هناك ما يعرف بالدراسة المقارنة او اعادة البحث على المرضى المحليين، اي ان تكون الدراسة قد تمت في بلد معين ثم يقوم الباحث بتطبيق الدراسة نفسها على مجموعة معينة من المرضى في بلده، وهنا لا تعتبر الدراسة جديدة ولا النتائج ولكنها تؤكد ما قد عمل به سابقا. وفي الختام.. فاني لم اكتب هذه الكلمات الا لأن الأمانة العلمية تحتم علي ان اشارك بهذا الموضوع، والله ولي التوفيق. *مستشفى الملك فيصل التخصصي