نجران تلك المدينة الساحرة الرابضة على ضفتي وادي نجران التي تعبق فيها نسائم التاريخ وتفوح رائحة المجد بين ثنايا أوديتها وشعابها وأطلالها فهناك كانت مجالس الأدب والشعر في قصور ملوك بني عبد المدان وكأنني أرى وأسمع الشاعر الأعشى بعد أن أناخ راحلته في صحن الدار يتغنى بمدحهم وجزيل عطاياهم... لقد أصبحت هذه المدينة منارة إشعاع ثقافي وإقتصادي على مر التاريخ فالبستاين تمتد على ضفتي الوادي تفيض بالخير وتجود بالعطاء والخمائل تتقاطر على امتداد النظر تعج بالحياة الفطرية وقد نحت مهندسوها في الصخور وعلى جوانب الجبال جداول تفيض بالماء الزلال ما زالت اثارها باقية شاهدة على مر العصور بحضارة سادت في هذه المنطقة العزيزة من هذه المملكة الفتية غير أن هذه المقومات تحتاج إلى إيجاد آلية خاصة بالترفيه ومسارح لقضاء امسيات ترفيهية وثقافية ومسابقات وتنظيم مهرجانات تعكس تقاليد وتراث المنطقة بأسلوب مشوق وممتع. كذلك توفير المعلومات عن طريق الحاسبات الآلية وربطها بالفنادق والشقق المفروشة ومكاتب الخدمات والخطوط الجوية وتوفير مرشدين سياحيين على مستوى جيد من الثقافة والمعرفة وإنشاء فرق مواصلات تتوفر فيها وسائل النقل للمجموعات السياحية للتنقل بواسطتها لمناطق الريف والآثار والقرى الريفية والمنتزهات والحدائق..... الخ. إن مدينة نجران تعتبر من أهم المناطق السياحية في المملكة فآثارها تمتد مسافات طويلة ما بين أسوار عالية من الصخر الأصم المزينة بنقوش وكتابات حميرية قديمة تسجل مآثر سكانها وصراعهم من أجل البقاء وأطلال اختلطت فيها عظام بشرية برماد النار التي تأججت في السنين الغابرة والتي جاء ذكرها في القرآن الكريم (النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود) الآية... ويكفيها شرفاً ان الله سبحانه وتعالى قد ذكرها في القرآن الكريم. ويهمنا فقط ان نستثمر هذا الزحم الهائل من مآثرها التاريخية فهي قبلة السائح ومحط الباحث عن عبر التاريخ ولقد وجدت ايضاً وبالصدفة كتابات باليونانية القديمة في أحد جبالها مما يعطي دلالة واضحة ان المدينة قد تعرضت الى غزو روماني قبل آلاف السنين ما زالت المراجع التاريخية المتوفرة حالياً شحيحة ومتناثرة عن أسباب هذا الغزو وكيفيته وما آل إليه. لقد بدأت المدينة حالياً تأخذ بأسباب التقدم فامتد العمران وعبدت الطرق واقيمت المنشآت الخدمية وجلبت المياه العذبة من مشارف الربع الخالي وانشئت جامعة نجران التي استقبلت كلياتها الطلاب والطالبات وانتشر التعليم في ربوعها وقراها وكل ذلك بفضل أميرها صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن سعود بن عبدالعزيز الذي نقلها نقلة نوعية وكبيرة إلى مصاف المدن الكبيرة لما تحتويه من منشآت خدمية بفضل جهوده المتميزة ولذلك بدأت هذه المدينة تستقطب الاستثمارات وخاصة السياحية منها إلا أن صناعة السياحة فيها ما زالت متواضعة فالحرف اليدوية بقيت فردية دون وجود رابط. والنزل السياحية تكاد تكون معدومة والبنية التحتية لصناعة السياحة غائبة رغم توفر الظروف البيئية والمناخية والإمكانات البشرية والكم الهائل من الموروثات الثقافية والتقاليد الاجتماعية والآثار وأنا على ثقة أن منطقة نجران بعد ان حضيت بنصيب جيد من المشاريع الخدمية في الآونة الأخيرة ستصبح مستقبلاً منطقة جذب سياحي يؤدي إلى نمو اقتصادي كبير كما يؤهلها ذلك إلى أن تكون واحدة من المناطق الرئيسية في المملكة ذات الخصائص الفريدة في مقومات السياحة. *عضو مجلس التنمية السياحية بمنطقة عسير