الذين يشاهدون اليوم أفلام سيد الإثارة والتشويق ألفريد هيتشكوك يتعجبون من روعتها وكمالها وبقائها في الذاكرة طويلاً حيث تبقى راسخة في ذهن كل محبي السينما، مع أن الإمكانات في وقت صناعتها لا تضاهي ما هي عليه الصناعة اليوم، حتى يتساءل البعض ماذا لو صنعت تلك الأفلام المثيرة التي تتطلب جهداً فنياً وتقنياً عالياً في زمننا هذا؟ وكيف ستبدو؟. في الحقيقة تم إعادة الكثير من أفلام هيتشكوك سواء في السينما أو التلفزيون لكن أياً منها لم تحالفه حظوظ النجاح، بل سقط بعضها في أتون الفشل. ومنها تحفته الشهيرة "سايكو" التي صنعها عام 1960والتي تعتبر أكثر أفلامه هيتشكوكية، وهو مصطلح أطلق على الأفلام التي تمازج بين الرعب النفسي والغموض تحت إطار بالغ التشويق، حيث قام المخرج الأمريكي الغريب "غاس فان سانت" في عام 1998بإعادة حرفية لها، بل لم يغير النص الأصلي الذي كتبه جوزيف ستيفانو عام 1960عن رواية روبرت بلوك التي استوحاها من قصة حقيقية لشاب مصاب بانفصام في الشخصية يقوم بارتكاب جرائم قتل غامضة. الحادثة المذهلة التي أصابت المشاهدين بالصدمة في ذلك الوقت كانت مقتل بطلة الفيلم التي قامت بتأدية دورها النجمة الشقراء الشهيرة (جانيت لي) وذلك في الربع الأول من الفيلم، وهي تحدث لأول مرة أن يُقتل بطل يرد اسمه على رأس الأسماء المشاركة في الفيلم بتلك السرعة الخاطفة، وأيضاً لا يُكترث بموته! ذلك المشهد الحابس للأنفاس هو مشهد (الحمام) الذي أصبح علامة بارزة من علامات السينما حيث تدخل البطلة إلى الحمام وتغلق الستارة عليها ويظهر لنا من خلف الستارة القاتل المهووس الذي ينزل بالسكين عليها ويرديها صريعة تسبح بدمائها. ذلك المشهد الشهير الذي تفنن هيتشكوك في إخراجه ومونتاجه ووضع الموسيقى الصاخبة المناسبة لأجوائه المرعبة نشاهده كما هو في النسخة الجديدة لكن من دون تلك الروعة ولا الصدمة التي أصابت الجمهور حين مشاهدته لنسخة هيتشكوك العظيمة. هذا الفشل الذي أصاب الإعادة الرديئة التي قدمها "غاس فان سانت" الذي يبدو أنه يعشق فيلم (سايكو) حتى الجنون وهذا ما دفعه لنقله كما كان بلا زيادة ولا نقصان، لكن لو أنه اكتفى بعشقه الجنوني ولم يُقدِم على عمله هذا لكان أفضل له، ولكنه درسٌ فليتعلمءه كل من تطال يده تلك الروائع والتحف السينمائية الخالدة.