شهد مقر منظمة اليونسكو طوال نهار الأمس الاثنين تظاهرة ثقافية علمية تقف المملكة وراءها تحت عنوان "الترجمة وسيلة تعارف". وأشرف عليها معالي الأستاذ فيصل بن عبد الرحمن بن معمر المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مكتبة الملك عبد العزيز العامة أمين عام جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة والدكتور زياد بن عبد الله الدريس مندوب المملكة الدائم لدى اليونسكو. وفي مستهل فعاليات هذا اليوم ألقت السيدة فرانسواز ريفيير مساعدة مدير عام اليونسكو المكلفة بالثقافة كلمة تطرقت فيها إلى اهتمام المنظمة الدولية بالترجمة كعامل هام من عوامل تقارب الحضارات وأثنت على عدد من الجامعات والمؤسسات العربية التي أدخلت منذ مدة طويلة مادة الترجمة من العربية إلى لغات أخرى ومن هذه اللغات إلى العربية في برامجها. وحول دور المملكة في الاهتمام بالترجمة قالت السيدة ريفيير "إن مبادرة اليوم تؤكد بشكل واضح التزام المملكة وتعلقها بقضية الترجمة". وتعرضت لإسهام العرب القدامى في حركة الترجمة العالمية فاستشهدت مثلا بما قامت به الخلافة العباسية في هذا الصدد ولاسيما في عهد المأمون. وقد قسمت محاور هذه التظاهرة إلى ثلاثة محاور هي التالية: دور الترجمة في تعزيز الحوار بين الثقافات سبل تفعيل الترجمة من اللغة العربية وإليها الجهود السعودية في خدمة الترجمة العربية انطلاقا من تجربة جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة. وقد شارك في المداخلات الكثيرة والثرية عدد كبير من السفراء العرب المعتمدين في منظمة اليونسكو منهم إلياس صنبر سفير فلسطين في المنظمة الدولية والذي كان له الفضل في نقل جانب هام من إبداع الشاعر الفلسطيني محمود درويش وكثير من المبدعين والمتخصصين في الترجمة ومنهم على سبيل المثال لا الحصر كاترينا ستينو رئيسة قسم حوار الثقافات في اليونسكو وإبراهيم البلوي وأحمد البنيان عضوا اللجنة العلمية لجائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة والدكتور عبد الله الخطيب الملحق الثقافي السعودي بفرنسا. استراتيجية عربية جديدة لفن الترجمة ويتضح من خلال المداخلات التي قدمت طوال أمس والنقاش الذي دار بشأنها لاسيما في ما يتعلق بمكانة الترجمة في المنطقة العربية أن جائزة خادم الحرمين للترجمة العالمية تعد بحق مبادرة ذات أبعاد إنسانية ومعرفية كبيرة بالنسبة إلى صورة العرب والمسلمين في العالم وصورة العالم لدى العرب والمسلمين. وأكد عدد كبير من المشاركين في النقاش أن هذه الجائزة تعد بحق وثبة نوعية في تعامل العرب مع فن الترجمة كوسيلة للحوار مع الثقافات والحضارات الأخرى وكأداة أساسية من أدوات التعريف بالثقافة العربية الإسلامية التي أشعت في عصورها الذهبية بفضل جهود خاص منها تلك التي تتصل بالترجمة. ولفت مشاركون آخرون في التظاهرة إلى أنه آن الأوان في العالم العربي كي تقوم ترجمة الكتب المرجعية المعرفية على جهد جماعي وتجاوز التجارب الفردية التي تذكر فتشكر ولكنها غير كافية أبدا للتأسيس لثقافة معرفية صلدة. وقد شدد الدكتور إبراهيم البلوي عضو اللجنة العلمية لجائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة على ضرورة إيجاد صيغة تسمح لمجامع اللغة العربية بالعمل على توحيد المصطلح. وقال إن مكتب التنسيق الذي يعنى بالتعريب في البلدان العربية والذي يتخذ من الرباط مقرا له لم يعط الإمكانات التي تتيح له الاضطلاع بدور هام في هذا المضمار. واعتبرت الدكتورة شادية قناوي سفيرة مصر لدى اليونسكو أن من شروط الترجمة الجيدة لدى كل الشعوب هي الاعتراف بالآخر والرغبة في التعرف عليه وفي التحاور معه. وذكرت أنه بقدر مايسعى العرب اليوم إلى بذل جهود في هذا الشأن ولو كانت متواضعة بقدر مايظل الغرب لايتعامل بالمثل مع الثقاقة العربية وقالت موجهة نداء إلى الذين يهتمون بالترجمة في الغرب "أرجوكم اسمعونا". وقد اختتمت التظاهرة أمس بافتتاح معرض للصور الفوتوغرافية عن المملكة في أروقة اليونسكو تحت عنوان "صوت الصمت".