أحالت لجنة طبية متخصصة بمستشفى الملك فيصل بالطائف عروساً في عقدها الثاني من العمر إلى مستشفى الصحة النفسية، نظراً لسوء وضعها النفسي بالدرجة الأولى نتيجة تعرضها لعنف من قبل الزوج تمثل في الضرب، وتسديد لكمات في البطن واليد اضافة إلى التوبيخ المستمر طوال فترة الزواج والتي امتدت لشهرين فقط. في الطائف أيضاً استقبل قسم الطوارئ بمستشفى الملك فيصل سيدتين تعرضتا للعنف من قبل زوجيهما وأدخلتا إلى الطوارئ وهما تعانيان من كدمات، وندوب متعددة على جسديهما وجرى تنويم إحداهما لمدة يومين فيما خرجت الأخرى بعد تلقي العلاج. امرأة أخرى أصابها زوجها بالصمم، في الأذن المتبقية لديها، بعد أن أفقدها عنفه وضربه المستمر أذنها الأولى. مواطن سعودي آخر يبلغ من العمر "50" عاماً يقوم بضرب زوجته وأبنائه وتعنيفهم بقوة، وعند استدعائه من قبل الشؤون الاجتماعية أنكر ذلك، بل وذرف الدموع ورفض الحديث، وعندما حاولت الشؤون الاتصال بزوجته، وجُدت في المستشفى هي وأبناؤها يلتقون العلاج بسبب ما تعرضوا له من ضرب من قبله، إضافة إلى أن أحد ابنائه منوم في العناية المركزة بالمستشفى نتيجة الضرب المبرح له. هذا العنف المركز ضد النساء والأطفال هل يعني أنهم الحلقة الأضعف من خلال طرح الحالات السابقة التي هي في الأصل نماذج لحالات كثيرة غزت المجتمع أخيراً من خلال تعرضها للعنف من قبل الزوج، وعجز المرأة في الدفاع عن نفسها بدنياً وأحياناً رضوخها واستسلامها للعنف وعدم قدرتها على المغادرة للمنزل إما لتعلقها بأطفالها أو لعجزها الاقتصادي، وتحملها لكل ما يجري لإحساسها بأنها لن تتمكن من توفير متطلبات الحياة البسيطة بنفسها خصوصاً إذا كانت غير موظفة، ولا حماية اقتصادية لديها. في دراسة للدكتور أحمد أبوالعزايم استاذ الصحة النفسية أجريت في مصر حول زيادة العنف الأسري وتأثيرها على الصحة النفسية للمرأة أشارت أن هناك عوامل مرتبطة بالآباء فكثير منهم يسيئون معاملة أطفالهم وزوجاتهم بسبب اضطرابات في شخصياتهم، وأوضحت الدراسة ان 5.41% من النساء اللاتي تعرضن للعنف أفدن بأن أزواجهن يعانون من مشكلات نفسية، وعند مقارنة آباء الأزواج الذين يستخدمون العنف بغيرهم ممن لم يستخدموا العنف، نجدهم يتسمون بالعزلة والعجز والاكتئاب، وانهم لا يملكون ضبطاً لدوافعهم، وعدم قدرتهم على تحمل الإحباط، وكثيراً ما يلاحظ عليهم سوء استخدام المواد وإدمانهم الكحوليات. وأشارت الدراسة إلى أن الآباء والأزواج الممارسين للعنف يتسمون بضعف في احترام الذات وعدم الرضا عن العمل أو وجود انتماء ديني بشكل متطرف أحياناً والجهل بتربية الأطفال والتوقعات غير الواقعية والتوقع السيئ عن سلوك الأطفال أو الزوجة، كما أن لديهم الرغبة في إرضاء حاجاتهم الانفعالية غير المناسبة عبر الطفل أو الزوجة. وينوه الدكتور أحمد إلى ان الآباء الذين يمارسون العنف هم أصلاً لديهم تاريخ في هذا الأمر حيث ان هؤلاء الآباء نشأوا في بيوت تعسفية خلال طفولتهم، والأمر نفسه يتكرر مع زوجاتهم وأسرهم لأن العنف يولد العنف. وأكدت دراسة ثالثة أن الحوادث في طفولة الآباء على علاقة بإساءة معاملة هؤلاء لأسرهم خاصة زوجاتهم، وقد تؤثر أيضاً العلاقة بين الوالدين أنفسهم على تكرار ممارسة العنف ضد الأطفال حيث ان الأطفال الذين شاهدوا الوالدين في حالة صراع وعنف (يضربون بعضهما) قاموا بممارسة العنف بدرجة أعلى من الأطفال الذين لم يشاهدوا ذلك المشهد. وفي دراسة للأمم المتحدة عام 1989م اكدت ان الأزواج الذين عاشوا في أسر تمارس العنف يمارسون هذا العنف ضد زوجاتهم. ورغم كل الدراسات التي تحلل المشكلة ولا تطرح لها حلولاً تظل المرأة والأطفال غير آمنين في مجتمعات تعتبر أن العنف ضد النساء طبيعي وتأديبي أحياناً وان طرحه دائماً يعتبر تهويلاً له.