تتردد كثيراً عبارة "لإكمال اللازم" بهذا النص أو قريباً منه في أدبيات العمل - سواء كان فنياً أو غير ذلك - كتوجيه إداري على المعاملات الصادرة من مسئول أعلى إلى من يليه أو من مدير إلى مرؤوسيه. إن المتأمل لهذا النوع من التوجيه لا يعدم استنباط ثلاثة أسباب على الأقل لهذا التوجيه وهي: الأول: إن من كتب هذا التوجيه لا يعرف ماذا يتوجب فعله تجاه المعاملة وإلا وجه بتحديد الإجراء الواجب اتخاذه تجاه المعاملة، ولهذا ألقى بالتبعية على الموظف ليجتهد بتفسير ما هو اللازم، وهذا الاجتهاد سوف يكون وفق قدرات الموظف الذهنية والمعرفية ومدى خبرته العملية، هذا الاجتهاد قد يصيب وقد يخطئ، فإن أصاب فلا إشكال في ذلك بالرغم من أن الإصابة مستويات، وإن أخطأ فقد يكون الخطأ جسيماً مما يصعب معالجة آثاره، وإن عولجت تلك الآثار فقد يكون الثمن باهظاً خصوصاً في العمل الهندسي، ناهيك عن أن مثل هذا التوجيه يؤدي في أغلب الأحيان إلى تأخير إنجاز المعاملة لأنه لا يحدد المطلوب، أي أن التسويف موجود في بنية هذا النوع من التوجيه. الثاني: عدم وجود نظام دقيق وشامل كوجود دليل واضح للإجراءات وهيكل تنظيمي حديث ومطبّق، ووصف وظيفي بيّن لتكون تلك مرشداً للمديرين في كتابة التوجيه المحدد وتكون للموظفين مرجعاً لإدارة أعمالهم كما ينبغي أن تؤدى وفق مرجعية واضحة ومحددة يتقلص معها هامش الاجتهاد ما أمكن، ويكون إنجاز المعاملات مستنداً إلى إجراءات واضحة وبيّنة وشاملة، وإلى وصف وظيفي دقيق يعرف من خلاله الموظف ما يجب فعله وما هو ضمن اختصاصه وواجباته وما هو خارج اختصاصه. الثالث: الرغبة في عدم تحمل مسئولية التوجيه لدوافع مختلفة باختلاف الحالات والأشخاص، حيث أن التوجيه فيه من العمومية ما يكفي للتنصل من أي تبعات قد تظهر لاحقا.