اعتنت الشريعة الإسلامية بحفظ الفروج والأعراض أكثر من غيرها من عقود المعاملات، ولذلك يرى بعض الفقهاء عدم الاعتماد في عقود النكاح في القبول والإيجاب على المحادثات الهاتفية والانترنت وما شابهها تحقيقا لمقاصد الشريعة ومزيدا من العناية في حفظ الفروج والأعراض، وحيث أنه يكثر الحديث عن إجراء عقد الزواج عن طريق الانترنت الذي أصبح مثارا للجدل في الآونة الأخيرة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه في هذه القضية لماذا لا يوثق عقد الزواج رسميا حفظا للحقوق الزوجية والأنساب، طالما أن الزوجان لابد أن يلتقيا في بلد معين ليعيشا معا بمقتضى العلاقة الزوجية. وحيث أنه يشترط في عقد الزواج أولا: تعيين الزوجين فلا يصح العقد إلا على زوجين معينين لأن مقصود النكاح أعيانهما، ثانيا: الولاية فلا يجوز للمرأة أن تتزوج بدون ولي، وان تزوجت المرأة بدون ولي فنكاحها باطل لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا نكاح إلا بولي) وفي رواية (أيما أمرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، وان اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له) ولا يعرف من الصحابة خلاف ذلك قال تعالى (وانكحوا الأيامى منكم) وقوله سبحانه (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) فخاطب الرجال بتزويج النساء لأن المرأة بطبيعتها لا تعرف حقيقة الرجال وتجهل أحوالهم. وثالثا: رضى الزوجين ورابعا إعلان الزواج والاشهاد عليه، وخامسا: الكفاءة. ونعتقد أن عقد الزواج يعتبر من أخطر العقود التي يتعامل بها الإنسان في حياته، وقد سماه الله تعالى ميثاقا غليظا، ويترتب عليه مصير الزوجين وابنائهما من بعد، لذلك لا بد في عقد النكاح من توافر أركان الزواج من الإيجاب والقبول وخلو الرجل والمرأة من موانع النكاح، ويشترط لصحة الأركان كمال أهلية المتعاقدثين وان يعلم كل منهما ما صدر من الآخر واتصال وموافقة القبول بالإيجاب وعدم رجوع الموجب عن الإيجاب قبل القبول، وان تكون الصيغة صريحة ومنجزة وغير معلقة، وقد شدد الفقهاء في مسألة اتحاد مجلس الإيجاب والقبول فإذا وجد فاصل بينهما فلا ينعقد العقد لاختلاف المجلس. ونخلص إلى أنه إذا كان لا يجزيء في عقد النكاح مجرد التوقيع على العقد المكتوب حيث يلزم تلفظ الولي بالإيجاب والزوج بالقبول وإلا اعتبر العقد باطلا بمعنى أن عقد النكاح لا يتم إلا بالإيجاب وهو اللفظ الصادر من ولي المرأة بقوله أنكحتك أو زوجتك وبالقبول وهو اللفظ الصادر من الزوج قوله قبلت هذا النكاح، فإنه يلزم لصِحَة عقد الزواج وجود الزّوجين في مجلس العقد مع الشّاهدين وذلك للتأكُّد من شخصية الزّوجين وسماع الصيغة، وذلك لا يتوفر في إجراء العقد عن طريق الانترنت لعدم التحقق من طرفي العقد الزوجين الحقيقين، فضلا عن كون الشاهدان غير مطلعان على حقيقة القبول والإيجاب وصدوره من الزوجين أم من غيرهما، وهذا يؤدي للغش والتغرير خاصة بالمرأة لإيقاعها في حبائل الفاحشة والفجور تحت غطاء اسمه زواج عبر الانترنت وفي الحديث (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) وفي رواية (البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة) ولا يعدو كونه محاولة مستحدثه لتقنين وتبريرالعلاقات المحرمة باسم عقد زواج النت، وهو باطل يؤدي إلى مفاسد كثيرة وضياع للأنساب، ولا يقدم عليه إلا من يريد التغرير بالطرف الأخر، حتى انه في حالة وجود خلافات زوجية فقد لا تسمع الدعوى بدون وثيقة زواج رسمية.