باركت حكومة الصين ومسئولوها الصناعيون توجهات واهتمام كبار المستثمرين والصناعيين السعوديين الذين نجحوا في اختراق سور الصين العظيم بمشروعات سعودية ضخمة تجاوز عددها 60مشروعاً صناعياً مختلفاً في قلب الصين بإجمالي حجم استثمارات سعودية في الصين بلغت نحو (48) مليار ريال محققة أعلى المراتب من بين البلدان الأخرى المستثمرة في الصين حيث تابعت ولاحظت "الرياض" التزام جميع المصانع السعودية هناك بكافة الأنظمة الاستثمارية في الصين وسط دعم وتشجيع كبير من قبل أعلى السلطات الحكومية في الصين وعلى رأسهم فخامة رئيس الجمهورية الصينية السيد هو جينتاو الذي ساهمت زيارته الأخيرة للمملكة في دفع عجلة الكثير من المفاوضات بين المستثمرين من الجانبين التي كانت قد تعثرت بعضها لعدة سنوات فيما تتطلع حكومة الصين لجذب المزيد من الاستثمارات السعودية المختلفة وتهيئة كافة السبل التي تضمن نجاح استثماراتهم. ويتزعم المشاريع الصناعية السعودية بالصين عملاقا النفط ارامكو والبتروكيماويات سابك وسعيهما الدؤوب لترسيخ تواجدهما في الصين بكل قوة ومنافسة لاستحواذ أكبر الحصص التسويقية من خلال تصعيد حجم استثماراتهما وتوسعة مشاريعهما القائمة حالياً هناك بالنسبة لارامكو وإقامة صناعات كيماوية تضامنية مشتركة جديدة بالنسبة لسابك التي أسهمت في تصعيد إجمالي حجم الاستثمار السعودي في الصين إلى (47.625) مليار ريال ما يعادل (12.55) مليار دولار فيما بلغ إجمالي استثمارات شركتي ارامكو وسابك لوحدهما (25.125) مليار ريال ما يعادل (6.7) مليارات دولار حيث تضخ ارامكو وشركاؤها (18.750) مليار ريال ما يعادل خمسة مليارات دولار في مشروع فوجيان المشترك للتكرير وإنتاج المواد البتروكيميائية وتسويق الوقود فيما تضخ سابك وشريكها الصيني (6.375) مليارات ريال ما يعادل (1.7) في مشروع سابك ساينوبيك البتروكيماوي في تيانجين بالصين. هذا فضلاً عن اندفاع العديد من المستثمرين السعوديين الآخرين الذين هرعوا ونجحوا في التمركز في الأسواق الصينية من خلال تشييد صناعات سعودية صينية مشتركة متعددة مختلفة بلغ عددها 60مشروعاً عام 2007م بلغت استثماراتها (22.5) مليار ريال ما يعادل (5.85) مليارات دولار وذلك سعياً للاستفادة من ميزة الانفتاح الكبير الذي يشهده الاقتصاد الصيني الذي يمثل ثقلاً عالمياً هائل مسجلاً قفزات باهرة منافسة بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية ومتخطياً ألمانيا فيما اعتبرت الصين أكبر شريك تجاري اقتصادي للسعودية مما يمنح المزيد من المزايا المتعددة التي سوف يجنيها المستثمرون السعوديون المتمركزون بالصين وأهمها قربهم من المئات من عملائهم مما يساهم في خفض تكاليف الشحن والتسويق من المملكة إلى الصين التي تعد أكبر مستهلك للبتروكيماويات في العالم خاصة وأن الأسواق الصينية سوف تمتص كامل الطاقات الإنتاجية للمشاريع السعودية هناك دون أدنى حاجة للتصدير نتيجة لضخامة الطلب وفقاً لضخامة التعداد السكاني ورقعة المساحة مما يكفل سبل نجاح المشاريع السعودية هناك. وشهد التبادل التجاري بين المملكة والصين خلال العام الماضي 2007م نمو بنسبة 26% ليصل إلى 25.36بليون دولار وبلغت صادرات المملكة إلى الصين 17.56بليون دولار بزيادة نسبتها 16% فيما بلغت واردات المملكة من الصين 7.8بلايين دولار بنسبة زيادة 54%. وقام نحو 20ألفاً من التجار والمستثمرين السعوديين بزيارة الصين في عام 2007.وتحظى الشركات السعودية في الصين وخاصة الصناعات البتروكيماويات بتسهيلات يدعمها قرار الحكومة الصينية بتوحيد ضرائب الدخل على المؤسسات والشركات الأجنبية والوطنية. فيما تبحث الصين سبل الحصول على حصص وافرة أيضاً من البترول الخام السعودي الذي تستورده بطاقة تقدر بنحو 450ألف برميل يومياً والدخول في مشاريع واستثمارات مشتركة بترولية في كلا البلدين إضافة إلى تلهفها للاستثمار في المدن الاقتصادية الجديدة بالمملكة وأبرزها الصفقة الكبرى التي وقعتها الصين مع السعودية في بكين للاستثمار في مدينة جازان الاقتصادية حيث ظفرت شركة وسترن وي للتنمية الصناعية المحدودة الصينية بتوقيع اتفاقية لتشغيل وتطوير مجمع متكامل للألومنيوم الذي سيحدث نقلة تنموية هائلة في جنوب المملكة باستثمارات تقدر بمبلغ 15مليار ريال واعتبر الجانب الصيني الصفقة بأضخم استثمار صيني في العالم فضلاً عن الضرورة الملحة لدخول الصينيين في المشاريع السعودية التنموية الضخمة المتنامية الأخرى التي ترتكز أغلبها في البنى التحتية واستثمارات النفط والتكرير والتعدين ومشروعات السكك الحديدية وبناء السفن هذا فضلاً عن دخول إحدى أكبر الشركات البترولية الصينية في مجال استكشاف الغاز الطبيعي بالمملكة والعديد من الشركات الصينية الأخرى الكبرى المختصة في مجالات الحفر والمسح الزلزالي وأعمال تشييد المصانع الضخمة. وفيما يتعلق باستثمارات سابك في الصين فقد أكد ل"الرياض" الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع رئيس مجلس إدارة سابك مساعي القيادتين الحكيمتين السعودية والصينية لتطوير آفاق علاقاتها الاقتصادية منوهاً بمعدلات النمو العالية التي يحققها الاقتصاد الصيني التي أضحت موضع إعجاب العالم وتشكل حافزاً قوياً يشجع سابك على تعزيز حضورها في السوق الصينية سواء بزيادة مكاتبها التسويقية أو بإقامة استثمارات صناعية بالاشتراك مع القطاعات الصينية. ونتج عن تلك التوجهات الملحة إنجاز مشاركة إستراتيجية ضخمة لشركة سابك بالصين بالتحالف مناصفة مع الشركة الصينية للبترول والكيماويات (ساينوبك) واللتين وضعتا ثقة متبادلة وتكاتفتا لإقامة أكبر مجمع صناعي مشترك في (تيانجين) بالصين بتكلفة (6.375) مليارات ريال ما يعادل (1.7) مليار دولار وبطاقة إنتاجية تبلغ مليون طن متري سنوياً من البولي إثيلين وجلايكول الإثيلين اللذين تتزعم سابك إنتاجيتهما في العالم. ويحظى المجمع بوفورات مشتقات مادة الإثيلين التي توفرها وحدة التكسير التابعة لشركة (تيانجين للبتروكيماويات) المملوكة بالكامل لشركة (ساينوبك) ومن المقرر بدء إنتاجه بنهاية 2009م. ومن جهته أوضح المهندس محمد بن حمد الماضي نائب رئيس مجلس إدارة سابك الرئيس التنفيذي بأن سابك تتابع تطورات النهضة الصناعية الصينية ونموها الاقتصادي وتعتز بدخولها المبكر للأسواق الصينية التي دعمتها سابك منذ الثمانينيات بمنتجاتها البتروكيماوية المختلفة التي شهدت طلباً قوياً في الصين ومنها الأسمدة ومواد النسيج الصناعي والحديد والصلب والخامات البلاستيكية فيما تتطلع سابك لتعزيز تواجدها بالصين من خلال تصعيد الحصص التسويقية وإقامة مشاريع صناعية عملاقة خاصة وأن هذه السوق تعد من أهم أسواق سابك الإستراتيجية كونها أكبر سوق عالمية للمنتجات البتروكيماوية. فيما تدخل شركة أرامكو السعودية وشركة إكسون موبيل وشركة ساينوبك في تحالف لإنشاء مشروعين مشتركين الأول لتطوير مجمع عملاق ومتكامل في مجال التكرير والمواد البتروكيميائية في مقاطعة فوجيان بجنوب الصين، والثاني مشروع مشترك لتسويق المنتجات البترولية التي تنتجها المصفاة في جميع أنحاء مقاطعة فوجيان ويعد أول مشروع متكامل في مجال التكرير وإنتاج المواد البتروكيميائية وتسويق الوقود بمشاركة عدة أطراف دولية في جمهورية الصين الشعبية. ويتضمن مشروع فوجيان المشترك للتكرير وإنتاج الإيثيلين، الذي يقع في مقاطعة فوجيان تحديث وتوسعة المصفاة القائمة لترتفع طاقتها الإنتاجية من 80ألف برميل في اليوم (أربعة ملايين طن في السنة) إلى 240ألف برميل يوميا (12) مليون طن في السنة مع زيادة طاقة المصفاة من المنتجات ذات القيمة العالية. وسيتم تصميم المصفاة المطورة بحيث تكون قادرة على تكرير الزيت الخام العربي بصفة أساسية، كما سيتم في إطار المشروع إنشاء مرافق بتروكيميائية جديدة، منها وحدة بخارية لتكسير الإيثيلين بسعة 800ألف طن سنويا، ووحدات انتاج البولي إيثيلين بطاقة قدرها 800ألف طن سنويا، والبولي بروبيلي بطاقة 400ألف طن في السنة، ووحدات تصنيع للمشتقات الكيماوية المصاحبة. وتشمل مرافق المساندة التي ستتم إقامتها في إطار المشروع رصيفا بحريا لناقلات الزيت الخام بطاقة 300ألف طن في اليوم، بالإضافة إلى بناء مرافق للتوليد المشترك للطاقة الكهربائية وكافة المنافع الضرورية. في الوقت الذي بدأت فيه الشركات القطرية تحذو حذو الشركات السعودية لإقامة صناعات مشتركة في الصين حيث تخطط شركة قطر للنفط للدخول مع شركة بيتروتشاينا وهي اكبر شركة منتجة للنفط في الصين لتشييد مجمع للبتروكيماويات حيث يجرى حاليا إعداد دراسة جدوى حول المشروع المشترك المرتقب ومن المتوقع أن يدشن المشروع في عام 2013بقدرة إنتاج سنوية تتراوح بين 700ألف و 800ألف طن للمرحلة الأولية وقد توصلت الشركتان إلى اتفاق لإقامة المشروع الذي يتوقع أن تنضم إليه شركة شل الهولندية الملكية. فيما تعتزم شركة بيتروتشاينا إقامة معمل تكرير قدرته 10ملايين طن في هولوداو بمقاطعة لياونينغ بشمال شرق الصين وستنشئ الشركة معمل تكرير آخر في سنغافورة. الجدير بالذكر أن الصين تلقت 61.67مليار دولار أمريكي من الرساميل الأجنبية خلال العام الماضي 2007م بزيادة 13.66% بالمقارنة مع ذات الفترة لعام 2006وقد أجازت الحكومة ما يزيد عن 34ألف شركة أجنبية استثمارية خلال هذه الفترة حيث عملت الصين على تعديل سياسة الاستثمار الأجنبي التي ساهمت في تعزيز انفتاح الصناعات المختلفة مع وجود توجهات تسمح لأول مرة للاستثمارات الأجنبية بالعمل في سوق الأسهم وبناء وإدارة شبكات الطاقة فيما تواصل الصين طرح سياسات ضريبية ملائمة لتشجيع الاستثمارات الأجنبية في قطاعات معينة وسوف تحافظ على أن تبقى سياستها حيال الاستثمارات الأجنبية مستقرة. وكانت الصين قد تلقت 69مليار دولار أمريكي من الاستثمارات المباشرة الأجنبية في عام 2006وكانت ثالث اكبر بلد يتلقى هذه الاستثمارات بعد الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وذلك حسب تقرير مؤتمر الأممالمتحدة حول التجارة والتنمية. واتخذت الحكومة الصينية سلسلة من الإجراءات المشجعة لجلب الاستثمارات والتي تشمل إلغاء وتخفيض حجم رد الضريبة المسددة لبعض البضائع وفرض أو رفع ضريبة التصدير لبعض البضائع وسياسة تعديل تجارة المعالجة إضافة إلى إصدار قانون ضريبة دخل الشركات وقانون مكافحة الاحتكار واللوائح حول توحيد أعمال الضم والشراء لدى المؤسسات الأجنبية التمويل. وتعتبر الصين اكبر منتج ومستهلك للصلب في العالم حيث أنتجت العام الماضي 489.2مليون طن من الصلب الخام و 469.4مليون طن من الحديد الزهر بزيادة تتجاوز 15% على أساس سنوي وقد ارتفعت أرباح شركات إنتاج الحديد والصلب بنسبة 45% نظراً للطلب القوي في العالم حيث بلغت الأرباح 26مليار دولار. وارتفع صافى صادرات الصلب الخام بنسبة 58% ليصل إلى 88.54مليون طن. وتركزت الأرباح أساساً في الشركات العشرين الكبرى المنتجة في البلاد التي تمثل 61.7% من الرقم المسجل في عام 2007.وقد أدى ارتفاع أسعار خام الحديد والفحم والكهرباء والنقل إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج حيث ارتفعت التكاليف بنسبة 55% بالنسبة لبعض الشركات المنتجة التي تعتمد بشدة على المعادن المستوردة فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد الخام وارتفاع رسوم حماية البيئة.