طلعت على خبر نشرته جريدتكم الموقرة في عددها 14507ليوم الخميس الخامس من ربيع الأول لعام 1429ه بعنوان القبض على خاطفي الشيخ الرومي في الرياض. استوقفني هذا الخبر بشكل الزامي فما استطعت بعده قراءة ماتحويه الجريدة من انباء لبشاعة هذه الجريمة وسوء الجناية ولكونها دخيلة من نوعها على مجتمعنا المسلم المحافظ، نعم هذه الجريمة تعد من أكبر الجرائم وذلك لعدة أمور: 1- كونها اعتداء على نفس مسلم وتخويفه بالسلاح وتهديده بالقتل. 2- إنها جمعت بين الخطف والتهديد والتخويف والسلب والسرقة. 3- إنها خارمة للأمن وسالبة للسكينة ومانعة للاستقرار. وإذا نظرنا إلى هذه الحادثة بعينها وجدنا أنها تبوأت أعلى درجات الجريمة، وذلك لكونها وقعت في حق قاض بالمحكمة الكبرى وشيخ جليل وإمام فاضل ورجل تفخر به المجتمعات لعلمه ووقاره، ناهيك بوقوعها في أطهر البلدان وبين جنبات شعب التوحيد وتحت ستار دولة حكمت الشريعة الإسلامية وأسدلت الأمن على شعبها بكل ما تملك . نعم أنا هنا لا أضخم تلك الجريمة ولا أريد إشاعتها ولكنه الواقع المرير والجرم الكبير الذي لا يمت لبلادنا وشعبنا بصلة. ولعل القارئ الكريم أن يتتبع بدقة كل الاحصاءات المتعلقة بالجريمة في دول الغرب بل في البلاد التي تكثر فيها جرائم السطو والاعتداء ليرى أن الاعتداء على القضاة من أندر النوادر ومن أبعد الوقائع وتلك البلاد لا تنتمي الى دين صحيح وليس لها ولاء صادق، فكيف يقع من أبناء العقيدة الحقة وأهل الولاء الصادق وشعب الوحدة والائتلاف؟! هذا النوع من الجرائم قد انتشر في الآونة الأخيرة وتولى كبرها زمرة من أهل البطالة وأرباب السوابق وأخذوا يخططون لها ويعملون لها تجارب في العمالة الوافدة مستغلين ضعفهم وعجزهم عن المقاومة وقلة النصير لهم، فأخذوا يتلقون الوافد الضعيف في أماكن مظلمة وفي مكان سكنه ويهددونه بالسلاح ويسلبون ما معه من ممتلكات وليس لهذا الوافد سوى ضرب يمينه بشماله والشكوى بعد فترة طويلة لمن يثق به من أبناء البلد. فامتد نفوذ تلك الزمرة الخبيثة وتنوعت أساليبهم حتى أخذوا يتصلون بالشباب عبر الهاتف الجوال ويحاكون أصوات النساء ويقومون باستدراج الشباب ومواعدتهم على أنهم نساء وفور مجيء الشاب ينقضون عليه انقضاض الأسد على فريسته ويسلبون ما معه ويتركونه رهين الدماء. ولدي من الدلائل والحقائق الشيء الكثير ويكفيك أن ترى الكم الهائل من البلاغات والشكاوى والقضايا الجنائية لدى مركز شرطة النظيم والدوريات الأمنية الشيء الذي يثبت أن هذه الجريمة ليست وليدة اليوم أو الأمس ولكنها أخذت في التوسع والتخطيط والجرأة حتى نالت أصحاب الفضيلة القضاة دون احترام لعلم ووقار ودون مراعاة لمكانة ومنصب. ومن هنا فلابد من معرفة الأسباب والدوافع التي جعلت هؤلاء يقدمون على أبشع أنواع الجرائم، وأن أقول إن السبب الرئيس في ذلك هو: من أمن العقوبة وغياب الرادع، والقاعدة تقول: من أمن العقوبة أساء الأدب، وأبلغ من ذلك قول الحق تبارك وتعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تعقلون)، وإن المتتبع لنصوص القرآن ليجد أن بعض العقوبات يشترط لها حضور الجماهير البشرية لغرض الأنماط والردع ولكون مشاهدة إيقاع العقوبة سبب في البعد عن الجريمة وعدم اقترافها. وبالجملة فبلادنا بلاد التوحيد وهي أبعد البلدان عن مثل هذه الجرائم، ولكن انغماس فئات في خيراتها جعلهم يتطاولون على أمنها ويعتدون على شعبها ظانين أو معتقدين أنهم سيفلتون من يد العدالة، ولكن الله أبى إلا أن يكشف تلك الطائفة المنحرفة التي حاولت العبث بأمن بلاد الحرمين ليعلم كل من تسول له نفسه بالاعتداء أو اقتراف الجريمة أن مصيره أن تظهر حقيقته وتنكشف هويته حتى وإن طال به الأمد. وبالمناسبة فإني أتقدم بالشكر الجزيل بعد شكر الله تعالى لمقام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض على متابعة سموه لهذه الحادثة بكل اهتمام، والشكر موصول لرجال الأمن الأوفياء الذين استطاعوا القبض على المجرمين في زمن قياسي فلله الحمد من قبل ومن بعد.