ثقافة الشركة اصبحت جزءا من العولمة، فعلى امتداد العالم يتزايد عدد الموظفين الذين يعملون في بلدان صغيرة بعيدة عن اوطانهم، ونجد مديرين تنفيذيين يساعدون في اقامة فروع جديدة لشركاتهم في دول نائية، ويوقف المحاسبون دفاتر حسابات الشركات الغربية الأجنبية، كما يقوم مسؤول المبيعات بتوسيع نطاق عملياتهم. ومعظم الشركات تتأثر بهذا الواقع العالمي والنتيجة هي حدوث مزيد من التفاعل بين الموظفين العاملين في دول مختلفة. ووفقا لمجلة الموارد البشرية الامريكية لسبتمبر 2007فان الزيادة في اعداد الشركات المتعددة الجنسيات خلال العقدين الماضيين تبدو كبيرة جدا، فوفقا لتقرير نشر في الولاياتالمتحدة 2003فان 60.000شركة قد اصبحت في اعداد الشركات المتعددة الجنسيات خلال الفترة 1990- 2003م. ولاحظ التقرير ان عدد الشركات المتعددة الجنسيات ارتفع من 3.000الى 63.000وتستخدم هذه الشركات المتعددة الجنسيات نحو 90مليون شخص منهم 20مليون يعملون في الدول النامية، ويصل انتاج هذه الشركات الى نسبة 25% من مجموع الانتاج العالمي، وهناك عدة عوامل ساهمت في هذه القفزة الكبيرة في عدد الشركات المتعددة الجنسيات منها اتفاقيات التجارة الحرة، والتوسع الهائل في استخدامات الانترنت، ففي امريكا الشمالية ادت اتفاقية "نافتا" (NAFTA) الى تقليل الحواجز التجارية بين الولاياتالمتحدة وكندا والمكسيك واوروبا توحدت اقتصاديا الى حد كبير تحت مظلة الاتحاد الاوروبي، وهذه الاتفاقيات سهلت التجارة بين الدول بالغاء او تخفيض التعرفات الجمركية وتطبيق الاصلاحات الاقتصادية، اما التوسع في استخدامات الانترنت فقد قلص الحواجز امام التجارة الدولية حيث اصبح في امكان الشركات وعملائها استخدام الشبكة لادارة العمليات التجارية. ومع ازدياد عدد العمال الذين تستخدمهم الشركات المتعددة الجنسيات تزداد الحاجة لحلول لسوق التوظيف العالمية، ففي مجال الأداء والتقدير تبدو الحاجة ماسة لبرامج عالمية، والواقع ان برامج تحفيز وتعزيز الموظفين عنصر ثابت في بيئة العمل في الشركات الامريكية وترغب هذه الشركات في توسيع استخدام هذه الأدوات لمواجهة نقص وشيك في الايدي العاملة الماهرة ناجم عن تقدم اعداد كبيرة من العاملين في السن واقترابهم من التقاعد، وبسبب هذا الوضع بدأت الشركات الامريكية تدرك ان الموظف هو اهم زبائنها، والاحتفاظ بالموظفين المتعاقدين لفترة محددة سيكون امرا مهما في المرحلة القادمة. ان تحدي الاحتفاظ بالموظفين المهرة وتحفيزهم سيكون أكثر حدة بالنسبة للشركات الامريكية.. لكن ماذا عن الشركات الأجنبية؟ ان رئاسات الشركات المتعددة الجنسيات في الولاياتالمتحدة هي القوة الدافعة وراء فرص العمل المتاحة وراء البحار، فالشركات تريد زيادة الفعالية العملياتية والإنتاجية، وهي تريد ان تكون منسجمة في معاملتها للموظفين بغض النظر عن موقع عملهم. وتقدير الاداء يوفر ارضية مشتركة لتوحيد موظفي الشركة اينما كانوا ويعطي رسالة موحدة بشأن ثقافة الشركة وما يعنيه الانتماء لها وأحد التحديات التي تواجهها الشركات هو تحديد البرامج القائمة الخاصة بالتقدير والتحفيز ودمجهما في نظام واحد. لقد ادت الزيادة الهائلة في عدد الشركات متعددة الجنسيات الى زيادة الطلب على حلول لمشكلات الموظف العالمي، وهذا الاتجاه اصبح اكثر الحاحا في الولاياتالمتحدة بسبب النقص المتوقع في الأيدي العالمة، وعقبات تطبيق حلول عالمية حقيقية ليست سهلة وهذا ما دفع كثيرا من الشركات المتعددة الجنسيات الى تبني نهج متدرج في حلول التوظيف، فقد ترك للمديرين في الدول التي يعملون بها تطبيق المعالجات التي يرونها مناسبة، وعلى الرغم من ان هذه الطريقة قد تقلل من التعقيد اللوجستي المرتبط بتصميم وتطبيق برنامج عالمي، الا انها تضعف ترسيخ ثقافة شركة قوية كما تجعل من الصعب السيطرة على المنصرفات، والشركات التي تسعى للربح في الاقتصاد العالمي ولا يمكنها تحمل مثل هذه النتائج. ويقول أحد خبراء الموارد البشرية في الولاياتالمتحدة انهم ادركوا عندما بدأوا البحث عن برامج تقدير تصلح للتطبيق العالمي ان العامل الأكثر اهمية هو فهم اهداف العمل في كل منطقة بحيث يمكن وضع استراتيجية تدعم العمل وتحفز العاملين في الوقت نفسه. ان الشركات التي تحقق نتائج مالية هي التي حققت اداء افضل في مجال ارتباط الموظفين. والمكافأة والتقدير عناصر رئيسية في ارتباط الموظفين بالمنظمة. وأفضل الممارسات التي تنتهجها الشركات التي تولي اهتماماً لموضوع التقدير والمكافأة يمكن تلخيصها في الآتي: - التناغم: فالشركات التي تسعى لتطبيق برامج موظفين عالمية عليها أولاً بناء فريق، والبداية يمكن ان تكون لجنة توجيه تتولى مسؤولية تحديد الاستراتيجيات وتخصيص المصادر. ويمكن ان تضم هذه اللجنة اعضاء من عدة تخصصات مثل تكنولوجيا المعلومات والتسويق والمالية والعمليات. ويجب تمثيل المناطق الدول الرئيسية في هذه اللجنة لضمان الاستجابة لاحتياجات كل اقليم او دولة. وتنفيذ البرنامج يجب ان يديره مالك للبرنامج يدعمه منسقون في البلد المعني. ويقوم مالك البرنامج بتنسيق وإدارة جهود الفريق الداخلي بالإضافة الى اي بائعين اخرين للبرنامج. ويقوم المنسقون داخل البلد المعني بالعمل مع مالك البرنامج لإدارة البرامج في بلدانهم. ان الحل الواضح لتطبيق برنامج عالمي متناغم هو منصة تعتمد على شبكة الإنترنت اما عبر الانترنت او عبر شبكة معلومات خاصة بالشركة. والحلول التي تعتمد على الانترنت تمكن المنظمات من تسليم المحتوى والخدمات على نطاق عالمي بسرعة كبيرة. - السيطرة: مما لا شك فيه ان السيطرة على نشاطات التقدير والتحفيز قد اصبحت اكثر صعوبة وتعقيداً من الشركات الضخمة المتعددة الجنسيات. ويمكن الحد من هذه المشكلة تزويد المديرين بأداة مشتركة للمكافأة والتقدير والتأكيد على استخدامهم لهذه الأداة. - الاتصال: الاتصال المستمر ضروري لنجاح اي برنامج يتعلق بالموظفين، وعندما يكون البرنامج ذا صفة عالمية فإن مسائل مثل اللغة والثقافة تدخل في الاعتبار، وأفضل نصيحة هنا هي استخدام اللغات المحلية وفهم الثقافات المحلية. ومواقع الإنترنت يمكن ان تستوعب لغات مختلفة لكن من الضروري استخدام قنوات اخرى ايضاً. - الاختيار: فالاختيار دافع مهم للرضا في برامج التقدير والتحفيز ومن منظور عالمي يعني هذا توفير خيارات جوائز متميزة للدول المختلفة. فالأشياء التي قد تكون جذابة للعامل الإسباني قد لا تكون ذات تأثير في المكسيك فهناك اعتبارات ثقافية. - الالتزام: بدون التزام في المستويات العليا للمنظمة او الشركة لن يكون للبنود التي اشرنا اليها أعلاه أي قيمة،فالموظفون يثمنون ما يثمن قادتهم وإذا لم يسمع الموظفون الإدارة العليا تتحدث يوماً عن برامج التقدير والمكافأة فإنهم سيعتبرون هذه البرامج غير ذات اهمية. وأخيراً فإنه بغض النظر عن صعوبات الثقافة واللغة والعادات، فإن الشيء المؤكد ان كل الناس يشتركون في حاجتهم للقبول والانتماء والثناء، ومعظم الناس لديهم رغبة في الأداء الجيد في عملهم ويحتاجون لمن يشعرهم بأنهم يؤدون عملاً جيداً والتقدير يساعد على تلبية هذه الاحتياجات ويعزز في الوقت نفسه استراتيجية الشركة وأهدافها.