توقع محللون اقتصاديون أميركيون ومضاربون في صناعة البترول أن يرتفع سعر برميل النفط إلى أكثر من 120دولاراً خلال "فترة قصيرة"، بل وقد يصل إلى 200دولار للبرميل بسهولة. وأشار هؤلاء إلى أن حاجز المئة دولار كان حاجزاً نفسياً كبيراً، وقد تم تجاوزه وبات المناخ مهيئاً لارتفاع غير مقيد الآن. وعزا هؤلاء إمكانية هذا الارتفاع إلى أكثر من سبب أهمها، وهو ما لا تركز عليه وسائل الإعلام الأميركية، انخفاض قيمة صرف الدولار في أسواق العملة الأجنبية، وليس النقص في الإمدادات أو حتى الزيادة على الطلب. وكانت أسعار النفط قد ارتفعت إلى ما فوق حاجز ال 106دولارات للبرميل الجمعة الماضية في أسواق السلع بنيويورك، إذ حققت رقماً قياسياً جديداً وهو 106.54دولارات للبرميل قبل أن يهبط إلى معدل ال 105.32دولارات مع إغلاق الأسواق المالية في المساء. وأدى ذلك فوراً إلى ارتفاع أسعار البنزين والمحروقات الأخرى في الأسواق الأميركية، إذ بلغ معدل سعر غالون البنزين العادي في الولاياتالمتحدة 3.20دولارات للغالون، وهو ما يزيد بما يقرب من 70سنتاً للغالون عن أسعار ما قبل عام فقط. ومع أن كثيراً من السياسيين يرتاحون دائماً لتحميل الأوبك والدول المنتجة للنفط مسؤولية ارتفاع أسعار النفط، إلا أن غالبية المراقبين والمحللين السياسيين في الولاياتالمتحدة والغرب يعتقدون الآن بقوة أن الارتفاع الأخير لسعر النفط، الذي ناف عن 23بالمائة خلال أقل من شهر، ناتج أساساً عن الانخفاض المتواصل لسعر صرف الدولار مقابل العملات الأجنبية، خصوصاً اليورو والين. ويقول هؤلاء المحللون ان الولاياتالمتحدة التي تسعى للتصدي لأزمة الرهون العقارية العملاقة التي أدخلت - أو تكاد - أن تدخل اقتصادها في حالة من الركود الاقتصادي، عن طريق خفض أسعار الفائدة، ساعدت في تخفيض سعر عملتها المتدهور أصلاً، والتي فقدت أكثر من 50بالمائة من قيمتها منذ العام 2000م. وقال هؤلاء المحللون إن أسعار النفط الخام المستقبلية هي مصدر أمان ضد الدولار الهاط القيمة بصورة متواصلة، وإن الاتجار بالنفط المستقبلي بالدولار هو أمر أكثر إغراء للمستثمرين الأجانب خصوصاً حين يكون الدولار يمر بمرحلة انخفاض. ويقول هؤلاء إن من الأفضل للمستثمرين شراء النفط الذي توقع له في الغالب أن يرتفع على الاحتفاظ بأرصدتهم بالدولار الذي توقع أساساً أن يواصل الانخفاض، وهو ما يؤدي طبيعياً إلى رفع أسعار النفط. وكان الدولار قد سجل رقماً قياسياً منخفضاً جديداً أمام اليورو الجمعة قبل أن يعاود الارتفاع قليلاً إلى مستواه السابق. ولكن غالبية المحللين يعتقدون أن الدولار، ورغم الارتفاعات التي يشهدها بين الحين والآخر، سيواصل انخفاضه ما دام مجلس الاحتياط الفدرالي يقوم بمواصلة خفض أسعار الفائدة لمواجهة أزمة الرهون العقارية الخانقة التي يتوقع البعض أن تصل خسائرها إلى عدة مئات البلايين من الدولارات. ورغم انخفاض قيمة الدولار هو العامل الرئيسي لارتفاع أسعار النفط بهذا الشكل الحاد - والسريع - فإن المراقبين لا يتجاهلون أهمية النزاعات المسلحة والسياسية في التأثير في أسعار الذهب الأسود. ولاحظ المحللون أن النزاع المتفاقم بين فنزويلا وكولومبيا والهجوم الذي شنه المتمردون على منشأة لتكرير النفط في كولومبيا في وقت سابق هذا الأسبوع قد ساعد هو الآخر في رفع الأسعار. كما لاحظ المراقبون أيضاً تواصل الأزمة بين الولاياتالمتحدةوإيران حول برنامج الأخيرة النووي، وهو الذي تجلى في استصدار مجلس الأمن، بحث وسعي نشط من الولاياتالمتحدة، قراراً جديداً في مطلع الأسبوع بفرض عقوبات إضافية على إيران.