كنسمة ربيع عذبة تأتي مناسبات الجنادرية كل عام وكأنها تقوم بمهمة تذكير هادئة رغم أصوات الاحتفاء والرسميات والاعمال الحرفية والفولكورية المصاحبة .. تأتي بغيمة احتفاء جميلة وربما توعية غير مباشرة لانها تجعلنا نتفاعل بمحبة كي نلتفت للاهم والانقى في حياتنا وسط ضجيج الواقع بكل سلبياته ولو لبرهة من الزمن. فعندما نتطلع لصور الماضي بفعل إبداع فني وغنائي مميز تتحفنا فيه اصوات الكلمات وعذوبة الالحان يغمرنا فيه التأثير للحظات لا لكي نغني معهم وكثيرنا يفعل عفويا ولكن كي نفرح قليلا ونسكن قليلا بعدما حاصرتنا الاحداث المحيطة ومآسي العالم بعدما غربلتنا علوم التقنية وجاءت بكل ما يلوّن ويشكل وعياً جماعياً مرهقاً بفعل تذكير دائم بالهموم حتى اننا على مستوى حياتي تلقائي صرنا نتوقع الاسوأ احيانا كلما مررنا بأفكاروتفاعلات انسانية عادية ولا ندري أيهما بات يلقي بتأثيره على الآخر اكثر أحداث العالم ام تراكماتها في النفوس؟ واوبريت هذا العام الذي أستلهم من عنوانه مضمونا يلوح لحقائق تاريخية ووطنية لا تتكرر، تلاحقها ادوار وتحديات بناء وطن ونمو لا يمكن ان تبتعد عن تلك المفاهيم كثيرا فنحن ما زلنا بخير والحمد لله إن تأملنا ما يحدث عند كثير من المجتمعات .. نمر عبر التجربة وادوار البناء بحصتنا من الاعباء اجتماعيا واقتصاديا ونحتاج ان تستمر مسيرة الاصلاح.. نحتاج ان يرقى التعليم ومفاهيم المجتمع، نحتاج ان نحافظ على امننا وشبابنا ولكننا رغم ذلك لا نريد ان ننسى اواصر حياتنا .. لا نريد ان ننسى تاريخنا فهو الملامح التي تحملنا ونريد لاجيالنا ان تحملها معها وهي الصور التي تتفتح منها التطلعات والاحلام لهم . فمن هو الانسان دون تاريخ ؟ وعودة لدور الفنون في الارتقاء بالوعي الانساني وقدرة التذوق يبدو الاوبريت او النشيد إن وصل للمتلقي دون جهد ترجمة فعالة لاحساس فنان تبلور بومضة فكر تسلل للناس ومنحهم شيئاً من تياره وهي كوسيلة تأثير تبقى الاعمق لاشك لانها تتعلق بالوجدان او لأنها تأخذ حيزا من كل هذا القلق والانفعال الذي يسكن العصر ويغمرنا. قبل الاوبريت اتت الاشعار والحكايات تسكنها اتى الشعر النبطي الجميل الذي يكاد ان يستولي علي كامل الانتباه قبل ان يبدأ.. وهو يحكي ويقدم العبر.. وفي كل مرة ننصت.. نتأمل بوحي اللحظة رغم ان امطار الكلمات لا تتوقف كما هي الوصايا، وجاءت قصيدة رسول البشرية محمد صلي الله عليه وسلم مسك المكان والمناسبة رغم انها قدمت في البداية ولكننا جميعا توقفنا معها خاصة وان مشاعر المسلمين اجمع تناجيه وتدافع عنه امام وقاحة وعدم مبالاة الصحافة الدنماركية منذ فترة في اعادة نشر الصور الكاريكاتورية المسيئة فالتوقيت جاء رائعا فقد جاءت المحبة والتعظيم واستدعاء الرسالة النبيلة فشعرنا انها تتحدث باسمنا جميعا وكأن وصف صفاته صلي الله عليه وسلم إجابة أرقى وأرق من كل المرافعات المتمكنة ..هي اساس وجود، ومحبة وتعظيم الملايين من المسلمين المؤمنين. ختاما اريد ان اقول بأنني كنت قد قررت مشاهدة حفل افتتاح المهرجان الوطني للجنادرية في إعادته في الغد نظرا لبعض المشاغل ولكن حينما اتي الوقت وجدت انني لن اؤجل المتابعة فالمناسبة في حقيقتها لا تبدو عامة ولكنها دعوة شخصية لكل ابناء الوطن.