برعاية وحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله يقام مساء اليوم الاوبريت الغنائي لمهرجان الجنادرية 23الذي يحمل عنوان (عهد الخير) من كلمات سمو الأمير الشاعر سعد آل سعود (منادي) وألحان صالح الشهري وغناء كل من الفنانين محمد عبده وعبدالمجيد عبدالله وراشد الماجد وعباس إبراهيم وراشد الفارس ورابح صقر وبرؤية إخراجية للمخرج فطيس بقنه يعرض من خلالها عدة لوحات استعراضية درامية تتناول الفلكورات الشعبية في جميع مناطق المملكة. اوبريت "عهدالخير " يحتل المرتبة التاسعة عشرة في تاريخ مهرجان الجنادرية وهو يحمل وعوداً بنقلات نوعية في شكل وصياغة الأوبريت الوطني الذي أصبح مناسبة هامة ينتظرها الجميع في كل عام. حيث يتميز الاوبريت بالسلسلة الفياضة والمشاركة الفعالة من الشعراء والملحنين، لذا تجد التنوع والطرح الجديد والمختلف. ولو عدنا إلى الذاكرة لوجدنا أن ما قدم في الاوبريتات الأولى منذ تقديم فكرة الاوبريت في تاريخ مهرجان الجنادرية بدءاً من "الله البادي" عام 1410ه من كلمات الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن وألحان محمد شفيق والذي شدا به كل من الفنان طلال مداح "رحمه الله" وكذلك الفنان محمد عبده، كان انطلاقة فعلية يحفظها التاريخ حيث شهد الجمهور تقديم لوحات شعبية فنية لم يرها إلا في الجنادرية عكست ملامح الريادة ليس للأغنية السعودية فحسب بل ملامح عزة الوطن وكبرياء أبنائه. لقد مثل العام 1410ه بداية لهذه المسيرة الغنائية المميزة عندما قدم الشاعر الأمير سعود بن عبد الله رائعته اوبريت "مولد أمة" والتي أبدع في تجسيدها لحناً الملحن الكبير محمد شفيق ومشاركة في الأداء طلال مداح ومحمد عبده. ثم جاء الإمتاع مع "وقفة حق" في العام 1412ه كأوبريت يحمل روحاً وطنية في شكله وروحه.. وبعد ذلك انطلق الفنان محمد عبده ليلحن للمرة الأولى أوبريت "أرض الرسالات" من كلمات الشاعر غازي القصيبي. وكان العام 1414تأكيداً لروح الوطنية التي تعبق بها الجنادرية بأوبريت (التوحيد) الذي أبدع كلماته الشاعر الأمير خالد الفيصل وأبدع ألحانه القدير سراج عمر. محبة الوطن تتواصل وتستمر مع أوبريت "دولة ورجال" وأوبريت "عرايس المملكة" ثم مع أوبريت "كفاح أجيال" مروراً ب"كتاب مجد بلادنا"، "فارس التوحيد"، "أمجاد الموحد"، "خليج الخير"، " أنشودة العروبة"، "خيول الفجر"، "عرين الأسد"، "وطن المجد"، "وفاء وبيعة" وأوبريت "أرض المحبة والسلام".. كلها أعمال غنائية عالية القيمة من حيث البناء الموسيقي ومن حيث المعنى الذي تجلت من خلاله مشاعر حب الوطن والولاء للملك وتقدير الإنجازات الحضارية التي وصل لها الفرد السعودي. إنها أغنية حب جارف طرزها نجوم الكلمة وجسدها نجوم اللحن ليتلوها نجوم الطرب من كبار المطربين السعوديين والعرب بدءاً من الثنائي المبدع طلال مداح ومحمد عبده مروراً بسلامة العبدالله، عبادي الجوهر، راشد الماجد، عبدالمجيد عبدالله، رابح صقر، خالد عبدالرحمن، عبدالله رشاد، راشد الفارس، محمد عمر وعباس إبراهيم إضافة إلى نجوم عرب يتقدمهم الفنان السوري الكبير صباح فخري ونوال الكويتية ومحمد المازم وعلي بن سالم وإبراهيم حافظ وأحمد الحريبي وشادي الخليج وغيرهم من الحناجر الذهبية التي أكدت أن الجنادرية ليست أغنية سعودية بل هي أغنية كل العرب صادرة من قلب جزيرة العرب. التجديد سمة اوبريتات الجنادرية ففي كل سنة هناك موضوع مختلف ولحن مختلف بأداء مختلف لكن تحت عنوان واحد كبير هو حب الوطن. ومن أراد أن يقرأ تاريخ المملكة خلال العشرين سنة الماضية فحسبه أن يستمع إلى الكلمات التي تغنى بها الفنانون في الجنادرية ففيها توصيف للحالة الاجتماعية والسياسية وهي بذلك تجعل الجنادرية وثيقة حضارية يعتز بها كل مواطن سعودي. ومن الناحية الفنية المجردة يعتبر أوبريت الجنادرية فرصة لإبداع الألحان ولبناء الموسيقى وفق السلم النغمي الطبيعي البعيد عن الروح التجارية التي غلبت على الموسيقى العربية في الفترة الأخيرة. إن من يتأمل أوبريتات الجنادرية بكثير من العمق سيجد فيها روح الفن الخالص التي تبقى في الذاكرة ولا تنسى بسهولة. وهذا طبيعي لأن الوطن ومحبة الوطن تحتاج إلى كل إبداع حقيقي صادر من القلب يبقى ولا ينسى، وهذا ما نجده في أغنية الوطن، أوبريت الجنادرية. الأوبريت الجديد (عهد الخير) الذي سيتابعه الجمهور السعودي مساء اليوم على شرف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحمل مؤشرات التجديد الموسيقي والاستمرار على النهج الوطني الصادق والمحبة المخلصة التي ترجمها الأمير الشاعر سعد بن سعود في كلماته التي ألبسها الملحن القدير صالح الشهري رداء الفن وغلفها بمشاعر الحب ليتغنى بها الفنانون الستة الذين نالوا شرف التعبير عن محبة الوطن وعن تراث الوطن وعن حجم الإنجازات الحضارية التي حققها أبناء الوطن. إنهم صوت كل سعودي وهذا شعور كل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطاهرة. والجنادرية بماضيها المشرف وبمستقبلها الواعد أصبحت بحق أغنيتنا التي تترنم بها شفاهنا عند حديثنا عن حبنا لهذا الوطن الكبير.. المملكة العربية السعودية.