جاء التصريح الخاص لمعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة في الصفحة الثقافية بجريدة “المدينة” يوم السبت الماضي حول عزم وزارة الثقافة والإعلام تكريم الفنانين السعوديين، خبرًا مفرحًا وسارًا لكل المنتمين للوسط الفني السعودي، باعتبار أن الفنان السعودي هو المبدع الوحيد في مجاله الذي لم يحظ بتكريم رسمي لائق يليق بما قدمه لوطنه ومجتمعه من إسهامات إبداعية، جعلت الفن السعودي (بكل مجالاته) يتجاوز الحدود ويصل إلى الجماهير العربية في كل مكان. الحقيقة لقد ظُلم الفنان السعودي كثيرًا في هذا الشأن، فبرغم الإبداعات الكبيرة، والعطاءات الوطنية المخلصة، والمشاركات المشرّفة -محليًا وعربيًا وعالميًا-، ظلّ الفنان السعودي “محرومًا” من التقدير والتكريم الذي يستحقه بكل جدارة.. ليس لأسباب واضحة أو مُعلنة.. أبدًا.. ولكن -ربما- لاجتهادات فردية غير منصفة، أو لتوهمات اجتماعية (تثير الشفقة)، وأحيانًا أيضًا لآراء “رجعية عقيمة” تحاول أن تنتقص من الدور الإيجابي الكبير للفنان السعودي في نهضة وطنه ومجتمعه.. ثقافيًا وفنيًا وإبداعيًا. أعود وأقول ان تصريح معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة جاء لينصف الفنانين السعوديين من التجاهل (المؤلم) الذي لازمهم سنوات طويلة، وحان الوقت -الآن- لنعطيهم حقّهم (المسلوب)، ونعيده إليهم بالشكل الذي يقدّر قيمتهم كمبدعين.. كفئة قدّمت الكثير من العطاءات المشرقة.. كابناء وطن قدموا له الكثير من الإبداع والرقي والنهوض بثقافته وفنه. وفي ساحة الفن السعودي هناك الكثير من الأسماء المبدعة اللامعة التي تستحق أن نكرّمها.. ونقدّرها.. ونعطيها ما تستحقه نظير ما أعطتنا وقدمته لنا ولبلادنا الغالية. وإذا كان معالي الوزير قد اشار إلى تكريم الفنانين السعوديين وبصراحة -كأول مسؤول رفيع المستوى يعلن ذلك-، فإنه من الإنصاف أيضًا أن نشير إلى ديدن بلادنا الحبيبة وقادتنا الكرام في اعطاء التقدير والتكريم لمستحقيه، في كل مجالات وفئات المجتمع، ومنهم فنانونا، فقد سبق وأن كرّمت الدولة أكثر من فنان مبدع، سبق وأن كرّمت مؤسّس الأغنية السعودية طلال مدّاح -يرحمه الله- بوسام ملكي نظير عطاءاته الفنية الراقية، وكرّمت شاعر الوطن الأستاذ إبراهيم خفاجي نظير كتابته لكلمات السلام الملكي، وكرّمت الموسيقار سراج عمر نظير قيامه بوضع كلمات السلام الملكي على اللحن الموسيقي، وأيضًا سبق وأن كرّمت عميد الفن السعودي الموسيقار طارق عبدالحكيم والفنان محمد عبده -شفاه الله-، وغيرهم.. ولا ننسى التكريم السنوي الذي يحظى به الفنانون المشاركون في أوبريت الجنادرية الوطني، حيث يتشرّفون جميعهم (المطربون والملحن والشاعر) بالسلام على قائد الوطن، وهذا في حد ذاته تكريم خاص للفن السعودي.. فكما أشرت هذا هو ديدن بلادنا وقادتها.. ولذا.. ليس بالمستغرب أن يواصل معالي وزير الثقافة والإعلام هذا المنهج المنصف المخلص الذي ينصف كل مبدع ويعطيه حقّه.. وفي ساحتنا الفنية هناك أسماء كثيرة وكبيرة تنتظر هذه الخطوة منذ سنوات.. تنتظر إنصافها.. تنتظر تقديرها.. تنتظر أن ترى وتلمس نتاج ما قدمته لوطنها من إبداع وتألق.. تنتظر هذا التقدير والوفاء.. دون أن تطالب به علانيةً.. لأن لدينا أسماء راقية في فنها.. وتعاملها.. وفي مطالبها أيضًا.. فنانونا السعوديون الروّاد أفنوا زهرة شبابهم ليقدّموا للوطن العطاء الصادق، وليسهموا (مع غيرهم في المجالات الأخرى) في النهوض بمكانة بلادنا والرقي من شأنها.. يقول معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة في تصريحه لجريدة المدينة (بالحرف): “ان الوزارة تعتزم تكريم الكثير من الفنانين والأدباء، حيث سيتم وضع آلية محددة سيتم الإعلان عنها قريبًا”.. فعلًا.. نحن بحاجة إلى وضع آلية لهذا التكريم، وقد اشار معاليه إلى تكريم الأدباء، وأنا أجد أن الأدباء وجدوا هذه الفرصة، ففي مناسبات وزارة الثقافة والإعلام يتم تكريمهم، وفي معارض الكتاب يتم تكريمهم، وفي الأندية الأدبية يتم ذلك بشكل دائم، وصحيح أن لدينا أدباء ومثقفين لم ينالوا نصيبهم بعد من هذا التكريم، إلاّ أن هناك جهات ترعى تكريمهم وتحفظه لهم، وإنما الفنانون عكس ذلك.. وآه من هؤلاء المبدعين الذين لا توجد جهة تكفل لهم هذا الحق.. أبدًا لا توجد جهة (باستثناء مهرجان الجنادرية فهو مناسبة وطنية موسمية والتكريم فيه للفنانين المشاركين في غناء الأوبريت الوطني فقط)، فالجهات التي من المفترض أن تكون متخصّصة وتقوم بهذا الدور، أشغلت نفسها في أمور ثانوية كان من الممكن أن تقوم بها جهات أخرى. ولهذا جاء تصريح معالي وزير الثقافة والإعلام بمثابة “أمل كبير” سنتعلّق به حتى يُبصر حقيقةً.. ونراه واقعًا.. ولا أخفي سرًا عندما أقول ان لديّ مصادري (المؤكّدة والموثّقة) والتي كانت قد أكدّت لي أن وزارة الثقافة والإعلام في عهد وزيرها السابق (إياد مدني) كانت ستقوم بهذه الخطوة التكريمية، حتى ان مصدري (الخاص) أعطاني اسماء الفنانين الذين تم الرفع لتكريمهم وصدرت الموافقة بذلك، ولكن هذه الخطوة ماتت في مهدها لأسباب لا أعلمها حتى اللحظة. ولذا.. فإنني آمل أن يتسع الوقت والمجال لمعالي الوزير الدكتور عبدالعزيز خوجة بتنفيذ هذه الخطوة الإيجابية، وهي إن حصلت، فستكون “تاريخًا جديدًا” يسّجله التاريخ -إيجابًا- باسم هذا الوزير الفنان الشاعر المثقف. أنا -شخصيًا- أحلم بيوم أرى فيه تكريمًا رسميًا لموسيقارنا العميد الأستاذ طارق عبدالحكيم.. هذا الرجل الذي أضاء ظلام البدايات.. وشقّ الطريق الصعب.. في زمان لم يكن بزمان.. وفي مكان كل ما فيه مختلف.. فلا يمكن أن نذكر وصف “الفن السعودي” دون أن نذكر هذا المبدع الكبير الذي قدّم وقدّم وقدّم الكثير من العطاء الفني المتوّهج.. وسيرة هذا الفنان الذاتية حافلة -مكانةً وقيمةً-.. وهو اليوم يرقد على الفراش -شفاه الله وعافاه- بعد أن ظلّ سنوات طويلة تجاوزت ال 60 عامًا متألقًا في سماء الإبداع، ومن ينسى إبداعات هذا الموسيقار، ومن ينسى إنجازاته التي رفعت اسم الوطن في المحافل العربية، فإلى جانب عبقريته الفنية الموسيقية الغنائية، صنع هذا الفنان العميد اسماء فنية كثيرة وقدمها للساحة، وقدم ألحانه وموسيقاه للعديد من الأصوات الغنائية السعودية والعربية، وترأس في يوم من الأيام مجمع الموسيقى العربية بجامعة الدول العربية وكان خير ممثلًا للفن السعودي في هذا المجمع الذي كان يضم اسماء عربية كبيرة كان يقودها الأستاذ طارق بعبقريته وموهبته الفذّة.. طارق عبدالحكيم رمز من رموز الوطن المبدعين.. واليوم وهو في هذه الحال.. وفي هذه السن الكبيرة (متّعه الله بالصحة والعافية) يستحق -بكل أمانة- التكريم والتقدير.. وإذا نفّذت وزارة الثقافة والإعلام الآلية التي اشار إليها معالي وزير الثقافة والإعلام في تكريمها المعتزم للفنانين السعوديين، فإن اسم العميد الموسيقار طارق عبدالحكيم يبرز اليوم كأول الأسماء الجديرة بالتكريم والتقدير. ومؤسّس الأغنية السعودية ونجمها الكبير طلال مدّاح -يرحمه الله- اسطورة فنية سعودية عربية عالمية خالدة.. مكانته ما زالت شاغرة رغم مرور 10 سنوات على رحيله.. وستظل شاغرة.. لأن هذا الفنان من النوع الذي ليس له مثيل ولا شبيه.. قدّم لوطنه الكثير والكثير والكثير، ولم يأخذ شيئًا طوال حياته سوى محبة الناس وتقديرهم.. وكان هذا يكفيه ويُفرحه ويفتخر به.. ولكنه لا يكفينا نحن جمهوره ومحبيه، لأن الأستاذ طلال مدّاح يستحق التكريم والاحتفاء الذي لم يجده في حياته من جهة رسمية، وإذا كان من تكريم ستقوم به وزارة الثقافة والإعلام، فإن اسم الأستاذ طلال سيكون من أول الأسماء التي تستحق.. فما قدمه من إبداعات لا يمكن أن تُنسى.. فهو الذي وضع أساس الأغنية السعودية وأسلوبها وطريقها، ومن جاء بعده ما زالوا يسيرون على نهجه وأسلوبه إلى اليوم، وسيظلون.. لأن طلال مدّاح جامعة تخرّج فيها كل الذين يغنّون اليوم في ساحة الأغنية السعودية.. وفي إبداعاتنا الفنية السعودية تتلألأ اسماء مضيئة مشرقة خدمت وطنها وقدّمت له أجمل العطاء، فرفعت اسم المملكة في كل المحافل، وفي كل المشاركات، إنها اسماء جديرة جدًا بالاحتفاء والتقدير الذي نترقّبه من الوزارة العزيزة.. فكما أحلم برؤية طارق عبدالحكيم وهو يُكرّم من جهة رسمية، وباسم طلال مدّاح يرتفع ويتألق في حفل تكريم، أحلم أيضًا باليوم الذي أشاهد فيه موسيقارنا الكبير الأستاذ غازي علي يأخذ حقّه من التكريم والإنصاف، فهذا الإنسان المبدع صاحب أجمل المشاعر وأنبلها، قضى عمره -وما زال أطال الله في عمره وعافيته- إلى يومنا هذا منارة تشع بالعطاء.. بالإخلاص.. بالحب، وهو من النوع الذي لا يتكلم، ولكن التاريخ لا يصمت أمام أمثاله من المبدعين.. ولا بد من إنصافه نظير عطاءاته واسهاماته.. وموسيقارنا الرائع الأستاذ جميل محمود.. رمز من الرموز الإبداعية الفنية المضيئة.. له فنه.. ولونه.. ونكهته.. قدّم للوطن عطاءات كبيرة اسهمت في نهوضه فنيًا وثقافيًا.. وهو من جيل الروّاد الكبار.. جيل المبدعين الحقيقيين منذ أكثر من 50 عامًا.. تاريخ مليء بالإسهامات الفنية المشرقة.. فنان كبير قدير يستحق التكريم.. وموسيقارنا الكبير الأستاذ سراج عمر.. سراج الفن السعودي.. فنان أسهم بكل جهده في تقديم عطاءات لا يمكن أن ننساها.. أسهم مساهمة فاعلة في تقديم فنًا راقيًا.. ونشر الأغنية السعودية بموسيقاه العذبة.. وشاعرنا الكبير شاعر الوطن شاعر السلام الملكي الأستاذ إبراهيم خفاجي إلى يومنا هذا لم يأخذ نصيبه وحقّه من التكريم الرسمي الذي يليق به وبما قدمه.. هو أيضًا من أبرز الأسماء التي تقف في انتظار تكريمها.. اسماء كثيرة في بلادنا المعطاءة تستحق التكريم “المنتظر” في مختلف المجالات الفنية.. مبدعنا الكبير الأستاذ محمد حمزة عميد الدراما ورائدها.. والأستاذ عبدالعزيز الهزاع رمز الفن الجميل الهادف الصادق الذي لا يمكن أن ننسى ما قدّمه وما يقدّمه.. اسماء كثيرة لا يمكن أن ننساها.. موسيقارنا سامي إحسان.. والفنان محمد عبده.. وشاعرنا ياسين سمكري.. والقدير حسن مشقاص.. والمطربة الأصيلة توحة.. والمطربة الرائدة ابتسام لطفي.. اسماء روّاد لهم اسهاماتهم منذ بدايات الفن في بلادنا.. لا يمكن أن ننسى ما قدمته في زمان الفن الجميل.. وأما لو أردنا أن نعيد ذكرى روّادنا من الراحلين المبدعين فهناك اسماء جديرة بأن نحتفي بها ونعيد ذكراها نظير ما قدمته من عطاءات وطنية فنية مشرقة.. رحم الله الأساتذة محمد علي سندي.. وفوزي محسون.. وعبدالله محمد.. وعمر كدرس.. ولطفي زيني.. وطاهر زمخشري.. وصالح جلال.. وعبدالحليم رضوي.. ومحمد العلي.. وعتاب.. ومحمود حلواني.. وعبدالله مرشدي. كنت أتمنى ألا أذكر أسماء بعينها حتى لا أنسى أحدًا، ولكن كان لا بد من الذكرى، فالذكرى تنفع المؤمنين، وتنفع الآلية التي ستقوم بوضعها وزارة الثقافة والإعلام لتكريمها “المرتقب” للفنانين، فربما نكون قد ذكّرناهم بأسماء غائبة، والمعذرة الشديدة إن غابت عنّا اسماء أخرى، ولكن نعد في حال قيام الوزارة بخطوة التكريم (الحلم)، فإننا بعدها سنعمل على التذكير بكل الأسماء المبدعة.. ولكن الآن تعالوا ودعونا نخطو الخطوة الأولى في طريق تكريم روّاد الفن السعودي.. بدون مجاملات.. فكل من ذكرناهم يستحقون التكريم.