عنيد هذا النوم.. إنه لا يأتي.. كأن أحداً قد أغضبه في آخر زيارة! تأملت بندول الساعة.. وأصغت إلى ثوانيها وهي تدُق.. وتدُق.. وتدُق.. وضعت الشال على كتفيها تلمّ أطرافها: لمنء صبايا لمنء.. شال الحرير لمنء ضفائري منذ أعوام أربّيها؟! مشت في صحراء غرفتها المجدبة تنتظر الربيع.. (ويا هي سنة مرَّت ولا جانا ربيع)! فتحت النافذة الجنوبية.. عادت وأغلقتها بسرعة.. فقد سمعته مرة يغنيِّ: أغار من نسمة الجنوب على محيّاك يا حبيبي.. فتحت نافذة أخرى لا يراها فيها إلا الليل.. (الليل أبو الأسرار). ربَّما أنَّه الآن قد (فرد التكشيرة).. وأطلق ضحكته (العابثة): - عبيتي حوايجي؟! - عبيتها من أمس..! - شاطرة.. تلاتة بدل.. وتلاتة بجامات.. - ليه تلاتة؟! انت قُلت كلها يومين! وحكَّ رقبته من الخلف: يعني يومين تلاتة.. يمكن أسبوع.. إنتي عارفة الشُّغل ما يرحم! - (إبوه صحيح)! قالتها بسرعة.. فقد كانت الكلمة واقفة على طرف لسانها - كانت تصحح له كلما (هَرشَ) رقبته من الخلف وضجر.. (زر الضجر) جاهز.. يضغط عليه في أي لحظة يستشعر فيها بحصار السؤال! عادت بوعيها إلى غرفتها التي لا يراها فيها إلا الليل.. الليل أبوالأسرار ما أطولك ليل.. ليل البعاد والانتظار.. ما أطولك ليل.. سارق من عيوني النهار! @ @ @ @ - متى تسفِّرني؟! - ها..؟! إيوه إيوه.. إن شاء الله.. إن شاء الله.. بس أخلِّص شغلي.. إنتي عارفة.. الشُّغل ما يرحم! - (إيوه صحيح).. (إيوه صحيح)! طبعت له هذه المرة نسختين من: (إيوه صحيح)! تذكّرت (الفرح).. فرح الجيران.. عزموها من بدري.. وشاورته من بدري.. وطبع (الموافقة) بدري! فتحت دولاب ملابسها، وخاضت معركة مع فساتينها.. كلها معلقة إلا فستان واحد، قاعدءفي ركن الدولاب وماددء بوزه شبرين.. إنَّه فستان فرحها! تحاول أن تستحضر محطات الفرح لكنها لا تأتي.. اليوم (جات الحزينة تفرح) لكن الفرح خلَّص..! المعازيم قاموا.. وأهل البيت طفوا الأنوار عشان يناموا.. عادت إلى شباكها.. ألقت إلى الليل جيداً نافراً ورمت إليه أذناً وحارت فيه عيناها! @@@ - لا تزعل يا (أبا عبدالكريم).. هذا اليوم (الإجازة) خلينا نرتاح و(نستأنس).. ما فيها شي! إن شاء الله تتحسن أوضاع (الموظفين في الأرض) ويتغيَّر لون (المؤشر).. وعندها أعدك بمحطة فضائية وجريدة يومية تحاور فيها من تشاء.. وتكتبها من (الألف) إلى (الياء).. ولكن (رفقاً بالقوارير)، حتى لا ينسكب العطر.. وتجف مياه النهر.. ويتحكم فينا (السَّقا).. اللي على عينه (خرقة زرقا)!