طبعت دارة الملك عبدالعزيز وضمن سلسلة الرسائل الجامعية المتميزة واحتفاء بمناسبة اختيار مكةالمكرمة عاصمة للثقافة الإسلامية 1426ه/2005م رسالة الدكتوراه للباحثة هدى بنت فهد الزويد عضو هيئة التدريس بقسم التاريخ بجامعة الملك سعود والتي كان موضوعها "التطور التاريخي للأسرة في الحجاز في القرنين الأول والثاني الهجريين" وتطرقت الباحثة في فصول الكتاب الخمسة الى النقلة الاجتماعية للأسرة في منطقة الحجاز على مدى القرنين الأول والثاني بعد الهجرة ومقارنة بعض التغيرات الحياتية على مستوى تقاليد وعادات الزواج وتكوين الأسرة ومسكنها مع العصر الجاهلي في نفس الحيز الجغرافي للدراسة، كما رصدت الدكتورة الزويد التغييرات والتصحيحات التي جاء بها الإسلام لترتيب وتنظيم الأسرة المسلمة بما يحفظ لها نسبها ونزاهتها وكرامتها وهي اللبنة الأولى والنواة الأساسية لتكوين المجتمع وسر صلاحه او فساده، وخصصت الدكتورة الزويد الفصل الأول للزواج الذي هو الخطوة الأولى لتكوين الأسرة وما أحدثته الأوامر والتوجيهات الإسلامية على المظهر الاجتماعي في الحجاز من اختيار الزوجة والخطبة والدخول بها مروراً بالمهر وتطرقت في هذا الجانب الى المواصفات المرغوبة والمنتشرة آنذاك في الزوجة والزوج وكذلك شروط إتمام الزواج مستدلة بذلك بنصوص من القرآن الكريم ومن الأحاديث الشريفة ثم كتب السير والتاريخ، وفي الفصل الثاني الذي أسمته المؤلفة "الصبيان" لكي يشمل البنين والبنات بحثت موضوع الانجاب وما يصاحبه من طقوس وعادات وتسميات وتفرعت الباحثة في هذا الجانب الى موضوعات أصغر مثل وأد البنات في الجاهلية وجاءت بكل الأقوال والتفسيرات لأسبابه كما قدمت دراسة للتعرف على وضع الانجاب في أسر بني هاشم قبل الإسلام وبعده حيث بلغت نسبة الانجاب في الأسرة الواحدة قبل الإسلام حوالي خمسة اطفال بينما وصلت هذه النسبة الى أربعة اطفال أثناء زمن الدراسة، كما تطرقت الى الاسترضاع والحضانة وملابس الصبيان ووسائل وأدوات وطرق زينتهم وألعابهم وأغانيهم وكذلك أمراض المواليد وكيفية علاجها، وفي الفصل الثالث قدمت الباحثة الدكتورة هدى الزويد عرضاً للحياة المعيشية اليومية للأسرة في الحجاز والجدول اليومي للرجل والمرأة حسب المستوى الاقتصادي لهما وطرق الأكل ومسمياته وأوقاته وأوانيه كذلك الى العلاقات الأسرية والعلاقات مع الأقارب والاحتفال بالمناسبات مثل يوم الجمعة والعيدين والاحتفال بعودة المسافر وفي آخر مبحث في هذا الفصل درست الباحثة الموارد المالية للأسرة في الجاهلية وفي العصر الإسلامي سواء في الحاضرة او البادية مثل الزراعة والرعي والصناعات البسيطة والحرف وغيرها وما برز منها بعد الإسلام مثل الغنائم والعطاء والرزق وهو الراتب الذي يدفع للموظف الحكومي وتجارة المواشي وبيع المنتجات الزراعية، متدرجة في ذلك مع التصاعد الاقتصادي للدولة الإسلامية خلال المائتي سنة الأولى، اما الفصل الرابع فقد عددت فيه الباحثة المشكلات الأسرية التي عانى منها البيت الإسلامي وفي القسم الآخر من الفصل تحدثت عن المشكلات الاقتصادية التي عانها المجتمع الإسلامي آنذاك وحددتهما في مشكلتي الفقر والديون، وفي الفصل الخامس والأخير تطرق الكتاب الى المسكن لدى الحاضرة والبادية باعتباره البيئة المهمة والمؤثرة على استقرار الأسرة وذكرت في ذلك أقسام المنزل ومسمياته ومواد بنائه المستخدمة آنذاك. وألحقت الدكتورة هدى الزويد بالبحث أربعة ملاحق بمصاهرات رجال بني هاشم ونسائهم قبل الإسلام وبعده ذكرت فيها اسم الزوج واسم الزوجة والقبيلة. الكتاب الذي جاء في أكثر من 600صفحة وأضيف الى قائمة مطبوعات دارة الملك عبدالعزيز يعد مرجعاً تاريخياً للحياة الاجتماعية للأسرة في منطقة الحجاز قبل الإسلام وبعده وما أحدثه الإسلام من نقلة نوعية للحياة الأسرية على المستويين المعنوي والمادي.