اليوم (الأول) من مارس لهذا العام احتفل الدفاع المدني بالمملكة العربية السعودية باليوم العالمي للدفاع تحت شعار (الدفاع المدني وإجراءات السلامة - الإنذار). وعند التأمل في شعار هذا اليوم نجد تلازماً وارتباطاً وثيقاً بين ما يقوم به الدفاع المدني من جانب واجراءات السلامة من جانب آخر التي تعد المحور الرئيس للوقاية من المخاطر ولعل ما يتمتع به الإنسان من حواس وغرائز أوجدها الله سبحانه وتعالى في البشر ترفعهم إلى الابتعاد عن الأخطار فنجد الإنسان يتقي البرد في الشتاء والحرارة بالصيف ولا يقترب من الحيوانات المفترسة.. إلخ. ومن هنا يتضح أن الوقاية لدى الإنسان هي شيء فطري.. ومع تطور البشرية والتقدم الصناعي وظهور أخطار لم تكن موجودة من قبل ظهر الاهتمام بالسلامة كعلم له نظرياته وتطبيقاته وأصبحت السلامة تدرس في الجامعات والمراكز العلمية من حيث اجراءات وتدابير السلامة الوقائية كجانب مهم في حياتنا اليومية، سواء في أعمالنا، أو منازلنا، أو بوسائل النقل التي يستعملها الإنسان، وأصبحت أغلب الشعوب المتحضرة تنتهج مبدأ "السلامة أولاً" في مناشط الحياة اليومية حتى إن السلامة ارتبطت بسلوك الناس وتصرفاتهم بشكل مستمر هذا بلا شك يعود إلى الوعي الذي تتمتع به هذه الشعوب. ومن المؤسف حقاً أن نجد بعض المفاهيم الخاطئة لدى بعض الناس في مجتمعنا حول مفهوم السلامة حيث يرون أن السلامة هي مطلب للدفاع المدني، بينما السلامة هي مطلب للجميع، يجب أن ترتبط بسلوكنا أثناء تأدية الأعمال وقيادة المركبات وداخل مساكننا وأن نربي أطفالنا على اتباع تدابير واشتراطات السلامة في المنزل وفي المدرسة وبالشارع، وهنا يتضح أننا شعوب لا تعير السلامة اهتماماً بالغاً وخير دليل لذلك هي تلك الحوادث التي تقع بشكل يومي في الشوارع، والطرق والمنازل التي مردها وجود أخطاء بشرية كان يمكن تداركها لو اتبعنا التدابير الوقائية اللازمة. ولعل ما يخدم هذه القضية هو التقدم الهائل والسريع في نظم اجراءات السلامة حتى إن جميع الوسائل التي نستخدمها في حياتنا اليومية من آلات وتجهيزات صممت بشكل روعي فيه جوانب السلامة، وكذا بالنسبة للمواصفات ومعايير السلامة الخاصة بالمباني والمصانع، جميع هذه الأنظمة هي عبارة عن تراكم معرفي للشعوب التي عانت من ويلات الحوادث والكوارث ولم تجد هناك مناص من تشريع وسن القوانين اللازمة لحماية الناس ووقايتهم من الخطر، حتى إن حياة الناس وسلوكياتهم ارتبطت بمبادئ السلامة وتطبيقاتها. ولنأخذ جزئية معينة من هذه المخاطر فالمتتبع لحوادث الحريق بالمملكة في وقتنا الحالي يلاحظ زيادة نسبتها في المنازل، مما زاد معه نسبة الاصابات والوفيات وخصوصاً تلك الحوادث التي تقع ليلاً عندما تكون الأسرة نائمة وذلك بسبب مخاطر التدفئة أو خلل في الأجهزة أو التوصيلات الكهربائية إن مثل هذه الحوادث من السهل تجنبها، لو استخدمنا وسائل الاستشعار البسيطة والمتاحة في الأسواق والتي يكون لها دور كبير في اكتشاف الدخان في اللحظات الأولى، وإطلاق إنذار قوي قادر على إيقاظ النائمين والتصرف لمواجهة الحريق في بداياته وأول عمل يتم في مثل هذه الحالات هو عمل إخلاء للمنزل لتجنب الاختناق بأول أكسيد الكربون القاتل. وهنا نود أن أهيب بإخواني أصحاب المنازل إلى المبادرة بإيجاد مثل هذه الوسائل التي تساهم بعد الله في التبيه وحماية الأسرة من خطر الحريق حينما يكونون نائمين، ولهذا السبب جاء الاهتمام في المديرية العامة للدفاع المدني وفروعها بالمناطق إلى التركيز في هذا اليوم على أهمية وجود مثل هذه الوسائل البسيطة المتاحة بالأسواق وبأسعار مناسبة والتي تساهم مساهمة فعالة في التحذير بوجود الخطر أو بدايته. وكم وقعت حوادث كبيرة في بعض المساكن وكانت ستؤدي إلى وفيات عديدة لولا لطف الله ثم مساهمة وسائل الإنذار المبكرة في كشفها في اللحظات الأولى مما هيأ فرصة كبيرة للساكنين بإخلاء المساكن قبل انتشار الحريق وغازاته القاتلة. وهنا أعود وأؤكد أهمية ارتباط السلامة بسلوكنا في جميع مناشط الحياة فالقناعة تولد الاهتمام والاهتمام يولد السلوك والسلوك الصحيح يحقق السلامة بعد توفيق الله ولنا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فائدة وعبرة حين قال: "اعقلها وتوكل" حمانا الله وإياكم من شرور الحوادث والمصائب وجنبنا جميعاً المخاطر بجميع أشكالها. @ مساعد مدير عام الدفاع المدني لشؤون العمليات