- تخيل لو لم يكن إنسان غيرك على وجه الأرض !؟ - تخيل لو اختفى كل البشر وبقيت وحدك بين كافة المباني والممتلكات !؟ ... هذه الفكرة المرعبة شكلت محور العديد من قصص الفنتازيا والخيال العلمي .. وأول من أضفى عليها طابع الكارثة البيولوجية الروائي (ريتشارد ماتيسون) من خلال قصته المشهورة "أنا الأسطورة" . وتتلخص القصة حول وباء يقضي على معظم البشر / في حين يتحول بقيتهم إلى مسوخ بشرية تأكل بعضها البعض . ولسبب مناعي نادر لا يتأثر رجل واحد فقط بفيروس المرض ويناضل للعيش وحيدا في عالم مليء بوحوش بشرية لا تخرج إلا في الليل .. ومنذ ظهور الرواية الأصلية عام 1954تحولت إلى ثلاثة أفلام سينمائية (كان آخرها قبل بضعه أشهر وحمل اسم الرواية الأصلية I am legend .. ويكمن جمال الفيلم الذي نَزلته شخصيا من الإنترنت في الجمع بين جاذبية الفكرة ، وبراعة الممثل ، ووفرة الخدع السينمائية .. وتبدأ أحداث الفيلم عام 2009حين يطور العلماء فيروسا لعلاج السرطان يخرج عن السيطرة ويتحول الى وباء يقتل معظم سكان الأرض . وفي حين يموت 90% من البشر يتحول 9% منهم إلى وحوش تشرب الدماء وتقتات على جيف الأموات .. أما من لا يتأثر بفيروس المرض (وهم أقل من 1% من مجمل البشر) فيتناقص عددهم بسرعة بسبب الهجمات الليلية للمسوخ البشرية ... وهكذا لا يبقى في النهاية سوى عالم فيروسات يدعى روبرت نيفيل يقوم بدوره الممثل الأسمر ويل سميث (الذي يكاد يكون الممثل الوحيد في الفيلم ) .. وهو يقضي جل وقته بين محاولة النجاة بحياته / والبحث عن لقاح للفيروس / ومواصلة الاتصال بالراديو بحثا عن ناجين من البشر ..... !! ورغم أن القصة تدور في المستقبل (وتصنف ضمن فئة الخيال العلمي) إلا أن لها أساسا طبيا وتاريخيا لا يمكن تجاهله .. ففي حال قدر للبشر الانقراض مستقبلا فسيكون هذا غالبا بسبب وباء جديد أو فيروس متحور . وهذه الفرضية تساندها (موجات انقراض صغيرة) حدثت في الماضي وقضت على ملايين البشر .. ففي صدر الإسلام مثلا قتل فيروس الطاعون أضعاف من ماتوا في فتوحات الشام والعراق . وخلال الخمسمائة عام الماضية قتلت الملاريا 24مليون إنسان في افريقيا و 36مليون في اسيا . وحين وصل الأوربيون الى الأمريكيتين حملوا معهم فيروسات (تعتبر بسيطة حاليا) لكنها قضت على 40مليون من الهنود الحمر لم يملكوا مناعة ضدها .. أما في القرن العشرين فقضى فيروس الأنفلونزا الأسبانية في عام 1918على ثلاثين مليون إنسان (وهو رقم يتجاوز بأربعة أضعاف ضحايا الحرب العالمية الأولى التي انتهت في نفس العام) .. أما الكارثة التي كادت تقضي بالفعل على الجنس البشري فهي وباء الطاعون الذي ظهر في القرن الرابع عشر وقضى على 60مليون إنسان كانوا يشكلون حينها ثلث سكان الأرض (ولو قدر له الاستمرار لجيل واحد فقط لقضى على كافة البشر) !! ... وهذه مجرد أمثلة بسيطة على قدرة الفيروسات على خلق أوبئة فتاكة وسريعة قد لا يملك البشر حتى وقتا لدراستها .. وحين نراجع الأحاديث النبوية الخاصة ب(يوم القيامة) لا نجد ما يمنع حدوثها بسبب فيروس فتاك أو وباء مفاجئ يجتاح الأرض ويقضي على كافة البشر .. وفي حين تظل رواية ماتيسون مجرد "فرضية" يوجد حديث نبوي صحيح يخبرنا عن كيفية وفاة (آخر رجلين) في المدينة قبل قيام الساعة ... قال صلى الله عليه وسلم : "يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا عوافي السباع والطير وآخر من يحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمهما فيجدانها وحوشا حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما"!!