في جو مفعم بالحس الموسيقي وقبل ثماني سنوات في مدينة كراكوف البولونية كانت هناك مفاجأة كبيرة تتخلق برشاقة وحيوية الحياة اسمها "هبه قواس" حيث انتزعت هبه في تلك الأمسية التي قدمت بها مقطوعتها "توق" اعترافا من المشاركين أنفسهم بأنها كانت الأفضل بينهم . يومها أتى في الصحافة تعليق من بربارة زيلانزيا رئيسة المعهد الموسيقي العالي في كراكوف تقول فيه: "ما كنت أظن أن في إمكان شابة صغيرة الوقوف جنبا إلى جنب مع كبار الموسيقيين في العالم وقطف كل هذا النجاح، فمقطوعتها فتحت أذهاننا على نمط موسيقي هو ما نطمح إلى أن يُسجل في التاريخ الذي نعمل على إحياء فنه والارتقاء به". هبة قواس صوت له روح غيمة تمطر الحياة، حنجرتها أشبه بطقوس أثيرية تنعجن بفجر الملكوت الحي، موسيقاها جمال يغنى في حضرة الهيام السماوي. وبرغم حداثة سنها تعتبر الأولى التي عملت على إيجاد أوبرا عربية، وأول من أُعترف بها خارجيا في الغناء الأوبرالي بل و اُعتمدت أعمالها من بين الأعمال الموسيقية العالمية. وحالياً هي مؤلفة موسيقية وأستاذة الموسيقى في المعهد الوطني العالمي للموسيقى (الكونسرفتوار) في بيروت. هذه الهبة الإلهية، شابة تجعل من التأليف الأوبرالي عالماً متفرداً بكل همومه وتحركاته. في الموسيقى التي تؤلفها وتغنيها روحانية توغل في نبش الصدور. من أجمل أخبارها التي تناقلتها الصحافة العربية خبر تقديمها أعمالا في لندن حضرها كبار نجوم المجتمع البريطاني من موسيقيين ومغنين وسياسيين وممثلين وأفراد من العائلة المالكة وقادة جيوش وعاد ريع هذه الحفلة للأشخاص الذين لا بيوت لهم. سبق ووقعت عقد تعاون مع مسرح شكسبير الملكي كما قدمت أعمالا في الولاياتالمتحدة الأميركية تكريما لرواد الفضاء حضرها أهم علماء ورواد الفضاء في أميركا وقد اختيرت موسيقاها وصورت في اسطوانة خاصة هناك. أما آخر أعمالها تأثيرا في الناس فكان وضعها مؤلفا موسيقيا غنائيا لصوتها، كورال وأوركسترا سمفونية لذكرى الرئيس رفيق الحريري بعنوان (سلام الحرية) من شعر ندى الحاج. حين سُئلت هبة في لقاء لها عن صوت الكمال قالت: ( يأتي من المطلق، الصوت الموسيقي هو أكثر شيء تجريدي في الكون). وتقول في لقاء آخر: ( أنا كموسيقية أتعامل مع المطلق ومع المنبع الحقيقي للطاقة في الجسم البشري مع مصدر الذبذبات الأساسية للصوت، هذا الصوت الذي نستطيع أن نمسكه ونحاول أن نحوله إلى موسيقى وننقله إلى الآخر في الوقت الذي يطيح رأسك كمؤلف موسيقى بأصوات كثيرة، إلى هذه الدرجة أتعامل مع المطلق والى هذه الدرجة أحقق هذا الاتصال به، وإذا لم تكن للمؤلف موهبة ليسمع كل المعلومات التي تدخل خلايا الجسم وإذا لم تكن لديه فلسفته في هذا المكان تظل موسيقاه ناقصة وتظل أصواته مجرد أصوات وتكون موسيقاه مفتعلة أيضا. أنا شخصياً أؤلف الموسيقى التلقائية وبتلقائية أحول الأصوات التي تضج في رأسي وأنقلها إلى الآخر. بفعل قوة دافقة بفعل مصدر محرك لإرادتنا. هذه القوة يجب أن تكون موجودة بقوة الدفق الموسيقي الذي يخرج تلقائيا وليس بشكل مفتعل حتى لا يتحول الأمر إلى مجرد نظريات موسيقية والموسيقى لا تستطيع أن تظل مجرد نظريات).. ( أريد القول إني لم أحقق الأوبرا العربية المتكاملة على خشبة المسرح، لكني حققت الأغاني الأوبرالية العربية فالأوبرا هي عبارة عن مسرح متكامل وتحتاج إلى أصوات وشخصيات أخرى غيري تغني على المسرح). هبة قواس تحلم بأصوات لم يسمع بها أحد من قبل، أما نحن فيحق لنا أن نحلم بمئة هبة يتممن حلم الأوبرا العربية ويدفعنها للتحقق.