قبل عامين تقريباً كتب أحد الزملاء مقترحاً إقامة حوار وطني في الرياضة، وأذكر حماسي لذلك المقال فكتبت مؤيداً وحرصت على إيصال الفكرة للمسؤول، وكيل الرئيس العام لشؤون الشباب، الذي بادر مشكوراً بالكتابة للقيادة الرياضية برأي مؤيد، ولكن الشهور مرت والحوار لم ير النور، وتملكتني الحيرة فالحوار الوطني شمل العديد من القضايا الهامة والحوار الرياضي لا يقل أهمية عنها، فهو يعني الشريحة الأكبر من مجتمعنا، والرياضة هي المجال الأكبر للحوار الحر، والصغار يتعلمون لغة الحوار وآدابه من متابعتهم للحوار الرياضي الذي نعلم ما فيه من قصور. وتذكرت المثل القائل: "أن تصل متأخراً خيرٌ من ألا تصل أبداً"، فاليوم السبت يوقع سمو الرئيس العام اتفاقية ثنائية مع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني تضع الخطوط العريضة لتعاون طويل ومثمر - بإذن الله - بين الطرفين من خلال البرامج والخطط الاستراتيجية التي نأمل أن ترتقي بالحوار الرياضي لينعكس على سلوك الشباب في تعاطيهم للرياضة وتعاملهم مع الآخر، ويكفي أن تستمع لحوار الرياضيين في المجالس والإعلام لتعرف حجم المشكلة وأهمية الحل. فهل يعقل أن حصول لاعب سعودي على أحد الألقاب العالمية يغضب شريحة كبيرة من الرياضيين لأن هذا النجم ينتمي للنادي الآخر؟؟، بل هل تصدقون أن جماهير سعودية لا تفرح بهدف هام في كأس العالم لأن الذي سجل الهدف نجم لا تحبه تلك الجماهير وتخشى أن ترتفع أسهمه؟؟، وهل يؤيد المنطق أن يبادر سعوديون للاتصال بالهيئات الرياضية الدولية للتشكيك في عدد المباريات التي بموجبها دخل نجم سعودي نادي المائة؟؟، وهل يتفق مع الوطنية أن يبادر سعوديون بالتصويت لنجم غير سعودي فقط لأن النجم السعودي المنافس ينتمي للنادي المنافس؟؟، وهل نقبل كسعوديين أن تصل لغة الحوار الرياضي إلى التشكيك في الذمم والانتقاص من كرامة الناس والسخرية بهم لمجرد خطأ غير مقصود؟؟؟؟ "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية"، شعار حفظناه للمغفور له - بإذن الله - عبدالرحمن بن سعود، فهل صحيح أن هذا التعصب والتشنج لا يترك في النفس أثراً يباعد بين الناس ولا يقربهم؟، فنحن أمام مشكلة تؤثر على فكر الشباب وتماسك المجتمع الذي أصبح يحكم على عمل الإنسان من خلال ميوله لا من خلال إنجازه. فهل يستطيع مشروع الحوار الوطني الرياضي أن ينظف الساحة الرياضية من أوساخ التعصب قبل أن تتحول إلى مستنقع آسن يصعب تنظيفه؟؟ هل سيأتي اليوم الذي نقتنع فيه باستحقاقات النجوم مهما اختلفت ميولهم، أم نستمر بتجريد ماجد أو سامي من نجوميتهما فقط لأننا ننتمي لأحد المعسكرين؟؟ بل إن أعجب ما سمعت كان تقليل بعض الهلاليين من عبقرية الفيلسوف "يوسف الثنيان" خشية أن يؤثر ذلك على نجومية "سامي الجابر"، والنجمان يلعبان لفريق واحد ساهما في صناعة أمجاده، بل إن الحوار وصل حد التشنج بإلغاء نجومية "الثنيان"، وستجدون في منتدى الكتاب ما يؤكد الحاجة الملحة للحوار الوطني الرياضي، الذي يقرب الشباب ولا يباعد بينهم.. وعلى دروب الإبداع نلتقي.