الرياضة أصبحت حاضراً صناعة لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، هناك آخرون ليسوا من الوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات كبيرة ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها إما حديثاً أو منذ فترة طويلة. الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه «دنيا الرياضة» عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم وضيفنا اليوم هو معالي الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن آل معمر مستشار خادم الحرمين الشريفين الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني والمشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة. النظرة القاصرة للرياضة قديماً تحولت إلى إيجابية في الوقت الحاضر * ذكرت في أحد حواراتك أن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ليس مؤسسة تشريعية يصدر القرارات، إنما جهة استشارية؛ إذن لماذا لا تناقش الرياضة وهمومها تحت قبته؟ - القضايا الرياضية، تشكّل مفصلاً مهمًا من مفاصل القضايا العامة التي نناقشها في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني؛ إذ هي جزء من كل، ونفرد لها كأي قضية عامة مساحتها التي تستحق. وللشباب مساحة كبيرة في اهتمام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، الذي خصص لهم لقاءً حواريًا خاصًا بهم: (قضايا الشباب: الواقع والتطلعات)، لدعم الشباب من خلال مناقشة مشكلاتهم ومشاركتهم في تقديم حلول جذرية لها. أحب رياضة اللعب بالسيف وأكره مصارعة الثيران كما أذكّر بمذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين سمو الرئيس العام لرعاية الشباب، ومعالي رئيس اللقاء الوطني للحوار الفكري، عام 1429ه؛ لتعزيز وتفعيل التعاون لنشر ثقافة الحوار بين أوساط الشباب وفق الأسس العلمية السليمة المستمدة من المبادئ الإسلامية في دعم الوحدة الوطنية وترسيخ مبادئ العقيدة الإسلامية؛ والتعاون المشترك في تنمية ثقافة الحوار والتسامح والوسطية والاعتدال بين فئات الشباب من خلال التعاون بشكل وثيق وعلى أساس مستمر؛ لتعزيز نشر ثقافة الحوار بين فئات المجتمع الشبابي والرياضي؛ والشراكة العلمية بين الطرفين؛ وتنفيذ برامج تدريبية استراتيجية لنشر ثقافة الحوار، والتسامح والوسطية والاعتدال بصورة فعالة؛ وتفعيل دور الأندية الرياضية وبيوت الشباب بالمملكة لنشر ثقافة الحوار؛ والمشاركة في إقامة لقاءات وندوات حوارية في مجالي الشباب والرياضة؛ وغيرها من البنود المهمة التي تدعم الحوار في القضايا الرياضية. * أين دور مكتبة الملك عبدالعزيز من ترجمة أهدافها داخل مكتبات الأندية الرياضة لترتادها الجماهير ويتصفحها الشباب؟ - مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، بوصفها مركزًا معلوماتيًا ومعرفيًا، ومقرًا دائمًا، ومنفّذًا للمشروع الثقافي الوطني لتجديد الصلة بالكتاب، تقدّم حلولاً جوهرية للتواصل مع القراء في أي مكان.وهذه الحلول أو البرامج بات يلمسها الجميع من برامج ثقافية؛ وحلقات نقاشية للتباحث حول القراءة في المجتمع؛ وتسليط الضوء على تجارب العلماء والمفكرين في ميدان القراءة من خلال الندوات الحوارية حول واقع القراءة الحرة ومستقبلها في التعليم العام والعالي؛ ومن خلال أيضًا مهرجان القراءة الحرة؛ والدورات التدريبية في فن قراءة القصص على التلاميذ؛ وغيرها من النشاطات القرائية لطلاب وطالبات المرحلة الابتدائية؛ ومهرجان مسرح القراءة، بالإضافة إلى عدد آخر من الفعاليات والنشاطات الهادفة. والمكتبات السعودية كافةً، ومنها مكتبات الأندية الرياضية في بؤرة اهتمام مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، ويمكن طرح أي إطار من إطارات التعاون في حدود العلاقات المتبادلة المرسومة في هذا الخصوص. * هل توافقني الرأي بأن أسرع وسيلة لإيصال أي رسالة كانت، هي الرياضة دون غيرها وخاصة إذا كانت الرسالة موجهة للشباب؟ - أوافق نوعًا ما على ذلك فالشباب في هذه المرحلة العمرية، يمتازون بالحيوية، والقوة الجسدية، وهي مسألة أساسية في حياتهم، لذلك هم بحاجة إلى برامج توعوية في هذه المرحلة لاستيعاب طاقاتهم، وتوجيهها والاهتمام بمواهبهم وميولهم، بفتح النوادي الرياضية، والمسابح ومضامير السباق، وإقامة المباريات والمسابقات، ورصد الجوائز؛ حتى لا يكونوا لقمة سائغة لدعاة التطرف والتحلل؛ فهم أغلى ما نملك من طاقات؛ بوصفهم القوة المؤهلة التي تعدّ نفسها لتسلم مهام الحياة؛ لذا فالعناية بالشباب جزء من التخطيط لمستقبل الأمة، والحرص على مكانتها. وهو ما يرمي إليه الحوار الوطني من مد جسور التواصل والحوار وتنمية العقول الشابة بالبرامج العلمية المدروسة. * أعلنتم عن افتتاح فرع لمكتبة الملك عبدالعزيز بالعاصمة الصينية بكين، هل ستحمل أرففها شيئًا عن الرياضة السعودية، نشأتها وكيفية التطور الذي تسير عليه؟ - الرياضة السعودية، عنوان مهم من العناوين الثقافية والعلمية والرياضية، ويتعلّق به قطاعات عريضة من الجماهير، فهي تمثّل سمتًا عامًا، ومن الطبيعي أن تحتوي المجموعات المقتناة لفرع المكتبة بالصين لعناوين عن الرياضة السعودية. * لماذا لا يتبنى مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني جلسة مخصصة عن الرياضة ويلتقي عددا من شرائح من يمثلونها، لتبادل الآراء وبحث همومها وطرح بعض الحلول؛ بحثاً عن توصيات ترفع للأندية على الأقل؟ - كلنا يعلم ويعي جيدًا أن الرياضة أصبحت صناعة واقتصادا، وأصبح الاحتراف سيد الموقف، وبذلك تجاوزت الرياضة مرحلة الهواية على الأقل بالنسبة للأندية المحترفة، هذه الصناعة، وهذا الاقتصاد الآن يقومان على أسس فكرية، وبحثية ودراسات جدوى اقتصادية خالصة.. وأعتقد أن الحوار الرياضي في مثل هذه الحالة بات أشد حاجة من أي وقت مضى؛ لأنه في أدنى مستوياته يسهم في إرساء قيم الروح الرياضية وثقافة التسامح، والحد من شحناء التعصب، وآفات الانتماء .. ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني يرحب بأية بادرة، من المؤسسات والأندية الرياضية، للتباحث بشأنها، خدمة لديننا ولمجمعنا العربي السعودي. * أيهما أهم رياضة الروح.. أم رياضة الجسد ؟ - الرياضة علاج للروح والجسد في آن واحد؛ ولا يمكن الفصل بينهما؛ ولها فوائد كثيرة، لاحصر لها؛ ففيها ينمو الجسم ويقوى، فضلاً عن الفوائد الروحية، والخُلقية والفكرية؛ حيث تغرس في ممارسها الخصال الحميدة، وتبعث على الهمة العالية، وتنمي العقل، وقد قيل: العقل السليم في الجسم السليم.؛ وقبل ذلك قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم:«المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خيرٌ».. ومَنْ يجرِّب ممارسة الرياضة لمدة نصف ساعة صباحًا على الأقل؛ سيلمس أثرها النشط والحيوي على نفسه وطاقته طوال النهار، التي تدفعه للعمل بقوة وإرادة وصلابة.. * هل تستوقفك الصفحات الرياضية في صحفنا..؟ - نعم تستوقفني بعناوينها المثيرة، وتحليلاتها الرياضية المعمقة. * أي الرياضات تسكنها وأيها تنبذها .. وأيها تقفل الباب في وجهها؟ - كل الرياضات جميلة، ونشغف بها جميعًا، خصوصًا كرة القدم، والسباحة، والتجديف واللعب بالسيف يكسب الإنسان سرعة الحركة واليقظة الدائمة.. أما ما أقفل الباب في وجهها مصارعة الثيران، للعنف الكبير الحاصل فيها ..! وكذلك بعض السباقات الخطرة .. * بين عقد الثمانينيات الميلادية وعصرنا الحالي؛ تقلصت مساحة النظرة القاصرة للرياضة إلى حد كبير .. في نظرك هل يوجد سبب لذلك أم هي سنة الحياة؟ - نعم تغيّرت النظرة الإيجابية إلى الرياضة عنها فقديمًا، كانت مهملة نوعًا ما؛ لأن الآباء وأولياء الأمور كانوا يهتمون بالناحية العقلية ويهملون الناحية الجسمية. وحديثًا، باتت العناية بها موضع اهتمام الأمم والحكومات؛ لدورها الكبير في الحفاظ على الجسم، وتوفيرها له القوة والصحة، وإشعار ممارسيها بالسعادة، فضلاً عن أنها باتت عاملاً كبيرًا لانتشار السلام بين الشعوب .. واحتلت الرياضة مكانًا مهمًا وبارزًا في برامج التعليم؛ حيث أصر رجال التربية على إدخال التدريب البدني ضمن المناهج الدراسية. * إلى متى ترزح منتخباتنا تحت «فكر إدارة الأزمات» ولماذا تحدث الأزمات أصلاً؟ - تحدث الأزمات عندما تغيب الرؤية الاستشرافية؛ وأعتقد أن اتحاد الكرة السعودي، لديه من الحصافة والحكمة والرؤى النافذة؛ ما يطوّق أية أزمات عارضة. ويرسم ملامح استراتيجية متجددة تقود إلى تقدم الرياضة في مختلف مجالاتها. * لو تلقيت دعوة لحضور نهائي كأس العالم، هل ستحضر أم ستجير التذكرة لشخص آخر ومن هو؟ - سأحضر إذا كان الوقت مناسبًا .. * متى كانت آخر زيارة لك للملاعب؟ - منذ زمن طويل، في المرحلة الجامعية..! * البطاقة الحمراء في وجه من تشهرها؟ لكل مروّج ومدع للعصبية والتعصب والإقصاء، ومثيري النعرات، ومغرمي التصنيفات الفكرية ..! * ولمن توجه البطاقة الصفراء؟ - لكل خامل، يركن إلى السكون والدعة، ولكل القاعدين عن العمل، والإنجاز..، وبناء الوطن. * ومن يستحق الميدالية الذهبية في نظرك؟ - أصحاب الهمم العالية، والعقول المتقدة، ذوو القلوب والعقول الذين يطوعونها لخدمة دينهم ووطنهم وتقدمه ومجاراته للعصر. * لو قيض لك أن تعمل في حقل الرياضة من أي أبوابها ستدخل؟ - من الباب المناسب لقدراتي. * من وجهة نظرك هل الرياضة تجمع أم تفرق؟ ولماذا؟ - الرياضة تجمّع ولا تفرق، لأنها أصبحت لغة عالمية، تتواصل من خلالها شعوب الأرض قاطبةً! وهي تقود إلى كثير من الإنجازات المشتركة بين الشعوب كالمهرجانات بما تتضمنه من أنشطة رياضية وترفيهية وثقافية. * لو كنت مدربًا «وطلب منك تشكيل منتخب رياضي يتمثل فيه ابرز الشخصيات «الثقافية» فمن ستختار لتمثيل هذا المنتخب؟. - من يراهم المجتمع ويثق في قدراتهم. * بصراحة أي «الألوان» تراه سائداً في منزلك؟ - المناسب للمكان والزمان ! * ولأي من الأندية تدين الغلبة فيه؟ - الأندية كلها خير وبركة، ولكن تشجيعي للأخضر دومًا !