اعتذرت أستراليا رسميا امس الأربعاء عن إساءة المعاملة التاريخية لسكان البلاد الاصليين مستهلة حقبة جديدة في العلاقات العرقية في حدث رمزي مشحون بالعواطف أبكى السكان الاصليين وسط هتافات المواطنين في شتى انحاء البلاد. وقاد كيفين رود رئيس الوزراء الاسترالي الاعتذار البرلماني لاعضاء "الاجيال المسروقة" من السكان الاصليين الذين انتزعوا بالقوة من أسرهم ومجتمعاتهم في الصغر بموجب سياسات الاستيعاب السابقة. وفي مشهد غير مسبوق احتشد أكثر من سبعة آلاف شخص في الحدائق المحيطة بمبنى البرلمان الأسترالي لمتابعة الاعتذار الرسمي الذي بث على شاشات عملاقة وأخذ السكان الاصليون وأنصارهم يهللون حين نطق رئيس الوزراء الاسترالي بكلمة "آسف". وتعانق وبكى الآلاف من السكان الأصليين وأخذوا يصفقون بينما دخلت البلاد متحدة الى حقبة جديدة في العلاقات بين الاعراق. كما وقف الملايين في ميادين كانبيرا وحدائقها ومدارسها ومكاتبها يتابعون اعتذار رئيس وزرائهم عن الظلم الذي ارتكب بحق سكان أستراليا الاصليين بسبب سياسات انتزع بمقتضاها أطفالهم من عائلاتهم لتنشئتهم وسط أسر للبيض.وردد رود في اعتذاره كلمة "آسف" ثلاث مرات للاجيال المسروقة معتذراً عن "الحزن والمعاناة والخسارة البالغة" لمن تأثروا من جراء هذه السياسات. وقال مارك بن باكار شيخ الأجيال المسروقة لرويترز "هذا يجعل المجتمع الأصلي يشعر ولاول مرة منذ زمن طويل انه بحق جزء من أستراليا وان الأمة الأسترالية كلها تحتضنه." وافتتح أمس الأول الثلاثاء الحاكم العام الميجور جنرال مايكل جيفري الذي يمثل الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا تماشيا مع الدستور الأسترالي الجلسة البرلمانية رقم 42بكلمة أوضح فيها جدول أعمال رود خلال الأعوام الثلاثة المقبلة. وقال جيفري إن حكومة رود ستعمل على إنهاء الأوضاع السيئة التي يعاني منها السكان الأصليون والمساعدة في رأب صدع الانقسامات العرقية في البلاد. وكانت أستراليا حصلت على استقلالها عن بريطانيا عام 1901ولكنها احتفظت بالتقاليد البرلمانية البريطانية التي تعود إلى مئات السنين. وأنهى رود أمس الأربعاء انتظاراً دام 11عاما ممن يطلق عليهم "الأجيال المسروقة" من سكان استراليا الأصليين عندما قاد اعتذارا برلمانيا عن سياسات الاستيعاب. وأظهر تقرير بارز صدر عام 1997أن ما يتراوح بين واحد من ثلاثة، وواحد من عشرة من أبناء السكان الأصليين انتزع من عائلته في الفترة بين عام 1910وعام 1970وأوصى التقرير بتقديم اعتذار. ولكن الحكومة المحافظة السابقة بقيادة جون هاوارد رفضت الاعتذار وعرضت فقط الإدلاء ببيان يبدي الندم قائلة إن الأجيال الحالية يجب ألا تتحمل مسؤولية تصرفات الحكومات السابقة. ويمثل السكان الأصليون وعددهم 460ألف نسمة اثنين بالمئة من التعداد السكاني في استراليا البالغ 21مليون نسمة ولكنهم أكثر من يعانون في البلاد إذ ترتفع وسطهم معدلات وفاة الأطفال والبطالة كما يزيد بينهم عدد السجناء ومدمني المخدرات والخمور.