(لا أحد يستطيع ركوب ظهرك.. إلا إذا كنت منحنياً.. !) مارتن لوثر كنج سنتين وثمانية أشهر.. استمرت مرافعاته في القضية.. التي رفعها ضد شريكه في مخططاتهما العقارية المشتركة.. رغم أن اسمه في الشركة لم يكن ظاهراً.. على الأقل في الأوراق الرسمية لها.. شراكتهما.. بدأت بوادرها قبيل طفرة التسعينات الهجرية.. لكن.. عند قدوم المال.. وتكدسه.. تغيّرت النفوس عند محدثي النعمة..! بدأت الأطماع تلوح في الأفق.. بدأت سياسة: (هذا لكم.. وهذا أهدي لي..!).. لم يجد سبيلاً.. إلا طريق المحاكم.. ليثبت شراكة.. داخلها الطمع في آخر مشوارها.. افتتحت الجلسات.. وبدأت معها المماطلات.. جلسة لا يحضر فيها.. جلسة يحضر فيه المحامي.. أخرى يتم استبدال المحامي بآخر ليطالب هذا بالرجوع لنقطة الصفر.. طعن على إجراء مصحوب بطلب وقف الخصومة حتى تفصل فيه محكمة التمييز.. استغلال لثغرات النظام حتى آخر قطرة من ذكاء..! حكم له القاضي بما يدّعيه حقاً له.. وصادقت محكمة التميز على الحكم.. ليكتسب القطعية.. وتبدأ مرحلة تنفيذ الحكم بقوة النظام.. ابتسم جذلاً.. وهو يقلّب الصك بين يديه والعبارة تتراقص بين عينيه: (يطلب من كافة الدوائر والجهات الحكومية المختصة العمل على تنفيذ هذا الحكم بجميع الوسائل النظامية المتبعة ولو أدى إلى استعمال القوة الجبرية عن طريق الشرطة.. !). ومع ذلك.. فوجئ صاحبنا بتأخر تطبيق الحكم القضائي الواجب النفاذ.. ليلمح بعضاً من عيوب عدم تطبيق (قاضي التنفيذ).. كما يحكي له صديقه المحامي دائماً - والذي شرع به الشيخ راشد الهزاع مشكوراً في محكمة جدة العامة بعد مطالبات عديدة كتب لها النجاح أخيراً - فموظف الحقوق البسيط الرتبة يستطيع تأخير المعاملة.. وموظف المكتب القضائي يؤجلها قليلاً.. وقسم الصادر في كلا الجهتين.. يجمع شيئاً من هذا وذاك.. مع بالغ الأسف بأن هذا الاستهتار يحصل.. بشيء من العلاقات.. المصحوبة بالأمن التام من العقوبه..! في دول العالم المتقدم تشريعاً وقانوناً.. يعتبر عرقلة الحكم القطعي الواجب النفاذ أو محاولة تأجيله.. جنحة يعاقب عليها القانون.. سواء وقعت من الموظف المكلّف بتطبيق القانون أو غيره.. ويدخل ضمناً في قوانين مكافحة الفساد (التماس الموظف الحكومي أو قبوله، بشكل مباشر أو غير مباشر، مزية غير مستحقة، سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص آخر أو هيئة أخرى، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما ضمن نطاق ممارسته مهامه الرسمية). وفي بعض التشريعات لا فرق بين تعطيل الأحكام القضائية سواء كانت مدنية أو جنائية.. في محاولة تشريعية رائدة تحفظ للقانون هيبته.. كما في القانون البحريني عندما وضع الحبس عقوبة على (عرقلة سير إجراءات التنفيذ) في المادة (424) وتكون العقوبة تقديرية من القاضي. في أنظمتنا ربما لا يعرف الكثير بأن للمتضرر الحق الكامل في المطالبة بأمرين: @ إقامة دعوى إدارية باستغلال نفوذ الوظيفة كما ورد في منطوق الأمر السامي رقم (43) أمام ديوان المظالم مع انعقاد الاختصاص الأولي لهيئة الرقابة والتحقيق. @ إقامة دعوى مدنية بطلب التعويض بزوال منفعة انعقدت بتأخير تنفيذ الحكم أمام المحكمة العامة. وفي النهاية لك كامل الخيار - كما همست في أذن صاحبي أعلاه - في أن تنحني وتختار كما الآلاف غيرك عشرات الخيارات الأخرى الأقل تكلفة.. فقليل من التأخير لا يضير.. أو تختار أشدّها وقعًا في النفوس.. تختار ما تهابه الناس غالبًا ولا تقوى على بذله: (محاسبة المسئول.. بل.. مقاضاته.. !). @ الباحث في أنظمة العقار [email protected]