الأصل في استخدام الدواء هو الحاجة إليه التي يحددها الطبيب المعالج، وليس الحث عليه عبر دعايات القنوات الفضائية، ولوحات الدعاية. والأنظمة لدينا دقيقة وشاملة ومحكمة، لكن المشكلة تكمن في التقيد بالأنظمة ومتابعة التنفيذ وتطبيق العقوبات، وهذه تتحملها الأجهزة التنفيذية والوزارات المعنية وليست الأنظمة والجهات التشريعية. فهذا نظام المستحضرات الصيدلانية والعشبية الصادر من مجلس الوزراء ينص في مادته السادسة والثلاثين على أنه يجب أن تكون نصوص البيانات والنشرات والإعلانات الخاصة بالمستحضرات الصيدلانية والعشبية متفقة مع ما تحتويه من مواد وخواص علاجية وفق ما هو محدد في النشرة الخاصة بالمستحضرات أو ملخص خواص المستحضر، ويؤكد على أن تكون متفقة مع عادات وقيم المجتمع، ويسمح بالإعلان عن المستحضرات الصيدلانية والعشبية التي يسمح النظام للصيدلي بصرفها بدون وصفة طبية فقط!!، وينص النظام صراحة على انه يحظر الإعلان عن المستحضرات الصيدلانية والعشبية التي يتطلب الحصول عليها وصفة طبية إلا في المجلات والمؤتمرات والندوات والنشرات العلمية المخصصة للممارسين المهنيين. لاحظ أن النظام لم يفت عليه التأكيد على أن تتفق الإعلانات المسموحة مع عادات وقيم المجتمع، وكأنه توقع ما يحدث الآن من خدش للحياء، وخروج على القيم والعادات الاجتماعية في دعايات القنوات الفضائية للمقويات الجنسية والتي بلغت حدا ينم عن انعدام المسؤولية تماما لدى الطرفين المصنع والقناة. كما لم يفت على النظام أنه حظر الإعلان عن الأدوية التي لا تصرف إلا بوصفة طبية لخطورتها وتعدد مضاعفاتها وضرورة التأكد من مناسبتها للحالة الصحية للمريض فلا يحث الجميع على استخدامها وإنما توصف لمن يحتاجها وتناسب حالته الصحية. والمقويات الجنسية تأتي في مقدمة الأدوية التي يجب أن لا تصرف إلا بوصفة طبية بعد فحص دقيق، لتعارضها مع الكثير من الأمراض وخاصة ما يتعلق بالقلب والدورة الدموية، ويمنع النظام الإعلان عنها، لكن إعلاناتها تملأ الفضائيات وبطريقة تتفنن في خدش الحياء والإغراق في الجنس وإثارة تساؤلات وفضول الأطفال من الجنسين. إن هذه المخالفة المركبة (ارتكاب المحظور بالإعلان أصلاً وعدم اتفاق الإعلان مع قيم وعادات المجتمع) تستدعي موقفا رادعا وعقوبات صارمة تستخدم فيها وزارة الصحة صلاحياتها في تجميد المستحضر ووقف التراخيص وإلغاء التسجيل وتطبيق الغرامات المالية.