تعرضت البورصات العالمية الأسبوع الماضي لهزة قوية بعد أن تعاظمت المخاوف من تحول الانكماش الاقتصادي الأمريكي إلى أزمة اقتصادية عالمية، وانتقلت العدوى أيضاً إلى مؤشرات الأسهم الخليجية التي هبطت إلى مستويات هي الأكثر انخفاضا في غضون أكثر من عام، قبل أن تعوض هذه الأسواق جزءا من خسائرها في نهاية تداولات هذا الأسبوع. وتبدو احتمالات انتعاش قريب في الاقتصاد الأمريكي أمرا مستبعد الحدوث في الوقت الراهن، ما يعني أن حالة هذا الاقتصاد ستبقى أهم العوامل التي تحرك البورصات العالمية خلال المرحلة المقبلة إلى أن تبرز أنباء إيجابية تبعد حالة التشاؤم في الأسواق التي اتسمت تداولاتها الأخيرة في هذا الأسبوع بالتفاؤل الحذر. وفي سوق الأسهم السعودي تحول المزاج العام من التشاؤم إلى حالة من التفاؤل المفرط في الساعات الأولى من تداولات الأربعاء، لكنّ أمورا خفية ظهرت في الدقائق الأخيرة وهي الأمور المبهمة التي محت مكاسب بأكثر من 6في المائة، حيث أدت المضاربات إلى تبديد المؤشر السعودي قسماً كبيراً من مكاسبه المسجلة خلال الجلسة، وذلك قبل نهايتها بقليل، ما يعني أن هذا السوق تعيش حالة هشة بحيث أنها قد تتحول بسرعة إلى الاتجاه المعاكس. وعلاوة على ضعف نتائج بعض الشركات القيادية وضعف أداء الاقتصاد العالمي، هناك عامل ثالث يثير قلقاً عميقاً في سوق الأسهم السعودية، وهو وجود أشخاص قادرين على تحريك السوق حيثما يشاءون، واذا استمرت سيطرة الأشخاص الكبار "الهوامير" وغياب الاستثمار المؤسسي وصناع السوق فإن سوق المال السعودي سيكون معرضا للمخاطر وعدم الاستقرار. ما حدث في نهاية تداولات الأربعاء دليل على أن السيولة التي تتحكم في سوق الأسهم السعودي وتحركه صعوداً أو هبوطاً هي سيولة مضاربين وليست من جانب مستثمرين ذوي رؤية متوسطة إلى بعيدة المدى.. السوق واقع ضحية الاحتكار هذا أمر لا جدال فيه، وربما والعلم لدى هيئة سوق المال قد تكون هناك عمليات غير مشروعة تمت بقصد منع السوق من بلوغ سقف العشرة آلاف نقطة أو لأهداف أخرى غير معلومة. هناك تكهنات وأحاديث أشيعت عقب إغلاق التداولات الأربعاء الماضي وهذه سمة سوق الأسهم السعودي الذي لا يزال يعاني من التنظيمات التي أبقته حبيساً لأهواء المضاربين وناشري الإشاعات، وأبقته بعيداً عن أسس الاستثمار وأدنى قواعد الشفافية والإفصاح والعدالة بين المستثمرين، والتي هي أهم قواعد عمل البورصات وأسواق المال في مختلف دول العالم. تأثر السوق السعودي، أكبر أسواق المال العربية، وأكثرها تأثراً بالأجواء الدولية بموجة هبوط البورصات العالمية أمر طبيعي، غير أن ما حدث في الدقائق الأخيرة من تداولات الأربعاء أمر يثير الريبة، ولن تقوم للسوق قائمة إلا بوجود قواعد قوية لحماية المستثمرين من استغلال وتلاعبات الكبار، والضرب بيد من حديد على الشركات والمضاربين الذين يستغلون المعلومات الداخلية وينشرون الشائعات، مع ضرورة إصدار قانون قوي أسوة بالقوانين العالمية في أسواق المال مع تطبيق القانون على الكبار قبل الصغار لايجاد عدالة وفرص متساوية في الأسواق. وبدون ذلك لن تتطور سوق الأسهم السعودية وتقوم بدورها والابتعاد عن المضاربات الوهمية.