لاشك أن المطارات تُعد نموذجا مصغراً لرحلتنا فى الحياة ، فمن صالة الوصول إلى صالة السفر يرى المتأمل فى وجوه البشر تناقضاً حاداً بين استقبال ووداع ... بين ابتسامة أمل وتجهم ألم ... فرحة لقاء ولوعة فراق. فالمستقبلون تلمع عيونهم وتنفرج أساريرهم وتزداد أعدادهم بالتئام شمائلهم .... والمودعون خلف كل قبلة وعناق قصة تلخصها دموع تنفرط- رغم الحرص على إبقائها-. القلوب المستقبلة ترقب هبوط الطائرة بلهفة وشوق ، وترقب القلوب المودعة صعود الطائرة بلوعة وحزن. غير أن الرحلات الجوية تتميز عن رحلتنا فى الحياة باختفاء مشاعر العداء وكأن المتواجدين على أرض المطار ينفذون بنود معاهدة سلام ووئام. فضلاً حركة البشر بنشاط وهمة ... قد نفتقدها بكل ذمة في غيرها من الأماكن المهمة ! ومن عجب أن يستعد المسافر هناك استعداداً تاماً للمغادرة بالطائرة ، أكثر من استعداده للانتقال إلى الدار الآخرة ، فهو يفرق بين مايراه جميلاً وبين سفر يراه قبيحاً ودميماً ... يفرق بين ذهاب وعودة و(روحة بلا رجعة) ! فياليتنا نأخذ العبرة والدرس ويكون شعارنا الحرص على المشاعر الحميمة والعواطف المتأججة التي تظهر في المطارات وتختفي في غيرها... كي تسمو العلاقة بين البشر من درك البغض والكراهية والعداء لتصل إلى درجات المودة والحب والإخاء ... فجميعنا على سفر .... وما الحياة الدنيا إلا مطار كبير توقيع : القلب مطار الحب ، ينبض بعنف كلما تأهب لاستقبال (طائرة) جديدة !