كثيراً ما نقرأ عن (التسامح) مقالاتٍ ونسمع مواعظ حول الموضوع نفسه.. وربما قليلاً ما نجد تأثيرها عملياً في واقع حياتنا ولهذا عندما وصلتني دعوة رقيقة من مجموعة فتيات صغيرات جداً أعمارهن بين ( 11- 13سنة) يطلقن على أنفسهن "جيل غراس" فرحت بها ..وبطاقة الدعوة من تصميمهن وتحمل تطلعات هذا الجيل القادم وعبارات ملؤها التفاؤل بعيداً عن البكائيات والقنوط التي أحياناً يلجأ إليها من يتحدث عن بعض السلبيات في المجتمع.. يقلن في سطور متفرقة على البطاقة الرقيقة جداً "كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم"..، "عند عجزك عن فعل شيء.. لا تلق اللوم على قدراتك فقط.. على رغبتك" وعبارة "القراءة متعة الحياة" .. يقلن عن أنفسهن في غلاف البطاقة (نحن مجموعة من الفتيات أعمارنا تتراوح من 11- 13سنة اجتمعنا ونحن نحمل الكثير من الحب والحماس والإيمان والرغبة في العطاء الذي يمكنك قراءته بشفافية وصدق على وجوهنا ؛ فالحب كما يقولون طاقة عجيبة تصنع المعجزات، فمشروعنا هو تعبير بسيط لحبنا لهذه الأمة.. وتعبير خجول لحبنا لرسولنا عليه الصلاة والسلام سيد الأخلاق كلها.. وقبل ذلك كله حبنا لربنا الذي جعلنا نركض على أجنحة من شوق في عملنا لهذا المشروع.. والحماس كما يقال هو روح العمل) وفي عبارة "لا يمكن إنجاز الأمور العظيمة دون حماس ملتهب". جيل غراس.. أرواح تحلم بقيادة العالم بالخلق والحب والسلام.. وكان مساء الثلاثاء 6محرم الحالي هو موعد حفلة التوقيع على كتابهن الصغير "اذهبوا فأنتم الطلقاء" الذي تشارَكن جميعاً في تأليفه وصياغته إيماناً منهن : أن الكون يصبح أجمل عندما نكون متسامحين ونستطيع - كما كتبن - أن نقدم الكثير لأمتنا عندما تكون قلوبنا متسعة باتساع المدى. الكتيب الذي تم تقديمه للحضور في ذلك الحفل مضمونه جميل فكل صفحة فيه تحمل مؤشراً جميلاً مستمداً إما من القرآن أو السنة أو الواقع النبوي ثم الحضاري للعالمين الإسلامي والغربي.. كل صفحة تحمل بعداً معرفياً جميلاً تم توظيفه بشكل متميز كي يترك أثره في نفس قارئه خصوصاً أنه جهد هؤلاء الصغيرات في أعمارهن، الكبيرات في طموحاتهن وأثناء فقرات ذلك اللقاء الدافئ كانت كل واحدة من هذا الفريق (فتيات نادي غراس) تحكي قصة صغيرة تحمل مضموناً جميلاً يضيف لبنة ثقافية لمشروع هذا النادي وللكتاب.. .. القراءة وحبها واعتبارها مفتاح التقدم لأي مجتمع كانت هاجسهن، وطموحاتهن أن تزداد نسبة القراء في عالمنا العربي ورغبن أن يكون مشروعهن لنشر فكرة "التسامح" تتم عبر هذا الكتاب.. فالتسامح شيء عظيم وأعظمه - كما ذكرن في ذلك الكتيب الجميل - أن تختار أن تسامح من تستطيع الانتقام منه!! فبداية رحلة مشروع التسامح في سطورهن تبدأ من أن التسامح هو: التغاضي عن أخطاء الآخرين وإن كنا نستطيع الانتقام منهم، وأن نتقبل الآخرين رغم اختلافهم، وأن نحسن لمن أخطأ في حقنا لقوله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم). .. وفي الكتيب الصغير آليات تحقيق التسامح في الحياة بين الأفراد.. تجيئنا من هذا الجيل الصغير الذي لم يجرب بعد معنى الحقد ولكن الفطرة فيه أرشدته إلى هامة الحب وتحقيقه في الحياة من خلال فضيلة التسامح.. وكم في حياتنا وصفحاتها المتعددة من مواقف تفاقمت لأن مساحات التسامح ضاقت ووجدت من يعيث فيها فساداً..!! ننسى أن (قوة الحب والتسامح في حياتنا يمكن أن تصنع المعجزات) كما هي في سطور كتيب (اذهبوا فأنتم الطلقاء).. .. كان مساءً دافئاً لقاؤنا بهؤلاء الصغيرات وبراءتهن وهن يقدمن مشروعهن بهذا الأسلوب الثقافي المتميز ومعهن بعض القائدات الأكبر سناً ممن قمن بالتوجيه وهن أيضاً لازلن على مقاعد الدراسة الجامعية. .. باقة حب لهؤلاء القادمات على أجنحة التسامح ومشروعهن يستمد النور والمعرفة من قرآننا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهن لا يكتفين بالموعظة التي قد يذهب أثرها بعد أيام من سماعها.. بل يحولنها إلى مشروع قابل للتطبيق في حياتنا اليومية إذا ما فعّلنا جانب الإرادة في مقومات شخصيتنا!! فإلى هذا الفريق المضيء ومن يرعاه ومن يدعمه كل المحبة .. واحتفظوا بأسمائهن في الذاكرة فهن قادمات صانعات الفكرة هن: رفيدة حريري، دعاء العمودي، ندى العمودي، رغد العطاس، سلطانة العبيدي، مرام النهدي، علياء المحضار، أبرار الزهراني، شهد العبيدي، آلاء القحطاني، لجين قطب، جمانة فطاني، أمجاد القحطاني، لبابة تركستاني، إيناس البار، ولا ننسى أن خلف هذه الأسماء أمهات وآباء كان لهم الدور الأساس في الاحتضان والتربية والتشجيع والمتابعة.. فجزى الله جميعهن خيراً.. @@ اتكاءة الحرف.. تعودنا أن نقدم الشكر لمن كان لهم دور في حياتنا العلمية والعملية وغالباً ما يكون هؤلاء ممن قدموا الدعم لنا في حياتنا خارج إطار الأسرة!! وحتى في كلمات الشكر التي يسجلها البعض في مقدمة مؤلفاتهم.. والقلة منا من يذكر دور الأم والأب في هذا النجاح.. هذان اللذان كانا يضيئان دروبنا بحبهما ودعمهما ولا ينتظران كلمة شكر ولا إيماءة عرفان.. لهذا أحيي الأستاذ حمد القاضي عندما ذكر دور والديه في تنشئته وحياته عندما تحدث في أمسية الاحتفاء به بمناسبة انتهاء فترة رئاسته لتحرير مجلة العربية.