ويستمر الهولندي د.غرونيه في رصده للزار في المجتمع الحجازي عام 1885م وبعد ان قدم تعريفاً عنه كخرافة نقلها الرقيق الأحباش إلى الجزيرة العربية تحدث عن تحوله من مرض ( كوميدي) إلى حفلات وجاهه للنساء قبل أن يتطور إلى وسيلة تحقق من خلاله النساء مطالبهن من الملبس والحلي عند ما تبدأ شيخة الزار مفاوضته على مغادرة جسد المريضة ويتبرع هو بإملاء مطالب لا بد أن يراعى فيها عمر وذوق المرأة. لكن هل كانت هذه الحيلة تنطلي على الجميع اقرأوا ما قاله غرونيه قبل أن يعقد مقارنة بين الجن والزار: يذكر غرونيه قصة طبيب مع زوجته التي تدعي مس الزار عند ما بدأت الزوجة بعد زواجهما بفترة قصيرة تتصرف تصرفاً غريباً وزارتها شيخة الزار زيارات سرية. وخطط الرجل لالتقاء الشيخة على درج المنزل. وهددها بالموت إن ظهرت ثانية في منزله ثم ذهب إلى زوجته التي كانت في نوبة قصيرة من نوبات الزار وأخبرها بأن تملك الزار لها أمر بين وأنه سيطرده منها في الحال، وأرسل في طلب موقد وحمى قضيباً من الحديد لدرجة الإحمرار وتمتم لنفسه قائلاً : خلقت الشياطين من نار ولذلك فهي لا تحارب إلا بالنار لكن المشكلة تكمن في معرفة المكان الذي يسكنه الزار في الجسم ولهذا لا بد من كي الجسم كله. ولكن المرأة استعادت حالتها قبل العلاج وتوسلت إلى زوجها أن يعفو عنها وأكدت له أن الزار قد تركها نهائياً إن هذا الطبيب على حد وصف غرونيه يعرف كيف يربح باستغلال الخرافة فعند ما تتم سرقة شيء ما ولا يكتشف السارق يأتي الضحايا في الغالب إليه ويقدمون إليه هدية ليوظف قوته السحرية الموروثة (العزيم) وهذه تعني ربط مفتاح في قطعة قماش حريرية ملفوف فيها مصحف قديم يرفع الطبيب بطرف سبابته أحد طرفي المفتاح ويرفع أحد أبنائه الطرف الآخر بحيث يتدلى المصحف في الهواء ويتارجح بحرية. ثم يضع في المصحف قصاصات من الورق مكتوب في كل واحدة منها اسم أحد المتهمين يضعها الواحدة تلو الأخرى وهو يقرأ عند كل واحدة تعويذة سرية. وبمجرد أن يبدأ المفتاح في التحرك فإن الاسم المكتوب في القصاصة الموجودة في المصحف هو اسم السارق. وبما أن على الضحايا أن يذكروا أولاً أسماء المشتبه فيهم فإن عند الطبيب الذكي الوقت الكافي لتكوين فرضية عما حدث وعلى المفتاح أن يتارجح طبقاً لذلك. وفي أحيان كثيرة يرجع الرجال الذين تجد هذه العملية طريقها إلى عقولهم خائبي الآمال بعد أيام قليلة لأن رجال الشرطة سخروا مما قالوه ورفضوا العمل به. وسيقول لهم الطبيب إن لرجال الشرطة الحق لأن استنتاجاً كهذا يجب أن يستخدم بطريقة سرية لا رسمية. وقد أعلن الطبيب مرة وبعد إجراء مثل هذه العملية أن ابن أخيه. وهو مؤذن قد سرق شيئاً من أمه. وقد اعترف الحفيد بذلك وندم. كذلك يمارس هذا الطبيب التنويم المغناطيسي و(درب المندل) بنجاح مذهل. وهناك اعتقاد واسع الانتشار يتعلق بتلبس الجن وهو إذا لم يطو المرء سجادته بعد صلاته فإن الجن سيحل محله ويؤدي الصلاة في نفس المكان ومثل ذلك الاعتقاد المتعلق بالمستقبل وفيما يلي وسيلة تستعملها النساء لضمان المستقبل أو بالأحرى المجهول فهن يبحثن في لحم الضأن عن عظمة صغيرة تشبه في شكلها الجزء الأعلى من الإبهام فينظفنها ويلففنها في قطعة قماش ويحتفظن بها حتى ليلة السبت ثم يرددن تعويذة رتيبة مطلعها: يا سبت يا سبوتا. يا سبت يا سبوتا. ثم يضعن العظمة تحت الوسادة وينمن وهن يتوقعن بكل تأكيد حلماً يبشر بحصول المراد. @ التراث الشعبي في أدب الرحلات