إذا كان هناك شيء يفوق حب الأمريكيين لسياراتهم فهو بلا شك حبهم لسيارات الاخرين. ويفسر هذا الارقام المخيفة التي ذكرتها دراسة حديثة أجراها مكتب مكافحة جرائم التأمين في البلاد حيث ان هناك 1,3 مليون سيارة تعرضت للسرقة العام الماضي فقط أو بمعنى آخر فإن هناك سيارة تسرق كل 25 ثانية في الولاياتالمتحدة وهي أرقام بالفعل تصيب من يقرأها بالدهشة. وتقدر الكلفة التي تتحملها صناعة التأمين وأصحاب السيارات بثمانية مليارات دولار كل عام كما أن الشرطة لديها سجل بائس في القبض على الجناة. وألقت الشرطة في عام 2003 القبض على 153 ألفا من المشتبه فيهم بسرقة السيارات حيث يصل معدل سرقة السيارات إلى سيارة من بين 8,5 سيارات. وتركت سرقة السيارات بمعدلها المرتفع الذي يتنامى بلا هوادة الملايين من أصحاب السيارات الامريكيين يشعرون بالسخط والحنق والاحباط في الوقت الذي تختبر فيه الشرطة في أنحاء البلاد أساليب جديدة لمواجهة هذا «الفيروس المتحرك». وحسب بيانات مكتب مكافحة جرائم التأمين فإن كثيرا من جرائم السرقة يرتكبها مستغلو الفرص من الهواة وغير المحترفين لكن تظل ملاحقة عصابات الجريمة المنظمة المتخصصة في سرقة السيارات المعضلة الكبرى أمام الشرطة. فهذه العصابات تهرب السيارات المسروقة إلى الخارج أو تقوم بتفكيكها إلى قطع صغيرة لتغذي بها سوق قطع غيار السيارات المستعملة والمنتعش في الولاياتالمتحدة. وتواجه الشرطة صعوبة كبيرة في ملاحقة هذه العصابات المنظمة مما يعني أن معدل استعادة السيارات المسروقة في انتكاس باستمرار. ولكن الشرطة تقاوم ذلك بكل ما أوتيت من قوة مستخدمة في ذلك عددا من الاساليب المستحدثة. ففي نيويورك قضت الشرطة 6 أشهر في عملية سرية أسفرت بعد أن أسدل الستار عليها عن كشف عصابة كبيرة يديرها خبير في فتح الاقفال كانت عصابته تسرق ما قيمته 5 ملايين دولار سنويا من السيارات. وافتضح أمر العصابة بعد أن نجح مخبر سري في التغلغل داخل الشبكة موفرا لها مرآبا تمتلكه الشرطة وجهز المرآب بعدد من آلات التصوير وأجهزة التنصت لتسجيل وقائع تلك الجرائم. ولجأت قوات الشرطة في أنحاء البلاد إلى استخدام أسلوب أطلقوا عليه اسم «المصيدة» لجذب لصوص السيارات والقبض عليهم متلبسين بجرائمهم. وتوفر هذه السيارات «المصيدة» شركات التأمين التي تمت استعادتها مرة أخرى بعد سرقتها أو تكون بعضا من السيارات التي صادرتها الشرطة من مروجي المخدرات. وتكون طرز هذه السيارات عادة هي المفضلة من قبل سارقي السيارات كالسيارات الجديدة الفخمة باهظة الثمن مثل الكاديلاك إيسكالادا أو الصغيرة القديمة مثل الهوندا أكورد أو السيفيك. ويثبت فنيو الشرطة أدوات بهذه السيارات «المصيدة» متصلة بالاقمار الصناعية ووحدات تحكم عن بعد خاصة تسمح لضابط الشرطة بمجرد أن يستشعر وجود لص داخل السيارة بغلق المحرك وغلق الابواب على الفور وبالتالي إلقاء القبض على اللص وهو داخل السيارة متلبسا بجريمته. ولابد لقوات الشرطة أن تتوخى الحذر حتى توقع اللصوص في المصيدة التي عادة ما تغوي اللصوص على الاقدام على السرقة كما أنها لا تتيح خيارا آخر أمام اللص سوى ارتكاب جريمته. وذكرت صحيفة (يو إس توداي) الامريكية اليومية أن أكثر من 100 إدارة للشرطة في الولاياتالمتحدة تستخدم وسيلة «المصيدة» للقبض على لصوص السيارات مشيرة إلى أن عددا كبيرا من تلك الادارات نجح فعليا في خفض معدل سرقة السيارات بنسبة تصل إلى 25 في المئة. وكانت إدارة شرطة مينابوليس رائدة في استخدام أسلوب «المصيدة» عندما كان مشروعا تجريبيا في أواخر عقد التسعينيات. ولدى الادارة الان 10 سيارات «مصيدة» وتلقي القبض على لص كل أسبوع تقريبا. وتعتقد الشرطة ان استخدام السيارات «المصيدة» يمكن أن يكون عاملا فعالا في خفض معدل جرائم السيارات بنسبة تصل إلى 37 في المئة. هذا علاوة على مكسب آخر تحققه الشرطة من وراء ذلك ألا وهو إدانة كل من يحاول سرقة السيارات «المصيدة» أمام ساحة القضاء بنسبة تصل إلى 100 تقريبا لأن الجناة يضبطون وهم متلبسون. وهذا النجاح دفع إدارات للشرطة في بالم بيتش وفلوريدا وواشنطن إلى شن حملة برامج إعلانية هدفها إرباك لصوص السيارات ودفعهم إلى الاعتقاد بأن السيارة التي يعتزمون سرقتها ربما تكون سيارة «مصيدة» خاصة بالشرطة. ويقول المخبر السري توماس هاجان في إدارة شرطة بالم بيتش نريد أن يعرف الجميع أن هناك سيارات «مصيدة في كل مكان». وأضاف «نريد أن نجعل اللصوص يتساءلون هل هم يسرقون سيارة من سيارات الشرطة أم سيارة شخص آخر وأعتقد أنها أداة ناجحة لمنع الجريمة.»