يأتي يوم الصحة العالمي منسجماً مع ما توليه المملكة العربية السعودية من اهتمام بالغ بالقطاع الصحي، إذ لم يكن الاهتمام بصحة الإنسان يومًا أمرًا طارئًا على هذا الوطن، بل هو نهج أصيل تأسس منذ أن وحّد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - هذا الكيان العظيم، وجعل من صحة المواطن والمقيم أولوية وطنية. وقد سار أبناؤه الملوك - رحمهم الله جميعًا - على ذات النهج، حتى هذا العهد الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - حيث شهد القطاع الصحي نقلة نوعية شاملة، سواء على صعيد البنية التحتية أو الكوادر الوطنية المؤهلة أو التقنية المتقدمة. لقد أصبحت المملكة اليوم موطنًا لأكثر من مئات المستشفيات وآلاف المراكز الصحية المنتشرة في مختلف المناطق، تُقدِّم خدمات صحية مجانية تشمل الرعاية الأولية والوقائية والعلاجية دون تفرقة بين مواطن ومقيم. كما تُجري هذه المستشفيات عمليات دقيقة ومتقدمة في مختلف التخصصات، أبرزها عمليات فصل التوائم السيامية، التي حققت فيها المملكة ريادة عالمية يشهد بها الجميع، إذ استقبلت فرقها الطبية حالات من دول متعددة وقدّمت الرعاية المتقدمة دون مقابل. ولعل من الشواهد المضيئة على هذه الرؤية الإنسانية، ما حدث خلال جائحة كورونا؛ حيث فُتحت المستشفيات والمراكز الصحية للمواطنين والمقيمين على حد سواء، وسُخِّرت كل الإمكانات لحماية الأرواح، دون تمييز أو تقصير، وهو ما أكد أن المملكة لا تنظر إلى الصحة كخدمة، بل كحق إنساني أصيل. وقد تجاوزت جهود المملكة حدودها، حيث أوفدت بعثات طبية إلى عدد من الدول النامية لإجراء عمليات دقيقة كجراحات القلب المفتوح وجراحات العيون، مساهمة منها في رفع المعاناة عن الشعوب المحتاجة، في تجلٍّ إنساني نبيل يعكس رسالة المملكة الحضارية. وإذ نحتفي بيوم الصحة العالمي، فإننا نستذكر بعرفان هذه النعمة العظيمة، سائلين الله أن يديم على وطننا أمنه وعافيته، وأن يجزي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده عنّا خير الجزاء، وأن يحفظ جنودنا البواسل المرابطين على الثغور. وكل عام وأنتم بخير.