تمتلك المملكة الكثير من الطلاب الموهوبين الذين يحتاجون إلى بيئات تعليمية متخصصة لتنمية قدراتهم، وتحقيق إمكاناتهم الكاملة، وهو ما سيسهم في إعداد قادة المستقبل وعلمائه ومبتكريه ومبدعيه في مختلف المجالات.. المملكة تعيش نهضة علمية واقتصادية غير مسبوقة، وبحاجة إلى إشراك أكبر عدد من المبدعين على مستوى الوطن.. كتب الأستاذ الدكتور عبدالله الجغيمان أستاذ تربية الموهوبين في جامعة الملك فيصل، وعضو مجلس الشورى سابقاً تغريدة في حسابه (إكس) يقول فيها: "لا أعلم لماذا نحن مترددون إلى اليوم في إنشاء مدارس للموهبة في جميع أنحاء الوطن، طالما أنها مضمونة الفاعلية والكفاءة، في دعم التنمية وازدهار الوطن؟". والدكتور عبدالله هو الوحيد الحاصل على جائزة باسو للقيادة والتأثير العالمي في مجال الموهبة لعام 2023، مقدمة من المجلس العالمي للموهوبين. وهي جائزة يتم منحها لأحد العلماء الباحثين بناء على ترشيحات الجهات العلمية والخبراء وفقاً لمعايير الإنتاج العلمي وحجم التأثير في الميدان التربوي، وبذا تكون السعودية أول دولة يفوز أحد منتسبي مؤسستها الأكاديمية بهذه الجائزة خارج أمريكا (7)، وأوربا (2) وبذا يكون الدكتور الجغيمان العاشر الذي تمنح له هذه الجائزة على مستوى العالم. وقد تواصلت مع الدكتور عبدالله بعد قراءة تغريدته للمزيد من الإيضاح فأجاب: فكرة إنشاء مدارس خاصة بالموهبة في المملكة خطوة نوعية واثقة، وضرورة ملحة في هذه المرحلة الانتقالية المهمة والواعدة التي تشهدها حركة التطوير التربوي والحضاري الشامل في المملكة. وهو ما ينسجم تماماً مع سياسة التعليم في المملكة من خلال نتائج الدرسات العلمية والتجارب العالمية في هذا المجال. وتبرز أهمية إنشاء هذه المدارس، وفي هذا الوقت بالذات لدعم مسيرة التنمية الشاملة والتطور الحضاري والعلمي والتقني الذي نعيشه اليوم في ظل الرؤية 2030. ويحقق الاستفادة القصوى من ذوي المواهب المهدرة، حيث تشير الدراسات العلمية إلى أن 70% من وقت طلبة التعليم العام من ذوي القدرات العالية، والتي يصل مقياس الذكاء لديهم إلى 150 فاعلى لا يستفاد منها. وتوجد أهم التجارب العالمية في إنشاء مدارس وأكاديميات للموهوبين في الدول المتقدمة وبالأخص في أمريكا وألمانيا وإسرائيل واليابان وكوريا الجنوبية وروسيا والصين. وتتمثل أهمية هذه المدارس فيما يلي: أولاً: تعزيز رأس المال البشري وتنمية المواهب الوطنية، حيث تمتلك المملكة الكثير من الطلاب الموهوبين الذين يحتاجون إلى بيئات تعليمية متخصصة لتنمية قدراتهم، وتحقيق إمكاناتهم الكاملة، وهو ما سيسهم في إعداد قادة المستقبل وعلمائه ومبتكريه ومبدعيه في مختلف المجالات.. المملكة تعيش نهضة علمية واقتصادية غير مسبوقة، وبحاجة إلى إشراك أكبر عدد من المبدعين على مستوى الوطن. ثانياً: في رؤية السعودية 2030 يوجد برنامج تنمية القدرات البشرية، وهو من أهم برامج الرؤية، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان هو رئيس لجنة البرنامج. ويركز البرنامج على الاستثمار في المواهب والكفاءات الوطنية، وضمان المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل. وتعد مدارس الموهوبين من أهم الحاضنات لهذه المواهب وتنميتها، وتطويز التعليم بشكل عام، وتعزيز الابتكار ودعم الاقتصاد المعرفي وريادة الأعمال. ثالثاً: طلاب مدارس الموهوبين يتمتعون بقدرات فكرية متقدمة، وإذا توافرت لهم بيئة محفزة فسيكون لهم دور ريادي في تحسين جودة البحث العلمي، والمساهمة في الابتكارات التكنولوجية، وقد أثبتت هذه المدارس فائدتها في هذا المجال في كل من الولاياتالمتحدة والصين كوريا الجنوبية وغيرها من الدول المتقدمة التي تبنت إنشاء مدارس وأكاديميات للموهوبين. رابعاً: تقليل التحديات التي يواجهها الطلبة الموهوبون كالملل الأكاديمي وقلة التحديات، وضعف التحفيز، وهو ما يؤثر على دافعيتهم، ويقتل لديهم الشغف المطلوب لتنمية المهارات ورعايتها. مدارس الموهوبين توفر المناهج والبيئة المناسبة، وأساليب التدريس لإبراز قدراتهم ورعايتها. خامساً: الاقتصاد الحديث يعتمد على ما تنتجه العقول من تقنية حديثة كالذكاء الاصناعي والهندسة والطب. والاستثمار في الطلبة الموهوبين سيمكن المملكة من المنافسة على مستوى العالم، ويجعلها تحقق مراكز متقدمة في مؤشرات الابتكار والتنافسية العالمي. وتشير الدراسات إلى أن الاستثمار في تعليم الموهوبين يعود بفوائد اقتصادية كبيرة، حيث أن غالبية هؤلاء الطلاب يصبحون قادة ومبتكرين ورواد أعمال ناجحين. سادساً: دعم التنوع في مسارات التعليم حيث توفر هذه المدارس والأكاديميات خياراً إضافياً ضمن منظومة التعليم في المملكة، وهو ما يساعد على تحقيق تعليم يلبي جميع الاحتياجات. وما سبق ليس سوى مقتطفات من كتاب: "أكاديميات الموهوبين، أسس التخطيط والتنفيذ" للدكنور عبدالله الجغيمان الذي آمل أن يستفاد من تخصصه وعلمه الواسع في وزارة التعليم لهذا المجال المهم لإنشاء مدارس الموهوبين، وأكاديميات تابعة للجامعات.. وأن يتم التعاون والتوأمة مع مدارس الموهوبين في الدول المتقدمة.