شهد شهر مارس الفائت نشاطًا ثقافيًا لافتًا في المملكة العربية السعودية، حيث نفّذت وزارة الثقافة وهيئاتها المتخصصة سلسلة من البرامج والمبادرات النوعية، التي تعكس تنامي الحراك الثقافي محليًا، وتعزز الحضور السعودي في الساحة الثقافية العالمية، في ظل رؤية المملكة 2030 التي تضع الثقافة في قلب التنمية. وأطلقت المنظومة الثقافية «موسم رمضان»، الذي شمل باقة من الفعاليات الرمضانية المتنوعة في عدد من مدن المملكة، بهدف إحياء القيم الروحية والثقافية للشهر الكريم، وتعزيز ارتباط الأجيال بالموروث الثقافي المحلي في سياق معاصر يعكس روح التجديد والانفتاح. وفي إطار الحضور الدولي، نظّمت وزارة الثقافة ممثلةً بهيئة المتاحف معرض «الهوائي» للفنان السعودي أحمد ماطر في مدينة شنغهايالصينية، ضمن سلسلة المعارض العالمية التي تسعى إلى إبراز الإبداع السعودي المعاصر. وقدّم المعرض رؤية بصرية تتقاطع فيها الهوية المحلية مع التعبير الفني العالمي، ما أسهم في تعزيز حضور الفن السعودي في المحافل الدولية. وفي القطاع المعماري، أطلقت هيئة فنون العمارة والتصميم برنامج التميز الأكاديمي في تعليم العمارة والتصميم، الذي يستهدف دعم البيئة التعليمية في هذا المجال الحيوي، وتمكين طلاب الجامعات من الوصول إلى معايير تعليمية وبحثية متقدمة. كما شاركت الهيئة في معرض MIPIM العالمي في فرنسا، حيث استعرضت تجارب سعودية مبتكرة في تصميم المدن وتطوير المشهد الحضري. كما أعلنت هيئة المسرح والفنون الأدائية عن إطلاق النسخة الثالثة من مسابقة التأليف المسرحي، لتشجيع الكتّاب المحليين على إنتاج نصوص مسرحية جديدة تسهم في إثراء المحتوى المسرحي السعودي، وتمكين المواهب الإبداعية في الكتابة الدرامية. وشهد الشهر كذلك مشاركة المملكة في معرض لندن الدولي للكتاب 2025، بقيادة هيئة الأدب والنشر والترجمة، والتي سلّطت الضوء على الإنتاج الأدبي السعودي، وأبرزت جهود المملكة في دعم الترجمة، وصناعة النشر، وتوسيع الشراكات مع دور النشر العالمية. وفي مجال دعم المواهب السينمائية، أُطلقت النسخة الثانية من مبادرة «فيلماثون»، وهي منصة تنافسية لتصنيع الأفكار وتحويلها إلى مشاريع سينمائية قصيرة، بمشاركة شبابية واسعة تهدف إلى تنمية قدرات صنّاع الأفلام في المملكة، وتحفيز روح الإبداع والإنتاج تحت الضغط الزمني. وفي بعدٍ ثقافي بيئي، أطلقت هيئة الأزياء مبادرة «مستقبل الاستدامة» لإعادة تدوير الأزياء، والتي تهدف إلى رفع الوعي البيئي في قطاع الموضة، وتشجيع ممارسات إعادة الاستخدام والتدوير، بوصفها بُعدًا حضاريًا معاصرًا يُعيد تعريف العلاقة بين الإبداع والموارد، ويعزز ثقافة الاستهلاك المستدام. أما على صعيد التراث، فقد أعلنت هيئة التراث بالتعاون مع الهيئة الوطنية للتراث الثقافي في جمهورية الصين الشعبية، عن انتهاء أعمال التنقيب الأثري في ميناء السرين بمكةالمكرمة، أحد المواقع التاريخية المرتبطة بالنشاط التجاري البحري القديم. وتأتي هذه الأعمال ضمن جهود الهيئة لاكتشاف وتوثيق المواقع الأثرية التي تسهم في رسم الخريطة التاريخية للمملكة، وتعزيز حضورها في الذاكرة الإنسانية. وتعكس هذه الفعاليات والمبادرات تنوّع الحقول الثقافية التي تعمل عليها وزارة الثقافة، وتكامل الجهود بين المؤسسات والهيئات التابعة لها، ضمن استراتيجية تستهدف جعل الثقافة عنصرًا محوريًا في حياة المجتمع، ومصدرًا أساسيًا للنمو الإبداعي والمعرفي والاقتصادي في المملكة. جناح المملكة المشارك في معرض لندن الدولي للكتاب معرض «أحمد ماطر: الهوائي» من أعمال التنقيب الأثري في موقع ميناء السرين بمنطقة مكة المكرمة