أشاد معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى بالدور الدبلوماسي البارز الذي تلعبه المملكة العربية السعودية حالياً على الساحتين الإقليمية والدولية، داعيًا الولاياتالمتحدة إلى دعم ومساندة هذا الدور. وأشار المعهد، في تقرير مطول صدر حديثاً، إلى أن مصلحة واشنطن في أن تحوز السعودية على موقع رائد في العلاقات الدولية كونها صديق موثوق. واستضافت السعودية عددًا كبيرًا من الاجتماعات الدولية هذا العام، كجزء من جهد أوسع نطاقًا لامتلاك «قوة دبلوماسية عالمية مؤثرة»، حيث ترتكز استراتيجية الرياض الطموحة «رؤية 2030» لتنويع الاقتصاد السعودي على رغبة في ترسيخ مكانتها كلاعب رئيس يمكنه قيادة الدبلوماسية في الأزمات الدولية، وممارسة النفوذ في مجموعة واسعة من القطاعات، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. وتحقيق هذه المكانة يمكّن الرياض من لعب دور أكثر بروزًا في ضمان استقرار الشرق الأوسط مع تعزيز نفوذها أمام القوى الإقليمية الأخرى، وتحديدًا إيران. المشاركة الدبلوماسية السعودية في عام 2025 واستضافت المملكة العديد من الاجتماعات الثنائية والمتعددة الأطراف منذ يناير، وتشمل هذه الاجتماعات أول اجتماع مباشر رفيع المستوى بين روسياوالولاياتالمتحدة منذ سنوات، وقمة طارئة لجامعة الدول العربية لمناقشة خطط إعادة إعمار غزة بعد الحرب؛ واجتماع دولي لتأمين المساعدات لسوريا؛ كما كانت الرياض أولى الوجهات الخارجية للرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع والرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون. ومؤخرًا، استضافت الرياض الرئيس فلاديمير زيلينسكي هذا الأسبوع وسط مناقشات أميركية رفيعة المستوى لحل حرب أوكرانيا، وقد تُعقد قمة متابعة بين الرئيس ترمب وفلاديمير بوتين هناك أيضًا. وفي الشأن السوري، أصدرت الرياض فورًا بيانًا لدعم خيارات الشعب السوري، كما فتحت جسرًا جويًا أوصل مساعدات إنسانية بالغة الأهمية بسرعة، وأرسلت وفدًا من الديوان الملكي لمناقشة الدعم الاقتصادي للحكومة السورية الجديدة، وعقد بها اجتماعاً دولياً لمناقشة رفع العقوبات، حضرته دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى إلى جانب ألمانيا وسوريا وتركيا والمملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة ودول أخرى. وفي الشأن اللبناني، وبعد ثماني سنوات من التوترات الناجمة عن استياء الرياض من نفوذ طهران الهائل في لبنان، بدا أن بيروت قد تجاوزت منعطفًا في الأسابيع الأخيرة بتشكيل حكومة تعهدت بوضع مصلحة لبنان واللبنانيين أولوية مطلقة. ويبدو أن السعودية تلقت تلك البادرة الحسنة باستضافة محمد بن سلمان الرئيس عون الأسبوع الماضي، وأعادت تفعيل حزمة مساعدات أمنية بقيمة 3 مليارات دولار للجيش اللبناني، والتي كانت قد عُلقت منذ عام 2016 بسبب تصاعد الخلاف بشأن إيران. كما دعا بيانهما المشترك إلى نزع سلاح أي جماعات غير حكومية (أي حزب الله)، بالإضافة إلى انسحاب عسكري إسرائيلي كامل من جميع أنحاء لبنان. وبخصوص أوكرانيا، استضافت الرياض في 18 نوفمبر الماضي محادثات أميركية روسية بين وفدين برئاسة وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الخارجية سيرجي لافروف، حيث اتفقت الحكومتان على العمل معًا لإنهاء الحرب في أوكرانيا وتحسين علاقاتهما الاقتصادية والدبلوماسية، ثم حضر إليها الرئيس فولوديمير زيلينسكي في وقت سابق من هذا الأسبوع، وبعدها انعقدت جولة محادثات بين وفدين أميركي وأوكراني في جدة، مما قد يُمهّد الطريق لقمة ترمب وبوتين. ولا شك أن الرياض سعيدة بالتقارير التي أفادت بنجاح المحادثات، والتي أسفرت عن قبول الأوكرانيين وقف إطلاق نار لمدة ثلاثين يومًا (بشرط التزام روسيا)، واستئناف واشنطن للمساعدات الأمنية وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع كييف، وقد ساهم قرار الرياض بالبقاء على الحياد تجاه الحرب منذ البداية، وتجنبها إغضاب أي من الأطراف، في جعلها مكانًا مناسبًا لمثل هذه المفاوضات، مما حقق نجاحًا كبيرًا لحملة المملكة لتصبح وسيطًا عالميًا شرعيًا. التداعيات الإقليمية وينصح معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى السلطات الأميركية بدعم تطلعات الرياض في حل المشكلات المزمنة في الإقليم، ومساعدة المملكة في الاعتماد بشكل أكبر على قدرتها على الصعيد العالمي، يمكن أن يخدم اللجوء إلى الوساطة السعودية خلال أزمات مثل حرب أوكرانيا هدفين رئيسين للولايات المتحدة، وفق المعهد هما «تحسين فرص التوصل إلى حل إيجابي، ومنح المملكة الثقة التي تحتاجها للحصول على الشرعية العالمية». واختتم: «في الواقع، إن استقرار السعودية وازدهارها وتعاونها يتوافق تمامًا مع المصالح الأميركية العليا في تعزيز الأمن والازدهار الاقتصادي في الشرق الأوسط وخارجه، وذلك من خلال تعزيز الثقة بالشركاء الذين يعملون مع أميركا منذ سنوات».