توفيت قريبة لأحد معارفي نتيجة حسرة وكمد عميق على أطفالها الذين نشؤوا بعيدًا عنها بعد تنازلها عن الحضانة للهروب من سوء عشرة الزوج، بدعم من شقيقه الذي كان يقيم في العمارة ذاتها ويحرضه على كل صغيرة وكبيرة. كان طليقها -حاضن الأطفال- يتعمد قطع صلتهم بأمهم رغم وجود صك شرعي يلزمه بزيارتهم لأمهم في الأعياد وقضاء فترات الصيف معها، لكن الأب، الذي يفتقر إلى الأخلاق، لم يكترث بالالتزامات القضائية ولا الأخلاقية ولا الإنسانية، بل سعى لتحريض أبنائه ضد أمهم. نشأ الأطفال في بيئة مليئة بالعداء، حيث اعتبرت أمهم غريبة في نظرهم، ولم يروها ولم ترهم لعقد من الزمن حتى في أيام مرضها ودخولها المستشفى حيث وافتها المنية.. عاشت لحظاتها الأخيرة دون أن ترى عينها أو يلامس كفها أحداً من الثلاثة، وعاملوها بقلوب طفولية قاسية بإيعاز من أبيهم. هذه المأساة تعكس فشل الحاضن في فهم معنى الحضانة وقيم الأبوة، وتبرز ضعف الوازع الديني والأخلاقي والأعراف المحترمة مما يتطلب محاسبة أمثال هؤلاء الذين يزرعون الكراهية في نفوس أبنائهم، فهم يمارسون قطع الروابط الأسرية، مما يجعل من أطفالهم ضحايا لأخلاقهم السيئة، تاركين خلفهم جراحًا لا تشفى. يُنظر إلى الطلاق كأنه نهاية للعلاقة، لكنه يمثل بداية لمصاعب جديدة. يتجلى الألم في استخدام الأبناء كأدوات للانتقام، حيث يتحول «فلذات الأكباد» إلى سهام تستخدم ضد الطرف الآخر. هذه الديناميكية المؤلمة تُظهر كيف يمكن لمشاعر الفراق أن تتحول إلى صراعات مستمرة، مما يزيد من تعقيدات الحياة. يمكن أن يتحول بيت الحضانة إلى مكان لصناعة العداوة، حيث يستخدم المحرّضون كأداة لإثارة النزاعات.. ينتقل الأبناء والبنات إلى بيت الحاضن، سواء كان الأب أو الأم، لكن الحاضن لا يكتفي بتحريضهم على قطيعة الرحم بل يسعى لتوظيفهم في خلق عداوة مع الطرف غير الحاضن، يتضمن هذا التحريض أساليب مباشرة كالكلام السلبي، وأخرى غير مباشرة وهذه -حدّث ولا حرج-. قد يستعين الحاضن بالمحيطين به، من أعمام وأخوال وخالات، لتعزيز هذه العداوة، مما يسهم في تدمير الروابط الأسرية ويزرع مشاعر الكراهية والعداء في نفوس الأطفال، مما يجعل من الصعب عليهم بناء علاقات صحية في المستقبل. هؤلاء الأشخاص لا يقتصر شرهم على أنفسهم أو أبنائهم فحسب بل يسهمون في تدمير المجتمع من خلال نشر الأساليب المقيتة وتقديم عناصر بشرية سيئة للمجتمع. ليس كل بيوت الحضانة تعاني من سوء الأوضاع؛ فهناك نماذج مشرقة ومشرّفة تُظهر كيف يمكن أن تكون البيوت مكانًا آمنًا وداعمًا. تكمن المعضلة في تلك البيوت المليئة بمشاعر البغض والكراهية، التي تفتقر لأدنى معايير القيم والمبادئ.. هذه البيئات السلبية تؤثر سلبًا على نمو الأطفال، مما يستدعي ضرورة التصدي لهذه المشكلة وتوفير الدعم اللازم لبناء بيئات صحية ومشجعة.